facebook twitter rss
v





العودة  

جديد مواضيع منتديات بيت العرب الجزائري


قسم التاريخ الاسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-10-10, 12:33 PM   #1
hakimdima
مشرف الأقسام التعليمية


العضوية رقم : 10954
التسجيل : Jul 2016
العمر : 39
الإقامة : الجزائر
المشاركات : 6,072
بمعدل : 1.98 يوميا
الوظيفة : متعاقد
نقاط التقييم : 10
hakimdima is on a distinguished road
hakimdima غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي الإسلام ونظافة الثياب

اهتمام الإسلام بنظافة الثياب
اهتمَّ الإسلام بما يُلْبَسُ من ثياب؛ فالثياب النظيفة الجميلة تعود بالفائدة على صاحبها وعلى من يعيشون إلى جواره، بل على مَنْ يراه وإن كان لا يعرفه.

وحين تحدث القرآن الكريم عن نعمة الثياب، ذكر أنها تستر العورة وأنها زينة.

ففطرة الإنسان جُبلت على إخفاء العورة، بخلاف الحيوان والطير، وهذه الفطرة بحد ذاتها شيء جميل وإن كان ضروريًّا في ذاته. لما أكل سيدنا آدم من الشجرة هو وزوجته بدت لهما سوءاتهما، فلما انتبها {طَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْـجَنَّةِ} [الأعراف: 22]؛ "مما يوحي بأنها العورات الجسدية التي يخجل الإنسان فطرةً من تعريها، ولا يتعرى ويتكشف إلا بفسادٍ في هذه الفطرة"[1].

إذن، فالثياب فطرة وضرورة مغروسة في نفس الإنسان ويحتاج إليها، فتلك نعمة من الله تعالى، ولكنه سبحانه لفت نظرنا إلى ما فيها أيضًا من نعمة الجمال، ثم إلى جمال الباطن. يقول تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26].

لقد كان من أوَّل ما نزل من القرآن نجد قول الله : {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]، وما أروع أن يكون اهتمام الإسلام -من أَوَّل يومٍ نزل فيه للبشر- بظاهرهم كما يهتمُّ بباطنهم، فهو يقرن التوحيد بنظافة الإنسان فيقول: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 3، 4]. والطهور هنا للثياب بالمعنى الحسيّ وللذنوب والمعاصي كذلك، قال ابن كثير: "وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب، فإن العرب تطلق الثياب عليه"[2].

اهتمام الإسلام بالزينة
اهتم الإسلام اهتماما كبيرا بالزينة، فقد أرشد الله إلى اتخاذ الزينة فقال: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31]. وأنكرت الآية من لا يفعل {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32].

خذوا زينتكم عند كل مسجدومن العلماء من بالغ في فهم الآية {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] فاشترط أن تغسل النجاسة بماء الورد كما نقل قولهم الإمام الفخر الرازي في التفسير، وقالوا في شرح رأيهم: "أمرنا بالصلاة في قوله: {أَقِيمُوا الصَّلاَةَ} [الأنعام: 72]، والصلاة عبارة عن الدعاء، وقد أتى بها، والإتيان بالمأمور به يوجب الخروج عن العهدة، فمقتضى هذا الدليل أن لا تتوقف صحة الصلاة على ستر العورة، إلا أنَّا أوجبنا هذا المعنى عملاً بقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، ولبس الثوب المغسول بماء الورد على أقصى وجوه النظافة أخذ الزينة، فوجب أن يكون كافيًا في صحة الصلاة"[3].

وحين رأى النبي رجلاً عليه ثياب متسخة، قال: "أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ؟!"[4].

وكان النبي يحب الثياب البيضاء ويوصي بها، فيقول: "الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ، فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ"[5].

وفي سيرة النبي موقفان جديران بالتأمُّل: موقف رجل يحب الجمال ويحرص عليه إلى الحد الذي خشي فيه أن يكون ذلك هو الكِبر، وموقف رجل آخر لا يبالي به.

روى ابن مسعود أن النبي : "لاَ يَدْخُلُ الْـجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ. قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ: إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْـجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْـحَقِّ[6]، وَغَمْطُ النَّاسِ[7]"[8].

إنها المعادلة الدقيقة التي وضعها الإسلام، الحرص على الجمال والزينة مع الحرص ألاّ يؤثر هذا على النفس، ألاّ يدفعها للكبر، والكبر أن تنظر إلى الناس من علٍ، أن تتضخم النفس على حساب الآخرين. لا مانع أن تكون عظيم الجمال؛ لأن الله تعالى يحب الجمال، ولكن إيَّاك من ذرَّة من الكبر، ذرة واحدة فقط، قد تحرمك من دخول الجنة.

وفي هذا الأمر ليس هناك ورعٌ أو أخذ بالأحوط يدفع إلى ترك الجمال بالكليَّة. وهنا نتعرض للموقف الثاني الذي يرويه أبو الأحوص عن أبيه قال: "أتيت النبي في ثوب دُونٍ. فقال: أَلَكَ مَالٌ؟ قال: نعم. قال: مِنْ أَيِّ الْـمَالِ؟ قال: قد آتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق. قال: فَإِذَا آتَاكَ اللهُ مَالاً، فَلْيُرَ عَلَيْكَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللهِ وَكَرَامَتِهِ"[9].

وبهذا يخطّ الإسلام الوسطيَّة بين الإفراط والتفريط، بين الكبر والقبح، فالله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، لكنه يحرمُ من كان في قلبه ذرة من كبر أن يدخل الجنة.

لقد كان النبي يلبس أحلى الحُلل، ولقد عرفنا هذا حين ذهب ابن عباس كرسول من علي بن أبي طالب لمحاورة الخوارج الحروريَّة وإقناعهم بالحق، إنه لجدير أن نقف عنده وهو يختار أن يلبس لهذه المهمة أفضل ما لديه من ثياب. روى أبو داود عنه أنه قال: لما خرجت الحرورية أتيت عليًّا فقال: ائت هؤلاء القوم. فلبست أحسن ما يكون من حلل اليمن -قال أبو زميل: وكان ابن عباس رجلاً جميلاً جهيرًا- قال ابن عباس: فأتيتهم فقالوا: مرحبا بك يابن عباس، ما هذه الحُلَّة؟ قال: ما تعيبون عليَّ، لقد رأيت على رسول الله أحسن ما يكون من الحلل"[10].

عناية الإسلام بطهارة الثوب
لقد بلغ من عناية الإسلام بطهارة ونظافة الثوب أن كره النبي أن يأتي مسلم إلى الصلاة، وخصوصًا الجمعة، وعليه ثياب متسخة. حتى إنه ليوصي من يعمل في مهنة تتسخ فيها ثيابه أن يخصص أثوابًا نظيفة ليوم الجمعة. قال : "مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوْ اتَّخَذَ ثَوْبَيْنِ لِـجُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مَهْنَتِهِ؟!"[11].

ويعتبر الفقه الإسلامي الثوب نَجِسًا بمجرَّد وصول شيء من النجاسة إليه؛ كالبول والغائط والدم، ولا تصحُّ الصلاة فيه إلاَّ بعد أن تزول النجاسة؛ حتى لو كانت النجاسة قليلة، قال أَحمد بن حنبل رحمه الله عن الثوب الذي أصابه بول أو غائط: "يُعِيدُ الصلاة من قليله وكثيره". أي من قليل النجاسة أو كثيرها[12].

وكأنما لخص الإمام المناوي تلك القضية لما قال: "وتنظيف الثوب والبدن مطلوب عقلاً وشرعًا وعرفًا... وقد كانت ثياب شيخ الإسلام البرهان بن أبي شريف في غاية النقاء والنظافة والبياض إلى حدٍّ لا يبلغه ثياب الملوك في عصره، كأنه مع ثيابه قطعة نور.

والنظافة مما تزيد في العين مهابة، وفي القلب جلالة، وقد تهاون بذلك جمع من الفقراء حتى بلغ ثوب أحدهم إلى حد يذم عقلاً وعُرفًا، ويكاد يُذم شرعًا.. سوَّل الشيطان لأحدهم فأقعده عن التنظيف بنحو (نظِّفْ قلبك قبل ثوبك)، لا لنصحه بل لتخذيله عن امتثال أوامر الله ورسوله وإقعاده عن القيام بحق جليسه، ومجامع الجماعة المطلوب فيها النظافة، ولو حقق لوجد نظافة الظاهر تعين على نظافة الباطن، ومن ثَمَّ ورد أن المصطفى لم يتسخ له ثوب قَطُّ كما في المواهب وغيرها، قيل: لأنه لا يبدو منه إلا طيب"[13].

د. راغب السرجاني

[1] سيد قطب: في ظلال القرآن، 3/1269.

[2] ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 8/263.

[3] الرازي: التفسير الكبير 14/232.

[4] أبو داود: كتاب اللباس، باب في غسل الثوب وفي الخلقان (4062)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (493).

[5] أحمد (20166، 20213، 20231)، وصححه الألباني في الجامع الصغير (2115).

[6] بطر الحق: هو دفعه وإنكاره ترفعًا وتجبرًا.

[7] غمط الناس: احتقارهم.

[8] مسلم: كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه (91).

[9] النسائي: كتاب الزينة، باب الجلاجل (5224)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (254).

[10] أبو داود: كتاب اللباس، باب لباس الغليظ (4037)، وقال الألباني في التعليق على أبي داود: حسن الإسناد.

[11] أبو داود: كتاب الصلاة، باب اللبس للجمعة (1078)، وابن ماجه (1096)، وصححه الألباني في التعليق على أبي داود وابن ماجه.

[12] انظر: مسائل الإمام أحمد ص41، وهذا رأي غيره أيضًا من العلماء والفقهاء.

[13] المناوي: فيض القدير 2/285.

منقول


hakimdima غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الثياب, الإسلام, ونظافة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الإسلام ونظافة الثياب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هذا نبي الإسلام ح25 hakimdima قسم نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم 0 2016-08-29 12:33 PM
هذا نبي الإسلام ح26 hakimdima قسم نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم 0 2016-08-29 12:31 PM
هذا نبي الإسلام hakimdima قسم نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم 0 2016-08-29 12:30 PM
الإجازة في الإسلام hakimdima قسم التاريخ الاسلامي 0 2016-08-27 02:17 PM
سر الحرب على الإسلام الوميض القسم الاسلامي العام 1 2014-05-24 05:00 PM


الساعة الآن 05:37 PM


Designed & Developed by : kakashi_senpai
Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML