facebook twitter rss
v





العودة  

جديد مواضيع منتديات بيت العرب الجزائري


القسم الاسلامي العام


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-12-27, 08:25 PM   #1
غيثاء
المشرفة العامة

 
الصورة الرمزية غيثاء

العضوية رقم : 20
التسجيل : Sep 2012
العمر : 31
الإقامة : سطيف
المشاركات : 2,644
بمعدل : 0.60 يوميا
الإهتمامات : كل شيء
الوظيفة : باحثة عن العلم
نقاط التقييم : 3459
غيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond repute
غيثاء غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
q7 ~ كنوز منبرية ~

السلام عليكم

بسم الله الرحمان الرحيم



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ


كما نعلم جميعا...اهم يوم في الاسبوع لدى المسلمين هو الجمعة ..و هو يعتبر عيدا .وفيه تقام الصلاة و تتلى فيه الخطبة ..خطبة الجمعة ..كما هو متعارف ...
قبل الخوض في صلب الموضوع ..لنحاول معرفة المعنى الحقيقي لهذه الخطبة والهدف منها ...
خطبة الجمعة هي الاسم العرفي عند المسلمين للخطبتين اللتين يلقيهما الإمام قبل صلاة الجمعة. هي إحدى الشعائر الدينية لدى المسلمين في شتى بقاع العالم. على مذهب أهل السنة والجماعة. هي خطبتان ولها شروط عدّة. وللخطيب فيها شروط أيضًا تكون خطبة الجمعة قبل إقامة صلاة الجمعة في نفس اليوم المسماه به (الجمعة) ووقتها هو وقت صلاة الظهر في بقية أيام الأسبوع. عادة ما تكون خطبة الجمعة المنبر الإعلامي الإسلامي للطرح والتوجيه.. وعادةً ما تكون الخطبة مناسبة لأمر اجتماعي أو ديني كرمضان أو الحج أو أي أحداث أخرى.
معلومة تثقيفية ....

أول خطبة جمعة

أوّل خطبة جمعة خطبها رسول الإسلام في المدينة المنوّره في بداية هجرته إليها، ولم يخطب الجمعة في مكّة قبل الهجرة. أُوصيكم بتقوى الله، فإنّه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضّه على الآخرة، وأنّ يأمره بتقوى الله، فاحذروا ما حذّركم الله من نفسه، وإنّ تقوى الله لمن عمل بها على وجل ومخافة من ربّه عون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة، ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمره في السر والعلانية لا ينوي بذلك إلاّ وجه الله، يكن له ذكراً في عاجل أمره، وذخراً فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدّم، وما كان من سوى ذلك يودّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً، ويحذّركم الله نفسه، والله رؤوف بالعباد.

والذي صدّق قوله ونجّز وعده لا خلف لذلك فإنّه يقول (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ)، فاتّقوا الله في عاجل أمركم وآجله، في السر والعلاني، فإنّه من يتّق الله يكفّر عنه سيئاته، ويعظم له أجراً، ومن يتّق الله فقد فاز فوزاً عظيماً، وإنّ تقوى الله توقّي مقته، وتوقّي عقوبته، وتوقّي سخطه، وإنّ تقوى الله تبيّض الوجوه، وترضي الرب، وترفع الدرجة.

خذوا بحظكم، ولا تفرّطوا في جنب الله، فقد علّمكم الله كتابه، ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله اليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حقّ جهاده، هو إجتباكم وسمّاكم المسلمين، ليهلك من هلك عن بيّنة، ويحيى من حيّ عن بينة، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

فأكثروا ذكر الله، واعملوا لما بعد الموت، فإنّ من يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس، ذلك بأنّ الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه، ويملك من الناس ولا يملكون منه، الله أكبر ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.}}

الخطبة الثانية

«إنّ الحمد لله أحمده وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، إنّ أحسن الحديث كتاب الله تبارك والله، قد أفلح من زيّنه الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، وإختاره على ما سواه من أحاديث الناس، إنّه أحسن الحديث وأبلغه.
أحبّوا ما أحبّ الله، أحبوا الله من كل قلوبكم، ولا تملّوا كلام الله وذكرَه، ولا تَقْسُ عنه قلوبكم، فإنّه من كلِّ ما يخلق الله يختار ويصطفى، قد سمّاه الله خِيرتَه من الأعمال، ومصطفاه من العباد، والصالَح من الحديث، ومن كلّ ما أُوتي الناس من الحلال والحرام، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وإتقوه حقّ تقاته، وأصدُقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابّوا بروح الله بينكم إنّ الله يغضب ان يُنكَث عهده، والسلام عليكم.»




لذلك ارتايت ان نجعل من هذه الصفحة ..روضة لخطب الجمعة ..منها نفيد ونستفيد في نفس الوقت..و ستكون موضوعا متجددا ...كل اسبوع ....فكل يوم سبت اضع عنوانا للخطبة او بالاحرى الموضوع الذي ستكون حوله خطبة الجمعة...و ننتظر من الاعضاء التفاعل ...بوضع خطب منتقاة حول الموضوع المطروح


ارجو ان تنال الفكرة اعجابكم ..و تبعا لتجاوبكم معها سيتم انتقاء الموضوع الاول ....

دمتم في رعاية الله وحفظه

اختكم غيثاء


توقيع : غيثاء

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

مَنّ لأَيْمَلَكَ السَعَادَة في نَفَّسَه فُلَّنْ يجَدَّها في الخارََِج،
لِذَا تَعَلَّمَ كَيَّفَ تَكَوَّنَ سَعِيَداً حَتَّى لَوْ كنت وَحِيَداً،
فإذا أسَعِدَت نَفَّسَك أُسّتطعت أُسّعادََ ..
مَنّ هَمَّ مَنِّ حَوِلَك ، فَأْلِتَغْيِير يبُدّأ مَنّ الداخََِلَ !
غيثاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2012-12-27, 08:51 PM   #2
hànàne21

مراقبة عامة

 
الصورة الرمزية hànàne21

العضوية رقم : 134
التسجيل : Sep 2012
الإقامة : حًيــ،ث انـّ ــا الَانْ
المشاركات : 807
بمعدل : 0.18 يوميا
الإهتمامات : عًـ ـديدَة . . هـٍ ،ـي
الوظيفة : طـًالبة . . َو اسـعَى للنجـ ــًاحْ
نقاط التقييم : 1010
hànàne21 has much to be proud ofhànàne21 has much to be proud ofhànàne21 has much to be proud ofhànàne21 has much to be proud ofhànàne21 has much to be proud ofhànàne21 has much to be proud ofhànàne21 has much to be proud ofhànàne21 has much to be proud of
hànàne21 غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي رد: ~ كنوز منبرية ~

فكرــ’ة اكثر من جميلة عزيزتي غيثاء ،،

بارك الله فيك على الافادة والمبادرة الطيبة

وننتضر التفاعل منك ومن باقي الاعضاء

مودتـ]ي لك


توقيع : hànàne21

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

أَحْمِل بَرَاكيْنًا مِن الْمَشَاعِر وَحَنَانِي يَفُوْق الخوَاطِر
لَكِن حِيْن تَجْرحْنِي أَتَحَوَّل لِغَضَب انْثَى قَاهِر


hànàne21 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2012-12-27, 09:17 PM   #3
غيثاء
المشرفة العامة

 
الصورة الرمزية غيثاء

العضوية رقم : 20
التسجيل : Sep 2012
العمر : 31
الإقامة : سطيف
المشاركات : 2,644
بمعدل : 0.60 يوميا
الإهتمامات : كل شيء
الوظيفة : باحثة عن العلم
نقاط التقييم : 3459
غيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond repute
غيثاء غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي رد: ~ كنوز منبرية ~

و فيك بارك الله غاليتي ...اشكر لك تواجدك و تحفيزك ...دمت بخير غاليتي


توقيع : غيثاء

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

مَنّ لأَيْمَلَكَ السَعَادَة في نَفَّسَه فُلَّنْ يجَدَّها في الخارََِج،
لِذَا تَعَلَّمَ كَيَّفَ تَكَوَّنَ سَعِيَداً حَتَّى لَوْ كنت وَحِيَداً،
فإذا أسَعِدَت نَفَّسَك أُسّتطعت أُسّعادََ ..
مَنّ هَمَّ مَنِّ حَوِلَك ، فَأْلِتَغْيِير يبُدّأ مَنّ الداخََِلَ !
غيثاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2012-12-28, 06:17 PM   #4
غيثاء
المشرفة العامة

 
الصورة الرمزية غيثاء

العضوية رقم : 20
التسجيل : Sep 2012
العمر : 31
الإقامة : سطيف
المشاركات : 2,644
بمعدل : 0.60 يوميا
الإهتمامات : كل شيء
الوظيفة : باحثة عن العلم
نقاط التقييم : 3459
غيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond repute
غيثاء غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي رد: ~ كنوز منبرية ~

السلام عليكم

نظرا للحال الذي الت اليه امتنا الاسلامية ...و الوضع المخز الذي وصلنا اليه ..ستكون هذه الخطبة ..عن حال الامة ..اولى الخطب التي افتتح بها هذا الموضوع ..اتمنى لكم الاستفادة منها

خطبة (آمال الأمة المؤتمر الإسلامي )
سامي بن خالد الحمود

أما بعد .. عباد الله .. كيف كنا بالأمس ، وكيف أصبحنا اليوم؟
حينما انتصر المسلمون على الروم في وقعة اليرموك المشهورة ، وقف ملك الروم يسائل فلول جيشه المنهزم ، والمرارة تعصر قلبه ، والغيظ يملأ صدره: ويلكم، أخبروني عن هؤلاء الذين يقاتلونكم، أليسوا بشرًا مثلكم؟! قالوا: بلى أيها الملك، قال: فأنتم أكثر أم هم؟ قالوا: بل نحن أكثر منهم في كل موطن، قال: فما بالكم إذًا تنهزمون؟! فأجابه عظيم من عظماء قومه: إنهم يهزموننا لأنهم يقومون الليل ويصومون النهار ويوفون بالعهد ويتناصفون بينهم.
ولقد صدق ملك الروم وهو كذوب. إن تلكم السجايا العظيمة والخصال الكريمة كانت وراء ذلك العز والمجد التليد،.
هذه الخصال الرفيعة هي التي صنعت ملحمة الجهاد الكبرى، ورسمت ملامح النصر الباهرة، وأقامت حضارة الإسلام العالمية ، وانتقلت بأسلافنا تلك النقلة الضخمة، من عتبات اللات والعزى إلى منازل إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ؛ حيث الأرواح المتطلعة إلى السماء والنفوس السابحة في العلياء .. ولكن .
وما فتئ الزمان يدور حتى مضـى بالمجـد قوم آخرونَ
وآلَمني وآلـم كلَّ حـر سؤال الدهر: أين المسلمونَ؟
نعم ، أين المسلمون اليوم؟ أين تاريخهم ومجدهم؟.
لقد دار الزمان ، فتغيرت الحال، وهوت الأمة من العلياء ؛ لتستقر في الغبراء .
لقد أصبح المسلمون اليوم مع كثرتهم غثاءً كغثاء السيل، كما أخبر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأصبح زمام القافلة بيد أعدائها الذين تسلطوا على أبنائها وثرواتها .
كم صَرَّفَتنا يد كنا نُصَرِّفها وبات يملكنا شعب ملَكناه
عباد الله .. بالأمس الأول ، اُختتمت في مكة المكرمة أعمالُ القمة الاستثنائية لمنظمة المؤتمر الإسلامي تحت شعار "الدفاع عن الإسلام" ، حيث اجتمع قادةُ الأمة الإسلامية ووزراؤها لمناقشة أوضاع الأمة ، والسعي للخروج بها من النفق المظلم الذي تتخبط فيه .
هذه القمة التي تميزت بأن نخبة من العلماء والفقهاء قاموا بإعداد جدول أعمالها، بما يشمل التحديات التي تواجه الأمة ، والرؤية المستقبلية حول طرق التعامل معها .
نعم .. اجتمع القادة والمسؤولون ، وأنظار ما يزيد على مليار وثلاثمائة مليون من المسلمين محدقةٌ نحوهم ، يلتمسون بارقة أمل في الأفق ، بعد سيل من الرزايا والمشكلات ، التي حلَّت بهم وبإخوانهم .
إن الناظر في حال الأمة الإسلامية ، يدرك تماماً ما هي عليه من الضعف والتخلف ، المسلمون اليوم أعظم أهل الأرض ضيقاً في العيش ، وأشدهم مكابدة للحياة ، وأكثرهم تعرضاً للحروب الظالمة ، كما هو الحال في فلسطين المباركة التي تئن تحت مرارة المأساة، وآلام المعاناة، ولوعات الثكالى، وآهات اليتامى ، وصرخات الصغار، وصيحات التعذيب والحصار، وتصبح وتمسي على صفوف الأكفان المتتالية، والجنائز المتوالية، والبيوتات المهدَّمة، والمساجد المنتهَكة . وقل مثل ذلك في أماكن شتى من العالم الإسلامي.
وإذا كان هذا ما يصنعه أعداؤنا ، فإن ما يصنعه بعض أبنائنا وحكوماتنا وبني جلدتنا أعظم ، فيالعظم المفارقة ، وصدق الله إذ يقول: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) .
عباد الله .. إن الواجب على كل غيور على الأمة أن يشخص الداء قبل أن يصف الدواء ، وأن يكشف عن السبب الذي أوصل الأمة إلى هذه الحال.
ولقد شخص النبي صلى الله عليه وسلم داء الأمة اليوم ، وأجاب عن هذا السبب ببيان شافٍ ووافي ، حينما قال:" يا معشر المهاجرين ، خمسٌ إذا ابتليتم بهن ، وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يُعلنوا بها إلا فَشَا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مَضَتْ في أسلافهم الذين مَضَوا .. ولم ينقصوا المكيال والميزان ، إلا أُخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم .. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنِعُوا القَطْر من السماء ، ولولا البهائمُ لم يُمطروا .. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلَّط الله عليهم عدواً من غيرهم،فأخذوا بعض ما في أيديهم .. وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله ، إلا جعل الله بأسهم بينهم" .رواه ابن ماجه وحسَّنه الألباني .
إن الواجب على الأمة أن تعلم أن ما أصابها فإنما هو بسبب تقصيرها في جنب ملك الملوك، وتفريطها في الحكم بشريعته، واحترام أحكامها ومعالمها، والوقوف عند حدودها، وعدم تصدِّيها لرياح الإفساد ومسيرة التغريب التي نخرت في الأمة وشبابها وفتياتها، بعد أن خان المستأمَن، وفرط المستحفَظ، وغش المستودَع، في أعظم وديعة وأغلى أمانة، وهي حفظ الدين وتحصين مجتمعات المسلمين من عاديات التغريب وحملات التخريب.
إن أعداء الأمة لا يألون جهداً في تطويع العالم الإسلامي بتبعية الحياة الغربية، يساندهم في ذلك فسّاق مستغربون، ومنافقون علمانيون، تارةً بتأويل نصوص الوحيين ولوي أعناقها، وتارةً بالنيل من علماء الإسلام، وتارة بالنيل من الدعاة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وغمزهم ولمزهم والتطاول عليهم، واتهامهم بما ليس فيهم، وتارةً بالدعوة إلى الاختلاط، وتحرير المرأة .. يلبسون ثياب الإصلاح على أفئدة عشعش فيها النفاق ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لاَّ يَشْعُرُونَ .
إن أعداء الأمة لم يتقدموا عليها إلا بتأخرها ، ولم يتسلطوا عليها إلا بتخاذلها ، وبعدها عن منهج ربها، أَوَلَمَّا أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ، وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ .
وقد روى أبو داود وغيره بسند حسن عن أبي هريرة: ((توشك أن تداعى عليكم كما تداعى الأَكَلَة إلى قَصْعَتها))، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟! قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوَهْن))، قال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت)).
والناظر في أحوال المسلمين اليوم ، يجد أن هذه السمة هي الغالبة على أكثر الناس، ووالله لا يمكّن الله للمسلمين في الأرض حتى يصلحوا من حالهم ويرجعوا إلى دينهم، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ .
إن كثيرًا من المسلمين اليوم قد مالوا عن الجادَّة، وأصبحوا لا يحملون من الإسلام إلا اسمه، تراهم يدّعون الإسلام والإيمان وهم أبعد الناس عن ذلك؛ احتفالات بالموالد وأعياد الكفار وبناء على القبور وحج للأضرحة واحتكام إلى غير شرع الله، عقائدهم تغرق في أوحال الخرافة، وتصرخ من تفاقم البدعة.
تهالك على المادة، وطمع في المغانم، وإقبال على الدنيا، ونسيان للآخرة، وحين تنزل بهم نازلة أو تحل بهم مصيبة فعند القبور الملتجى وإليها المشتكى عياذًا بالله.
أما تحكيم غير شرع الله ، فإن كثيراً ممن يزعم الإيمان يعدونه مظهرًا من مظاهر التقدم والمدنية، وبابًا إلى الحضارة والانفتاح والعولمة.
وقد قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءامَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى ٱلطَّـٰغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَـٰلاً بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيْتَ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا .
قال ابن كثير: "هذا إنكار من الله عز وجل على من يدّعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله ، وهذه الآية ذامة لمن عَدَل عن الكتاب والسنة وتحاكم إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطاغوت هنا" اهـ.
ويقول ابن القيم:-لمّا أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة إليها واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما ، عرض لهم فسادٌ في فِطَرهم وظلمةٌ في قلوبهم وكَدَرٌ في أفهامهم ومَحْقٌ في عقولهم، فإذا رأيت هذه الأمور قد أقبلت وراياتها قد نُصبت وجيوشها قد رُكبت فبطن الأرض ـ والله ـ خير من ظهرها، ومخالطة الوحش أسلم من مخالطة الناس" اهـ .
أقول ما تسمعون وأستغفر الله وأتوب إليه إليه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ....
عباد الله .. وبعد أن شخصنا الداء ، لعلنا نتساءل بعد هذا: ما الحل؟ كيف تخرج الأمة من هذه الأوضاع المزرية؟. ما السبيل إلى النصر والتمكين؟ .
فأقول وبالله التوفيق: لقد وعد الله عباده بالنصر والتمكين إذا هم نصروه واتبعوا دينه ، فصححوا عقائدهم وأصلحوا أحوالهم بالرجوع إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم : يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ ، وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلأرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئًا ، وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلأرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَاتَوُاْ ٱلزَّكَـوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ .
إن سلفنا الصالح حينما حققوا شرائط هذه الآيات تحقق لهم مضمونها وما وُعدوا فيها. حينما حققوا التوحيد الصافي والإيمان الخالص ونصرة الله بإقامة شرعه صَدَقهم الله وعده، فنصرهم وثبت أقدامهم ومكّن لهم واستخلفهم في الأرض وأبدلهم من بعد خوفهم أمنًا. كانوا لا يرهبون الأعداء، ولا يخافون من قواهم المادية، يقابلون عَددهم بالشجاعة، وعُددهم بالإيمان والثقة بنصر الله ، وحينئذ تتهاوى أمام ذلك كله كل الأرقام والحسابات والمعادلات المادية والبشرية، إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِى يَنصُرُكُم مّنْ بَعْدِهِ .
عباد الله .. إذا أردنا الرفعة والنصر والتمكين ، فلنَعُد لربنا، ولنكن صادقين في عودتنا، صادقين في عقيدتنا، صادقين في عبادتنا، صادقين في تعاملنا.
إننا إن فعلنا ذلك مكّن الله لنا كما مكّن للذين من قبلنا، وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذّكْرِ أَنَّ ٱلأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّـٰلِحُونَ إِنَّ فِى هَـٰذَا لَبَلَـٰغًا لّقَوْمٍ عَـٰبِدِينَ ، إِنَّ ٱلأرْضَ للَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ .
عباد الله .. إن مسيرة الإصلاح تبدأ بإصلاح الذات ، فليَقُم كل واحد منكم بواجبه في مسيرة الأمة الإصلاحية، بإصلاح نفسه ، ثم إصلاحِ الأهل والقرابات، ثم سائرِ الفئات والطبقات .
كما يجب على قادة الأمة ومفكروها المبادرةُ بوضع خطة عمل للنهوض بالأمة ، تعالج أعظم ثلاث مصائب تنخر في جسد الأمة ؛ الجهل ، والفقر ، والمرض ، فهذه الثلاث ، باتت سيوفاً مُسْلَطَةً على رقاب شعوب عالمنا الإسلامي ، علاوة على ما فاقم هذه الرزايا من تسلط قوى الشر والاحتلال والاعتداء على مجتمعات المسلمين بغزوها فكرياً وعسكرياً واقتصادياً .
إن الشعوب الإسلامية اليوم لتتلهف لإصلاح التعليم المنحرف والإعلام العابث، الذي عانت من انحرافاته منذ انجلاء حقبة الاستعمار .
لقد سئمت الشعوب الإسلامية استجرار الأنظمة المستوردة المخالفة لشريعة الرحمن ، فلماذا الإصرار على مخالفة إرادتها ؟. وإلى متى يحال بين الشعوب الإسلامية وبين دين الله الحق ، تلك وهي متعطشة متلهفة لأحكامه ؟.
عباد الله .. إنّ على العلماء والدعاة والمصلحين دور كبير ، وواجب عظيم في نشرِ العلم، والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر، بهمَّة لا تعرف الفتور، وعزيمة لا تعرف العجْز، وقوة لا تعرف الضعف، وحكمة وحنكة لا تعرف التهور ، وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ .
وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية ...


توقيع : غيثاء

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

مَنّ لأَيْمَلَكَ السَعَادَة في نَفَّسَه فُلَّنْ يجَدَّها في الخارََِج،
لِذَا تَعَلَّمَ كَيَّفَ تَكَوَّنَ سَعِيَداً حَتَّى لَوْ كنت وَحِيَداً،
فإذا أسَعِدَت نَفَّسَك أُسّتطعت أُسّعادََ ..
مَنّ هَمَّ مَنِّ حَوِلَك ، فَأْلِتَغْيِير يبُدّأ مَنّ الداخََِلَ !
غيثاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2012-12-28, 08:33 PM   #5
محمد88


العضوية رقم : 427
التسجيل : Dec 2012
العمر : 36
المشاركات : 136
بمعدل : 0.03 يوميا
نقاط التقييم : 164
محمد88 has a spectacular aura aboutمحمد88 has a spectacular aura about
محمد88 غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي رد: ~ كنوز منبرية ~

بارك الله فيك


توقيع : محمد88
مــا لــي افـتـش فـــي الآفـــاق عـــن لـغــةٍوبـيــت شـعــر قـبـيـل الــيــوم مــــا طــرقــا
ومــــا وجــــدت ســـــوى لــغـــوٍ وقـولــبــةويـرســل الـشـعــر هــــذرا كـيـفـمـا اتّـفـقــا
شـــطّ الـشـقـي ومـــا أُنْـصِـفـتِ يـــا لـغـتــيأنغمض العين عن تبرٍ إذا سُرقا؟؟؟؟؟؟؟؟؟
محمد88 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2013-01-03, 03:16 PM   #6
غيثاء
المشرفة العامة

 
الصورة الرمزية غيثاء

العضوية رقم : 20
التسجيل : Sep 2012
العمر : 31
الإقامة : سطيف
المشاركات : 2,644
بمعدل : 0.60 يوميا
الإهتمامات : كل شيء
الوظيفة : باحثة عن العلم
نقاط التقييم : 3459
غيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond repute
غيثاء غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي رد: ~ كنوز منبرية ~

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

بسم الله الرحمان الرحيم

خطبة ..آفات اللسان

عبدالحميد الداغستاني




ملخص الخطبة

1- ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد.
2- رب كلمة وضعت صاحبها في النار.
3- الحث على قلة الكلام.
4- خطر اللسان على صاحبه وعلى بقية جوارحه.
5- أقوال الصحابة في حبس اللسان.
6- من آفات اللسان السب واللعن والفحش والكذب والبذاءة.




الخطبة الأولى



أما بعد: يقول الله عز وجل: إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ق:17-18].

أيها المسلمون: في هذه الآية تذكير للمؤمنين برقابة الله عز وجل التي لا تتركه لحظة من اللحظات، ولا تغفل عنه في حال من الأحوال، حتى فيما يصدر عنه من أقوال، وما يخرج من فمه من كلمات؛ كل قول محسوب له أو عليه، وكل كلمة مرصودة في سجل أعماله: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ق:17-18]. يسجله الملكان في الدنيا ويوم القيامة ينكشف الحساب ويكون الجزاء .

روى الإمام أحمد والترمذي عن بلال بن الحارث رضي الله عنه قال :

قال رسول الله : ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه ))(2).

ولذلك كان علقمة رحمه الله وهو أحد رواة هذا الحديث يقول: (كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث) فكان يمتنع عن كثير من الكلام حتى لا يسجل عليه قول أو ترصد عليه كلمة من اللغو الذي لا فائدة فيه: قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون [المؤمنون:1-3].

ومن هنا أيها الأخوة كان حرياً بالمسلم أن يضبط لسانه، ويسائل نفسه قبل أن يتحدث عن جدوى الحديث وفائدته؟

فإن كان خيراً تكلم وإلا سكت والسكوت في هذه الحالة عبادة يؤجر عليها، وصدق رسول الله إذ يقول: ((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) رواه البخاري ومسلم(2).

واللسان هو ترجمان القلب، وقد كلفنا الله عز وجل أن نحافظ على استقامة قلوبنا واستقامة القلب مرتبطة باستقامة اللسان، ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد: ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ))(3).

وروى الترمذي عن رسول الله قال: ((إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا ))(4).

أيها الأخوة في الله :

إن كثيراً من الأمراض التي تصيب العلاقات الاجتماعية من غيبة، ونميمة، وسب، وشتم، وقذف، وخصام، وكذب، وزور وغيرها … فللسان فيها أكبر النصيب، وإذا سمح الإنسان للسانه أن يلغو في هذه الأعراض وغيرها كان عرضة للنهاية التعيسة والإفلاس في الآخرة، وشتان بين إفلاس الدنيا وإفلاس الآخرة.

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: المفلس من أمتي من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ))(1)

وروى الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ((ثكلتك أمك يا معاذ. وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟ ))(2) أي جزاء ما تكلموا به من الحرام .

وبالمقابل أيها الأخوة فإن ضبط المؤمن للسانه ومحافظته عليه وسيلة لضمان الجنة بإذن الله، وهذا وعد رسول الله : ((من يضمن لى ما بين لحييه (يعني لسانه) وما بين رجليه (يعني فرجه) أضمن له الجنة ))(3) أخرجه البخاري .




أيها المسلمون :

لقد كان خوف السلف من آفات اللسان عظيماً. فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: (وما من شيء أحوج إلى طول سجن من لسان ). وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: أنصف أذنيك من فيك، فإنما جعلت أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تكلم به .

وقال عمر رضي الله عنه: من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به.

وكان ابن عباس رضي الله عنهما يأخذ بلسانه ويقول: ويحك قل خيرا تغنم، واسكت عن سوء تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم .

فاتقوا الله عباد الله واضبطوا ألسنتكم، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تتلفظوا، فما كان خيراً فتكلموا به، وما كان سوءاً فدعوه، واحذروا من آفات اللسان فإنها لا تزال بالمرء حتى تهلكه .

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً [الأحزاب:70-71].

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.




(2) صحيح البخارى : كتاب الأدب ، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره 7/ 79 . وصحيح مسلم : كتاب الإيمان ، باب الحث على إكرام الجار والضيف 2/ 18 .

(3) المسند 3/ 198 .

(4) سنن الترمذى : كتاب الزهد باب ما جاء فى اللسان 4/ 605 .

(1) صحيح مسلم : كتاب البر والصلة ، باب تحريم الظلم 16 / 135 .

(2) سنن الترمذى : كتاب الإيمان ، باب ما جاء فى حرمة الصلاة 5/ 12 .

(3) صحيح البخارى : كتاب الرقاق ، باب حفظ اللسان 7/ 184 .



الخطبة الثانية





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين ومن تبعهم واقتدى بهم إلى يوم الدين .

أما بعد فيا عباد الله :

إن آفات اللسان كثيرة ومتنوعة، منها ما نلاحظه في بعض المجالس والاجتماعات من بذاءة في الألفاظ وفحش فى الكلام، ومن سب ولعن وشتم بأساليب عديدة، تجري على الألسنة بسهولة ويسر، ودون تفكير في العاقبة، ولا تطيب المجالس عند البعض، ولا يحلو الحديث إلا بهذه الأساليب الساقطة التي تناقض الحياء الذي ينبغي أن يكون عليه المؤمن، والأنكى من ذلك والأشد أن بعض النفوس استمرأت عليه، ويرون أنه من باب المزاح والتسلية وقضاء الأوقات وتحلية المجالس، وما علم هؤلاء أنهم وقعوا بذلك في الفسق وأضاعوا أوقاتهم، وحملوا أنفسهم الأوزار .

يقول رسول الله : ((سباب المسلم فسوق ))(1)رواه البخاري ومسلم.

وفي الحديث الذي يرويه البيهقي: ((إن العبد ليقول الكلمة لا يقولها إلا ليضحك بها المجلس يهوى به أبعد ما بين السماء والأرض، وإن المرء ليزل عن لسانه أشد مما يزل عن قدميه ))(2).

ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((إياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ))(3).

ويقول فيما روى الترمذي: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء ))(1).

ويقول فيما يرويه البخاري: ((وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم ))(2).

نسأل الله العافية .

فاتقوا الله أيها المسلمون وراقبوا أقوالكم وأعمالكم ولا تدعوا للشيطان عليكم سبيلاً: وقل لعبادى يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً [الإسراء:53].

اللهم اجعل في قلوبنا نوراً وفي ألسنتنا نوراً وفي أسماعنا نوراً وفي أبصارنا نوراً برحمتك يا أرحم الراحمين .

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت .

اللهم طهر قلوبنا من النفاق وألسنتنا من الكذب والفحش يارب العالمين .

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.


(1)صحيح البخارى : كتاب الإيمان ، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر 1/ 17 . وصحيح مسلم : كتاب الإيمان باب سباب المسلم فسوق وقتاله كفر 2/ 54 .

(2) الجامع لشعب الإيمان 9/ 127 .

(3) صحيح مسلم : كتاب السلام باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام 14 / 147 .

(1) سنن الترمذى : كتاب البر والصلة باب ما جاء في اللعنة 4/ 350 .

(2) صحيح البخارى : كتاب الرقاق ، باب حفظ اللسان . 7/ 185 .




توقيع : غيثاء

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

مَنّ لأَيْمَلَكَ السَعَادَة في نَفَّسَه فُلَّنْ يجَدَّها في الخارََِج،
لِذَا تَعَلَّمَ كَيَّفَ تَكَوَّنَ سَعِيَداً حَتَّى لَوْ كنت وَحِيَداً،
فإذا أسَعِدَت نَفَّسَك أُسّتطعت أُسّعادََ ..
مَنّ هَمَّ مَنِّ حَوِلَك ، فَأْلِتَغْيِير يبُدّأ مَنّ الداخََِلَ !
غيثاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2013-01-04, 09:06 AM   #7
oussama 26

 
الصورة الرمزية oussama 26

العضوية رقم : 556
التسجيل : Jan 2013
العمر : 26
المشاركات : 94
بمعدل : 0.02 يوميا
الوظيفة : تلميذ
نقاط التقييم : 79
oussama 26 will become famous soon enough
oussama 26 غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي رد: ~ كنوز منبرية ~

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ


توقيع : oussama 26
ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
نحن مسلمون و لسنا كفار
oussama 26 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2013-01-18, 05:21 PM   #8
غيثاء
المشرفة العامة

 
الصورة الرمزية غيثاء

العضوية رقم : 20
التسجيل : Sep 2012
العمر : 31
الإقامة : سطيف
المشاركات : 2,644
بمعدل : 0.60 يوميا
الإهتمامات : كل شيء
الوظيفة : باحثة عن العلم
نقاط التقييم : 3459
غيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond repute
غيثاء غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
q30 رد: ~ كنوز منبرية ~

...السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته....

.....بسم الله الرحمان الرحيم....


ها هو مولد نبينا وحبيبنا ...المصطفى الكريم...خير الانام ...عليه افضل الصلاة والسلام.....محمد بن عبد الله .محمد المحمود ...صاحب الحوض المورود....و الفضل الممدود ...ازال الجهل واضاء الظلام .على الابواب ...لذلك.....ساقوم بتنزيل مجموعة من الخطب....عن حياته و مماته خصاله و عطائه....اتمنى لكم الاستفادة...و مولدا نبويا شريفا مباركا .....يعاد بالخير على كل الامة الاسلامية .....



...الخطبة الاولى.....

الحَمْدُ للهِ ثُمَّ الحَمْدُ للهِ، الحَمْدُ للهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الذينَ اصْطَفَى، الحَمْدُ للهِ الوَاحِدِ الأَحَدِ الفَرْدِ الصَّمَدِ الذي لَمْ يَلِدْ وَلم يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد. أَحْمَدُهُ تَعَالَى وَأَسْتَهْدِيهِ وَأَسْتَرْشِدُهُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهْوَ المُهْتَدْ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِدًا. وَالصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى سَيِّّدِ الأنْبِيَاءِ وَخَاتَمِ المُرْسَلِينَ مَنْ بَعَثَهُ رَبُّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ يَا مَنْ بَشَّرَ بِكَ المَلأ الأعْلَى قَبْلَ وِلادَتِكَ، الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ يَا مَنْ نَطَقَ الأنْبِيَاءُ بِالبَشَائِرِ بِبِعْثَتِكَ وَمَوْلِدِكَ، الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ يَا مَنْ بَشَّرَ بِمَوْلِدِكَ وَبِعْثَتِكَ الكُتُبُ السَّمَاوِيَّةُ كُلُّهَا. وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ولا مَثِيلَ لَهُ ولا مَكانَ لَه، أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً مُهْدَاةً لِلْعَالَمِينَ، أَقَامَ صُرُوحَ العَدْلِ وَحَارَبَ الظُّلْمَ دَعَا إلى عِبَادَةِ اللهِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ وَحَارَبَ الشِّرْكَ وَحَطَّمَ الأَوْثَانَ، نَشَرَ الأَخْلاقَ الحَمِيدَةَ وَحَارَبَ الرَّذِيلَةَ، دَعَا إلى مَكَارِمِ الأَخْلاقِ وَنَبْذِ التَّبَاغُضِ والتَّحَاسُدِ وَالتَّدَابُرِ والتَّنَافُرِ بَيْنَ المُؤمِنِينَ، تَحَوَّلَتِ الجَزِيرَةُ العَرَبِيَّةُ بِمَوْلِدِهِ وَازْدَانَتْ بِبِعْثَتِهِ فَصَارَتْ مَرْكَزَ إِشْعَاعِ نُورٍ وَهَدْيٍ وَبَرَكَةٍ وَأَسْرارٍ عَمّ عَلَى العَالَمِينَ. صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلامُهُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِي يَا أَبَا القَاسِمِ، صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلامُهُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ،
يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ في القَاعِ أَعْظُمُهُ فَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ القَـاعُ والأَكَمُ
نَفْسِـي الفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ فِيهِ العَفَـافُ وَفِيهِ الجُودُ وَالكَرَمُ
أَنْتَ الشَّفِيعُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ عِنْدَ الصِّـرَاطِ إذَا مَا زَلَّتِ القَدَمُ
وَصَـاحِبَاكَ فَلا أَنْسَـاهُمَا أَبَدا مِنِّي السَّلامُ عَلَيْكِمْ مَا جَرَى القَلَمُ

أيُّهَا الأَحِبَّةُ المُسْلِمُونَ، نَعِيشُ في ذِكْرى وِلادَةِ أَحَبِّ الخَلْقِ إلى اللهِ تَعَالى، نَعِيشُ في ذِكْرَى وِلادَةِ سَيِّدِ الخَلائِقِ العَرَبِ والعَجَمِ، نَعِيشُ في ذِكْرَى وِلادَةِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ صَلَواتُ اللهِ. مَا أُحَيْلاهَا مِنْ ذِكْرَى عَظِيمَةٍ، مَا أَعْظَمَهَا مِنْ مُنَاسَبَةٍ كَرِيمَةٍ عَمَّ بِهَا النُّورُ أَرْجَاءَ المَعْمُورَةِ، مَا أَعْظَمَهَا مِنْ حَدَثٍ حَوَّلَ تَاريخَ الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ مِنْ قَبَائِلَ مُتَنَاحِرَةٍ مُشَتَّتَةٍ يَفْتِكُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ يَتَبَاهُونَ بِالرَّذَائِلِ وَالمُحَرَّمَاتِ حَتَّى صَارَتْ مَهْدَ العِلْمِ والنُّورِ والإيمانِ، وَدَوْلَةَ الأَخْلاقِ وَالعَدْلِ وَالأَمَانِ بِهَدْيِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ. يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى في القُرءانِ الكَرِيمِ: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤمِنِينَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ﴾. هَذَا النَّبيُّ العَظِيمُ الذي سَعِدْنَا بِمَوْلِدِهِ وازْدَدْنَا فَرَحًا وَأَمْنًا وَأَمَانًا بِأَنْ كُنَّا في أُمَّتِهِ. هَذا النَّبيُّ العَظِيمُ طُوبى لِمَنِ التَزَمَ نَهْجَهُ وَسَارَ عَلَى هَدْيِهِ والتَزَمَ أَوَامِرَهُ وانْتَهَى عَمَّا نَهَى عَنْهُ. هَذَا النَّبيُّ العَظِيمُ الذِي جَعَلَهُ رَبُّهُ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إلى اللهِ بِإِذْنِهِ سِراجًا وَهَّاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا كَانَ أُمِيًّا لا يَقْرَأُ المَكْتُوبَ وَلا يَكْتُبُ شَيْئًا وَمَعْ ذَلِكَ كَانَ ذا فَصَاحَةٍ بَالِغَةٍ وَمَعْ ذَلِكَ كَانَ بِالمُؤمِنينَ رَؤُوفًا رَحِيمًا، كَانَ ذَا نُصْحٍ تَامٍّ وَرَأْفَةٍ وَرَحْمَةٍ، ذَا شَفَقَةٍ وَإِحْسَانٍ يُوَاسِي الفُقَرَاءَ وَيَسْعَى في قَضَاءِ حَاجَةِ الأَرَامِلِ والأيْتَامِ والمَسَاكِينِ وَالضُّعَفَاءِ، كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ تَوَاضُعًا يُحِبُّ المَسَاكينَ وَيَشْهَدُ جَنَائِزَهُمْ فَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ نَبيٍ وَمَا أَحْلاها مِنْ صِفَاتٍ عَسَانَا أَنْ نَتَجَمَّلَ بِمِثْلِهَا لِنَكُونَ عَلَى هَدْيِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ رَبُّهُ يَمْتَدِحُهُ: ﴿بِالمُؤمِنينَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ﴾. وَفي ذِكْرَى مَوْلِدِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لا بُدَّ لَنَا نَحْنُ أَهْلَ الحَقِ، لا بُدَّ لَنَا نَحْنُ المُسْلِمِينَ المُؤمِنينَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ أَنْ نُبَيِّنَ للخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ مِنَ النَّاسِ مَشْرُوعِيَّةَ الاحتِفَالِ بِالمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّريفِ، فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىءٌ". فَإِقَامَةُ المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ يُثابُ فَاعِلُهَا. وَكَيْفَ لا نَحْتَفِلُ بِمَوْلِدِ هَذا الرَّسُولِ العَظِيمِ واللهُ تَعَالى يَقُولُ في القُرءانِ الكَريمِ: ﴿وابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ﴾. نَتَوَسَّلُ إلى اللهِ بِصَلاتِنَا، نَتَوَسَّلُ إلى اللهِ بِأَحْبَابِهِ وَأَنْبِيائِهِ، نَتَوَسَّلُ إلى اللهِ بِحَبِيبِهِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ. وَقَدْ سُئِلَتِ الربيعُ بنتُ مُعَوّذٍ عَنِ النَّبيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَتِهِ فَقَالَتْ: "لَوْ رَأَيْتَهُ لَرَأَيْتَ الشَّمْسَ الطَّالِعَةَ" فَصَلَّى اللهُ عَلَى البَدْرِ المُنِيرِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "مَا رَأَيْتُ شَيئاً أَحْسَنَ مِنَ النَّبيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي في وَجْهِهِ وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْرَع مِنْ مَشْيِهِ مِنْهُ كَأَنَّ الأَرْضَ تُطْوَى لَهُ إنّا لَنَجْهَدُ وَإنَّهُ غَيرُ مُكْتَرِثٍ" وَأَمَّا زَوْجُهُ عَائِشَةُ أُمُّ المُؤمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فَقَدْ قَالَتْ في وَصْفِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا ولا سَخّابًا في الأَسْواقِ ولا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ" هَذا النَّبيُّ العَظِيمُ الذي بَعَثَهُ رَبُّهُ رَحْمَةً لِلعَالَمِينَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ الخَيرَ لِيَأمُرَهُمْ بِالبِرِّ بَيَّنَ لَهُمْ شَرِيعَةَ الإسْلامِ والإسْلامُ لَيْسَ فِيهِ مَا يُنَفِّرُ وَلَيْسَ بِحاجَةٍ لأنْ نَكْذِبَ لَهُ وَلا عَلَيْهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: "مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَينَ أَمْرَيْنِ إلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إثْمًا فَإنْ كَانَ إثْمًا كانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ تَعَالى". هَذا هُوَ النَّبيُّ العَظِيمُ فَمَا أُحَيْلاها مِنْ صِفَاتٍ كَريمَةٍ وَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ أَخْلاقٍ إِسْلامِيَّةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ وَمَا أَحْوَجَنَا للاطِّلاعِ عَلَى شَمَائِلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنُهَذِّبَ أَنْفُسَنَا وَنُطَهِّرَ جَوارِحَنَا لِنَتَوَاضَعَ فِيمَا بَيْنَنَا وَنَتَطَاوَعَ فَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللهِ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضطَجَعَ عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ الحَصِيرُ بِجِلْدِهِ الشَّرِيفِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ فَجَعَلْتُ أَمْسَحُهُ عَنْهُ وَأَقُولُ: بِأَبِي أَنْتَ وأُمّي يا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَبْسُطَ لَكَ شَيئاً يَقِيكَ مِنْهُ تَنَامُ عَلَيْهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَا لي وَلِلدُّنْيَا إنَّمَا أَنَا والدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا" هَاكُمْ أَوْصَافَ النَّبيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، هَاكُمْ أَخْلاقَ النَّبيِ وَشَمَائِلَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَهَلا تَأَثَّرْتُمْ بِسِيرَةِ خَيرِ الأَنَامِ، هَلا كُنْتُمْ مَعَ الضُّعَفَاءِ والأَرَامِلِ وَالمَسَاكِينِ، هَلا كُنْتُمْ للأيْتَامِ وَالفُقَرَاءِ وَالمُشَرَّدِينَ هَلا شَهِدْتُمْ جَنَائِزَ الفُقَراءِ قَبْلَ الأَغْنِياءِ والأَثْرِياءِ صَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً. أَقُولُ قَوْلي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ.

الخُطْبةُ الثانيةُ

الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ الرّحمنِ الرّحيمِ مالِكِ يومِ الدّينِ والصّلاةُ والسّلامُ على محمّدٍ الأمينِ وَعَلَى إلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطّيبينَ الطّاهِرِينَ وأشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ وأشهَدُ أنّ سيّدَنَا مُحَمّدًا عبدُهُ ورَسُولُهُ صلى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ رسولٍ أرسَلَهُ. أمّا بعْدُ عِبادَ اللهِ اتّقُوا اللهَ في السّرِ والعَلَنِ، واعْلَمُوا بأنّ اللهَ أَمَرَكُم بأَمْرٍ عَظيمٍ، أَمَرَكُم بالصّلاةِ على نبيِّهِ الكريمِ فَقَالَ: ﴿إنّ اللهَ وملائِكَتَهُ يُصلّونَ على النّبيِ يا أيُّها الذينَ ءامَنُوا صلّوا عَلَيْهِ وَسلِّمُوا تَسْليماً﴾ اللّهُمّ صلّ على محمدٍ وعلى ءالِ محمدٍ كما صلّيْتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ اللّهُمَّ بارِكْ على محمدٍ وعلى ءالِ محمدٍ كَمَا بَاركْتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ . اللّهُمّ يا ربّنا إنّا دَعَوْناكَ فاستجِبْ لَنَا دُعاءَنَا فاغفِرِ اللّهُمّ لنا ذُنُوبَنَا وإسْرَافَنَا في أمْرِنَا وَكَفِّرْ عنّا سيّئاتِنَا وَتَوَفَّنَا بِرَحمتِكَ مُؤمنينَ يا ربَّ العالمينَ. اللّهُم اغفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا اللّهُم اغفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا اللّهُم نَقِّنَا من الذُّنوبِ والخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبيَضُ مِنَ الدّنَسِ يا ربَّ العالمينَ اللّهُمّ عَلِّمْنَا ما جَهِلْنَا وذَكِّرْنَا ما نَسِينَا واجعَلِ القُرءانَ ربيعَ قُلُوبِنَا ونُوراً لأبْصارِنَا وَجَوَارِحِنَا وَتَوَفَّنَا على هَدْيِهِ وأكْرِمْنَا بِحِفْظِهِ واحْفَظْنَا بِبَرَكَتِهِ وَبَرَكَةِ نَبيِّكَ مُحمدٍ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ، اللّهُمّ ارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ الوَاسِعَةِ، اللّهُمَّ ارْحَمْنَا بِنَبِيِّكَ والقُرْءانِ، اللّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإسْلامِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإيمانِ يَا رَبَّ العَالمَينَ. اللّهُمَّ ارْزُقْنَا قَلْباً خَاشِعاً وَلِسَاناً ذَاكِراً وَجَوارِحَ طَائِعَةً يَا رَبَّ العَالَمينَ وَعَيْنَينِ هَطَّالَتَينِ بِالدَّمْعِ تَبْكِيانِ مَنْ خَشْيَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللّهُمَّ ءاتِ نُفُوسَنَا تَقْواهَا. وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيرُ مَنْ زَكَّاهَا. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلاةً تُفَرِّجُ بِهَا الكُرُبَاتِ عَنْ أُمَّتِهِ يَا رَبَّ العَالمَينَ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلاةً تُؤتِي بِهَا كُلاًّ مِنَّا سُؤْلَهُ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ. اللّهُمَّ شَفِّعْهُ فِينَا، اللّهُمَّ شَفِّعْهُ فِينَا، اللّهُمَّ شَفِّعْهُ فِينَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا شُرْبَةً بِيَدِهِ مِنْ حَوْضِهِ الطَّاهِرِ المُبَارَكِ يَا رَبَّ العَالمَينَ. اللَّهُمَّ وَاعْفُ عَنْ زَلاتِنَا اللَّهُمَّ وَارْحَمْ ضَعْفَنَا يَا رَبَّ العَالَمِينَ بِجَاهِ حَبِيبِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ. واغفِرِ اللّهُمَ للمُؤمنينَ والمؤمناتِ الأحْياءِ مِنهُم والأمواتِ إنّكَ سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدّعواتِ عِبادَ اللهِ إنّ اللهَ يأمُرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القُربى ويَنْهى عنِ الفَحْشاءِ والمُنكَرِ والبغْيِ يَعِظُكُمْ لعلّكُم تَذَكّرُونَ أُذكُرُوا اللهَ العظيمَ يَذْكُرْكُمْ واشكُرُوهُ يَزِدْكُمْ واسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ واتّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أمْرِكُمْ مَخْرَجاً وَأَقِمِ الصّلاةَ.


توقيع : غيثاء

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

مَنّ لأَيْمَلَكَ السَعَادَة في نَفَّسَه فُلَّنْ يجَدَّها في الخارََِج،
لِذَا تَعَلَّمَ كَيَّفَ تَكَوَّنَ سَعِيَداً حَتَّى لَوْ كنت وَحِيَداً،
فإذا أسَعِدَت نَفَّسَك أُسّتطعت أُسّعادََ ..
مَنّ هَمَّ مَنِّ حَوِلَك ، فَأْلِتَغْيِير يبُدّأ مَنّ الداخََِلَ !
غيثاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2013-01-18, 05:54 PM   #9
غيثاء
المشرفة العامة

 
الصورة الرمزية غيثاء

العضوية رقم : 20
التسجيل : Sep 2012
العمر : 31
الإقامة : سطيف
المشاركات : 2,644
بمعدل : 0.60 يوميا
الإهتمامات : كل شيء
الوظيفة : باحثة عن العلم
نقاط التقييم : 3459
غيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond repute
غيثاء غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي رد: ~ كنوز منبرية ~

....السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.....

.....بسم الله الرحمان الرحيم......


خطبة : المولد النبوي



أحمد حسين الفقيهي



ملاحظة : لقد كان أعداء الله من الكفار والمنافقين وغيرهم يفرحون بإقامة مثل هذه البدع؛ لأنهم يعلمون أنه متى أحدثت في الدين بدعة ماتت مقابلها سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأوضح نموذج لذلك ما ذكره الجبرتي من أن نابليون أمر الشيخ البكري بإقامة الاحتفال بالمولد، وأعطاه ثلاثمائة ريال فرنسي، وأمده بتعليق الزينات، بل وحضر بنفسه الحفل من أوله إلى آخره، ويعلق الجبرتي على اهتمام الفرنسيين بالاحتفال بالموالد ..



عباد الله:
لكل أمة عظماء، سطر التاريخ مآثرهم و أظهر أعمالهم وخلد سيرهم وحياتهم ليكونوا نبراساً لمن بعدهم في علمهم وعملهم وجهادهم وأخلاقهم، ولقد اعتادت كثير من الأمم والملل إحياء ذكرى عظمائهما، فيخصصون يوماً يوافق يوم مولدهم أو يوم وفاتهم لتذكير شعوبهم وأتباعهم بسير هؤلاء العظماء آملاً ألا يموت ذكرهم ولا تنسى أسماؤهم.

أيها المسلمون: في مثل هذا الشهر تمر ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم الذي بدد الله به جميع الظلمات، فهدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وأرشد به من الغواية،

نورً من الرحمـن أرسله هُـدى *** للناس فأزدهر الزمان وأينعا
دع عنك إيواناً لكسرى عندمـا *** هتفوا بمولده هوى وتصدعا
واذكره كيف أتى شعوباً فُرقت *** أهواؤها كلًُ يصحح ما أدَّعا
فهداهـم للحق حتى أصبحـوا *** في الله أخوانـاً تراهم ركعاً


عباد الله: في مولد النبي صلى الله عليه وسلم انقسم الناس إلى طرفي نقيض، طائفة شرقت بخروجه وإخراجه الناس من الظلمات إلى النور وتمنت بقاء البشرية واستمرارها في عبادة الأحجار والأوثان، وطائفة أخرى غلت واتخذت من ذلك اليوم عيداً وفرحاً يتكرر كل عام بتكرار تاريخ ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم.

أيها المسلمون: إن أول من سن وابتدع الاحتفال بالموالد هم الرافضة ملوك الدولة الفاطمية التي انتسبت كذباً وزوراً إلى فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، ففي القرن الرابع الهجري ابتدع الخليفة الفاطمي العبيدي فكرة الاحتفال بالموالد، واحدث مع المولد النبوي أربعة موالد أخرى: مولد لعلي، وآخر لفاطمة، وثالث للحسن والحسين ورابع لمن يحكم من العبيديين، ثم توسعوا في إحداث الموالد والمناسبات البدعية الأخرى.

عباد الله: إن هذه الدولة التي أحيت وابتدعت المولد النبوي دولة كافرة فاسقة بإجماع المحققين من أهل العلم، عطلت الإسلام وجحدت السنن والآثار، وفي ولايتهم أرغم المصريون على سب أبي بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين، ومنع الناس من صلاة التراويح، ومن السعي لطلب الرزق نهاراُ وانتشر الرعب والقتل حتى أكل الناس في زمانهم بعض البهائم والحيوانات.

وهذه الدولة يرى بعض العلماء -ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله- أنها تنحدر من أصل يهودي أو مجوسي، ولم تعرف الأمة هذا الموالد قبل هذه الدولة فهل هي أهلُ للإقتداء بها.

أيها المسلمون: في يوم المولد المزعوم يتم الاحتفال بنظام وتقليد معين، حيث تقام فيه شعائر مخصوصة وتلقى أشعار تتضمن الشرك الصريح والكذب الواضح وعند مقاطع معينة من هذا الشعر يقوم الحاضرون قياماً على أرجلهم زاعمين أن النبي صلى الله عليه وسلم يدخل عليهم في هذه اللحظة فيمدون أيديهم للسلام عليه.

ويوضع كأس للنبي صلى الله عليه وسلم ليشرب منه حين قدومه إليهم، ويجعلون مكاناً خاصاً ليجلس فيه النبي صلى الله عليه وسلم بجانب كبيرهم الذي يدعي أنه من نسله، ثم بعد ذلك يبدأ التذكير بقراءة سيرته وحياته صلى الله عليه وسلم ويصاحب القراءة هز للرأس والجسم شمالاً ويميناً، وربما اجتمع الرجال والنساء جميعاً مع مشاركة للمعازف وآلات الموسيقى في مثل هذه الاحتفالات، فهل بمثل هذه المنكرات والمخالفات يكون إحياء ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم؟

عباد الله: إن أصحاب هذه الموالد البدعية يتشبهون من حيث لا يشعرون بأعداء الله النصارى حيث كان في البلاد التي جاور فيها المسلمون النصارى كالشام ومصر، يحتفل النصارى بعيد ميلاد المسيح في يوم مولده، وميلاد أسرته، فسرت تلك البدعة إلى المسلمين، قال الحافظ السخاوي رحمه الله تعالى: "كان أهل الصليب اتخذوا ليلة مولد نبيهم عيداً أكبر" أ.هـ، ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التشبه بأعداء الدين فقال صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم"، أخرجه الإمام احمد وأبو داوود وحسنه الحافظ ابن حجر رحمه الله.

لقد كان أعداء الله من الكفار والمنافقين وغيرهم يفرحون بإقامة مثل هذه البدع؛ لأنهم يعلمون أنه متى أحدثت في الدين بدعة ماتت مقابلها سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأوضح نموذج لذلك ما ذكره الجبرتي من أن نابليون أمر الشيخ البكري بإقامة الاحتفال بالمولد، وأعطاه ثلاثمائة ريال فرنسي، وأمده بتعليق الزينات، بل وحضر بنفسه الحفل من أوله إلى آخره، ويعلق الجبرتي على اهتمام الفرنسيين بالاحتفال بالموالد عموماً بما رآه الفرنسيون في هذه الموالد من الخروج عن الشرائع، واجتماع النساء، وإتباع الشهوات والرقص وفعل المحرمات... ا.هـ رحمه الله.

أيها المسلمون: إن البعض إذا أبصر هنا أعداد المحتفلين داخله الشك وقال لو كان منكر ما فعله الناس كلهم فيقال: إن فعل الكثير من الناس لا يدل على أنه حق بل قد ذم الله سبحانه الكثرة في القرآن فقال سبحانه: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) [الأنعام: 116]الآية، قال الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى: "ولما كانت البدع والمخالفات وتواطأ الناس عليها صار الجاهل يقول: ولوكان هذا منكراً لما فعله الناس".

ثم نقل ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم: "إن من اعتقد أن أكثر هذه العادات المخالفة للسنن مجمع عليها بناء على أن الأمة أقرتها ولم تنكرها فهو مخطئ في هذا الاعتقاد، فإن لم يزل ولا يزال في كل وقت من ينهى عن عامة العادات المحدثة المخالفة للسنة ولا يجوز دعوى إجماع عمل بلد أو بلاد من بلدان المسلمين فكيف بعمل طوائف منهم..." الخ كلامه رحمه الله تعالى.

عباد الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الشأن لم يحتفل بمولده في حياته، بل ولم يأمر بذلك أحداً من الناس وهو المبلغ للدين، ولم يمت صلى الله عليه وسلم حتى أكمل الله به الدين، قال الإمام مالك رحمه الله: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة"، لأن الله تعالى قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) [المائدة: 3] الآية، فما لم يكن يومئذ ديناً، فلا يكون اليوم ديناً" انتهى كلامه رحمه الله.

أيها المسلمون: لقد ضرب الصحابة رضوان الله عنه المثل الأعلى في حبهم للحبيب صلى الله عليه وسلم؛ فها هو عمر بن العاص رضي الله عنه -كما في صحيح مسلم- يقول: "ما كان أحد أحب إلي من رسول صلى الله عليه وسلم، ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه"، هذا مثال واحد لحب الصحابة رضوان الله عليهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلماذا لم يحتفلوا بمولده، ثم أليس في عدم احتفالهم اتهام لهم عند من يرى الاحتفال بأنهم لا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم.
فسر خلف أصحاب الرسول فإنهـم *** نجوم هدى في ضوئها يهتدي الساري
وعج عن طريق الرفض فهو مؤسس *** على الكفر تأسيساً على جرف هـار





الخطبة الثانية:

عباد الله: إن تحديد مولد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن محل عناية السلف، ولا موضع اهتمامهم لذلك اختلفوا في تحديد يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم بعد اتفاقهم على ولادته في عام الفيل وسبب اختلافهم أن الأمة الإسلامية كانت أمية لا تكتب ولا تحسب وإنما يحسبون بالنجوم والفلك.

فجمهور العلماء على أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول أما تاريخ ذلك اليوم فقال البعض ولد في اليوم الثاني من شهر ربيع الأول وقيل بل ولد في اليوم التاسع منه، والتاريخ الذي رجحه المحققون من أهل التاريخ والسير أنه صلى الله عليه وسلم ولد في يوم الاثنين الثامن من شهر ربيع الأول.

عباد الله: أما وفاته صلى الله عليه وسلم فهي محل اتفاق بين أهل العلم حيث توفى صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة النبوية، وعلى هذا يقال للمحتفلين بالمولد النبوي إن احتفالكم في يوم الثاني عشر من ربيع الأول إساءة أدب وجفوة للرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم في الحقيقة يحتفلون بموته صلى الله عليه وسلم، وصاحب العقل السليم يدرك أن الفرح في تلك الليلة بمولده ليس بأولى من الحزن على وفاته صلى الله عليه وسلم فإن الأمة ما أصيبت بأعظم من فقده صلى الله عليه وسلم.

عباد الله: إن هذه البدعة التي أحدثها الجاهلون يعرف الجميع في هذه البلاد -ولله الحمد- حكمها وكلام العلماء حولها لكن التنبيه عليها مهم لعدة أمور:

أولا: أنها تفعل في كثير من البلدان المجاورة لنا حتى أصبحت عادة مألوفة عند بعض من يعيش بين أظهرنا.

ثانياُ: صورتها الصوتية والمرئية تصل إلينا عبر الإذاعات والفضائيات بل ويصلنا ذكرها وصور من يشترك فيها عبر الجرائد والمجلات، فربما يعتد بها بعض الجهال عند سماع صوت القائمين عليها أو رؤية صورهم فيستحسن أمرها ويحاول المشاركة فيها وربما دعمها.

ثالثا: بعض من يفد إلى هذه البلاد يقيم هذا الاحتفال ويدعو إليه وربما يتشرب القناعة بها بسبب تزيين القائمين عليها.
وأخيراً: لنا في حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قدوة حيث كان يسأل عن الشر مخافة أن يقع فيه.

عرفت الشر لا للشر ولكن لتوفيه *** ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه

صلوا وسلموا على الرحمة المهداة.


توقيع : غيثاء

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

مَنّ لأَيْمَلَكَ السَعَادَة في نَفَّسَه فُلَّنْ يجَدَّها في الخارََِج،
لِذَا تَعَلَّمَ كَيَّفَ تَكَوَّنَ سَعِيَداً حَتَّى لَوْ كنت وَحِيَداً،
فإذا أسَعِدَت نَفَّسَك أُسّتطعت أُسّعادََ ..
مَنّ هَمَّ مَنِّ حَوِلَك ، فَأْلِتَغْيِير يبُدّأ مَنّ الداخََِلَ !
غيثاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2013-02-14, 09:24 PM   #10
غيثاء
المشرفة العامة

 
الصورة الرمزية غيثاء

العضوية رقم : 20
التسجيل : Sep 2012
العمر : 31
الإقامة : سطيف
المشاركات : 2,644
بمعدل : 0.60 يوميا
الإهتمامات : كل شيء
الوظيفة : باحثة عن العلم
نقاط التقييم : 3459
غيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond reputeغيثاء has a reputation beyond repute
غيثاء غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
q30 رد: ~ كنوز منبرية ~

السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته

بسم الله الرحمان الرحيم


خطبة :
عيد الحب



مصطفى بن سعيد إيتيم


ملخص الخطبة


1- كمال الدين وتمام النعمة.
2- محاسن الإسلام.
3- مكر اليهود والنصارى بالأمة الإسلامية.
4- حال المسلمين اليوم.
5- حقيقة عيد الحب وحكمه.
6- تحريم موالاة الكفار والاحتفال بأعيادهم.
7- ضلال عقيدة النصارى.
8- معنى الحب في الإسلام.
9- تلبيس أعداء الدين.



الخطبة الأولى



أما بعد:
أيها المؤمنون:
إن الله سبحانه قد حبانا بدين عظيم، وهدانا إلى صراط مستقيم، فيه الغنية والكفاية، وبه السعادة والهداية، منه الأمن والسلام، وإليه الحب والوئام، من تمسك به أعزه الله بقدر ما تمسك وأخذ، ومن تهاون أذله الله بقدر ما ترك وجحد.
إن الدين قد كمل فلا نفتقر بعده إلى مقنِّن مشرِّع، وإن النعمة قد تمت فلا نحتاج معها إلى عيد مفرِّح، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا [المائدة: 3].
ديننا ـ أيها المؤمون ـ أكمل الأديان وأفضلها، جمع بين مصالح الأولى والأخرى، خدم الروح ولم يغفل الجسد، وأمَّ الآخرة ولم يهمل الدنيا قال تعالى: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا [القصص: 77].
ديننا ـ أيها المؤمنون ـ دين الوسطية؛ لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا إسراف ولا تقتير، لا غواية فيه ولا رهبانية، ولا غلو ولا تقصير وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا [البقرة: 143].
فبالله عليكم كيف يرضى المسلم لنفسه أن يضيّع هذه المكانة التي جعلها الله بين يديه، وأن يرضى بالهوان والكتاب والسنة نصب عينيه؟! أم كيف يرضى لنفسه الأبيّة أن يكون مقودًا بعدما كان قائدًا، وأن يكون مقلِّدًا بعدما كان مرشدًا؟ كيف يرضى لنفسه أن يصبح ضالاً بعدما كان دالاً، وأن يصير عبدًا مطيعًا بعدما كان سيّدًا؟ ولكنه قول النبي : ((لتتبعنّ سَنَنَ من كان قبلكم شبرًا بشر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبّ تبعتموهم))، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟))[1].
أيها المسلمون:
ليس بخاف عليكم مكر اليهود والنصارى بالأمة الإسلامية، ومحاولتهم القضاء على قيمها ومبادئها الأخلاقية، إنهم يبذلون في ذلك أعزّ أوقاتهم وأنفس أموالهم، سخّروا لذلك العقول والطاقات، وسطروا المناهج والمخططات، ولقد ـ والله ـ أصابت سهامهم، وأثخنت رماحهم، كيف لا؟ والسنة الكونية تقول: من جدّ وجد، ومن زرع حصد. فصرنا اليوم نرى مظاهر ما كنا نراها بالأمس القريب، صرنا نرى التفنّن في السفور والإمعان في التبرّج، صرنا نرى الجرأة على الدين، والتبجّح بالمعاصي.
اذكروا معي ـ رحمكم الله ـ قبل بضع عشرة سنة كيف كانت المبادئ الأخلاقية والقيم المرضية منتشرة في المجتمع، كان الحياء والعفاف هو السائد في هذا المجتمع، كان الشاب لأن يحمل فوق ظهره جبلاً أهون عليه من أن يراه من يعرفه يمشي مع فتاة، وكذا شأنها هي بل أشد؛ إذا دخلا حيًا من الأحياء طردهما سكانه، وإذا مشيا بين الناس كان شزَر أعينهم إليهما أشدَّ عليهما من الكلام اللاذع، ثم انظروا إلى ما صرنا إليه اليوم، واعتبروا يا أولي الألباب.
وهاهي جيوش الكفر وجنود الإلحاد تَكِرّ من جديد، وتروّج لعيد ما أمكَرَه من عيد، عيدٍ سموه بغير اسمه تدليسًا وتلبيسًا، سمّوه باسم شريف، ليروج على التقي النقي العفيف، سموه عيد الحب وهو في الحقيقة عيد الخنا والرذيلة والعهر، ينشرون الرذائل في أثواب الفضائل، وهذه سنة إبليسية قديمة، فضحها الله تعالى وكشف أمرها لعباده المؤمنين، فقال عن مكر إبليس بأبينا آدم وأمنا حواء: وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين [الأعراف: 152].
فاحذروا أيها المسلمون، احذروا المضِلَّ الخائن الذي يأتي في لباس الناصح الأمين، إنه لو جاء في ثوبه، ما أدرك مطلوبه ولا وصل إلى إربه،ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين [الأنفال:30].
وللأسف الشديد لقد غُرّر بكثير من الشباب والفتيات لضعف إيمانٍ منهم ونقص توجيهٍ وإرشادٍ من الدعاة الناصحين، غُرّر بهم فاغترّوا بهذا العيد، وراحوا يحتفلون به ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ألا فليعلموا وليعلم كل مسلم أن الاحتفال بهذا العيد من أعظم البدع الكفرية، وأنه محرّم في دين الإسلام، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم المعتبرين، إنه لو كان هذا العيد من إحداث المسلمين لكان الاحتفال به حرامًا لقوله : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[2]، ولقوله ـ لما جاء إلى المدينة ووجد أهلها يلعبون في يومين هما من أعياد الجاهلية ـ: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر))[3]، إنه لو كان هذا العيد من ابتداع المسلمين لكان الاحتفال به حرامًا فكيف وهو من ابتداع الكافرين الضالين؟ أما كفى الدعاةَ إلى الله ـ يا عباد الله ـ أن يحاربوا البدع التي أحدثها المسلمون بعد نبيهم، حتى تشغلوهم بالبدع التي أحدثها المشركون في أديانهم؟.
فاتقو الله يا عباد الله، اتقوه وابتغوا رضاه، واجتنبوا سخطه.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية



الحمد لله شرع لنا دينًا قويمًا، وهدانا صراطًا مستقيمًا، الحمد لله أكرمنا بالإيمان، وفضل ديننا على سائر الأديان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حذرنا من مشابهة الكفار وموالاتهم، فقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين [المائدة: 57].
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله القائل: ((من تشبه بقوم فهو منهم))[4].
صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها المسلمون:
اعلموا أن الأعياد من شعائر الأديان، فمن دان بدين احتفل بأعياده، ولم يحتفل بأعيادِ سواه، واعلموا أن للضلال سبلاً، أخصرها موالاة الكفار، فإن كان للموالاة دليل، فدليله تقليدهم، فإن كان للتقليد عنوان، فعنوانه الاحتفال بأعيادهم.
فكيف يرضى مسلم بعد ذلك؛ كيف يرضى لنفسه ولمن يعول ويرعى أن يحتفل بعيد فسقي بدعي كفري، عيد الحب المزعوم؟ كيف يرضى أن يحتفل بعيد القسيس فالنتاين الذي يسبّ إلهنا ويقول: إنه ثالث ثلاثة، وإنه اتخذ صاحبة وولدًا، تعالى الله عما يقول الأفاكون علوًا كبيرًا.
ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل: وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا لقد جئتم شيئًا إدًا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدًا أن دعوا للرحمن ولدًا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدًا إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا لقد أحصاهم وعدهم عدًا وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا [مريم: 88 ـ 95].
فاحذر يا عبد الله، احذر أن تكون السماء والأرض والجبال أغير منك على الله تعالى، احذر أن تكون هذه الجمادات أفضل منك إذا أنت لم تكترث لما يقوله الأفاكون المبطلون، فرُحْت تحتفل بهذا العيد أو بغيره من أعيادهم الباطلة الزائفة.
أيها المسلمون:
إنه مهما تكلم الضالون عن الحب، ومهما مجَّدوه وعظَّموه واحتفلوا به، فنحن أولاهم به، نحن أولى الناس بالحب؛ عَقْدُ الدين مبني عليه، وأساس الإيمان راجع إليه، لا يؤمن أحدٌ ولا يأمنَ حتى يحب الله، ويحب دينه وأحكامه وشريعته، ولا يؤمن أحد ولن يأمن حتى يحب رسول الله، ويحب آله وأزواجه وصحابته، لا يؤمن أحدٌ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير.
المسلم يحب الخير وأهله، ويحب الخير للناس.
الملسم يحب والديه فيبرهما ولا يعصيهما، يأويهما ولا يرميهما، يرعاهما ولا يلقيهما في ديار العجزة كما هو حاصل في بلاد الغرب، ديار الكفر والفسوق والعصيان.
المسلم يحب أبناءه فيعولهم ولا يضيعهم، ويعدل بينهم ولا يظلمهم، ويرشدهم ولا يطردهم.
المسلم يحب زوجته فيحترمها ولا يحتقرها، ويوفيها حقها ولا يبخسها، ويعينها ولا يستغلها.
المسلم يحب إخوانه فينصحهم ولا يفضحهم، ويدعوهم ولا يقصيهم، ويحفظ أعراضهم ولا يغتابهم.
المسلم يحب نساء المؤمنين، يحبهن فيدفع الأذى عنهن ولا يؤذيهنّ، يحبهن فيحترمهنّ ولا يخلو بهن، يحبهم فيغض بصره عنهن ولا يسلّطه عليهن.

وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتـى يـواري جارتي مثواها
إن الحب عند المسلمين معنى عظيمٌ شريف، يقول ابن القيم رحمه الله: " فبالمحبة وللمحبة وجدت الأرض والسموات، وعليها فطرت المخلوقات، ولها تحركت الأفلاك الدائرات، وبها وصلت الحركات إلى غاياتها، واتصلت بداياتها بنهاياتها، وبها ظفرت النفوس بمطالبها، وحصلت على نيل مآربها، وتخلصت من معاطبها، واتخذت إلى ربها سبيلاً، وكان لها دون غيره مأمولاً وسؤلا، وبها نالت الحياةَ الطيبة وذاقت طعم الإيمان لما رضيت بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولاً"[5]. انتهى كلامه رحمه الله.
ثم يأتي هؤلاء الأفاكون المبطلون، وحلفاؤهم من ضعفة النفوس والمنافقين، وأذنابهم من المخدوعين المغرورين، فيستغلون هذا الاسم بدهاء، ويستخدمونه بمكر، ويطلقونه كذبًا وزورًا على العلاقات الغرامية، والأحلام الوهمية التي سرعان ما تتبخر في أرض الواقع، وتخفق في أرض التجربة.
إننا في زمان انقلبت فيه الموازين، وسميت فيه الأشياء بغير أسمائها؛ فسمي الفسوق والخنا، والفجور وال*** حبًا، وسمي الحياء والعفة والحشمة مرضًا، وسمي الزواج والحياة الأسرية النبيلة عبءًا وقيدًا، وسمي قطع الطريق وقتل الأبرياء جهادًا، وسمي الجهاد الحق، الجهاد في سبيل الله، سمي إرهابًا، وسمي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اعتداءً، وسميت التقاليد البالية تراثًا وثقافة، وسمي التمسك بالدين وإحياء السنة رجعية وتخلفًا، وسمي تقليد الكفار والتشبه بهم رقيًا وتقدمًا، وسمي الغناء والمجون فنًا، إنها ـ والله ـ لمن أشراط الساعة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فيا عبد الله، لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جنهم وبئس المهاد [آل عمران: 196، 197]، لا يغرنك ما هم عليه، فإنها دنيا زائلة، والآخرة خير وأبقى [الأعلى: 17]. كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها [النازعات: 46]. فالثبات الثبات، الثبات حتى الممات. نسأل الله حسن الخاتمة.
ويا أمة الله، لا يستخفنك الذين لا يوقنون، ولا يضلنك الذين لا يؤمنون، اعتزي بدينك، وافخري بأعيادك، وإياك ثم إياك من تقليد الكفار؛ فإنه طريق الهلاك وسبيل النار. نسأل الله السلامة والعافية.

----------------------------------
[1] أخرجه البخاري [3269،6889] ومسلم [2669] من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[2] أخرجه البخاري [2697] ومسلم [1718] من حديث عائشة رضي الله عنها.
[3] أخرجه أبو داود (1134) من حديث أنس وصححه الألباني.
[4] أخرجه أحمد (2/50، 92)،وأبو داود (4031) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما،وقال الألباني في تعليقه على المشكاة (4347): "إسناده حسن".
[5] من مقدمة روضة المحبين ونزهة المشتاقين


توقيع : غيثاء

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

مَنّ لأَيْمَلَكَ السَعَادَة في نَفَّسَه فُلَّنْ يجَدَّها في الخارََِج،
لِذَا تَعَلَّمَ كَيَّفَ تَكَوَّنَ سَعِيَداً حَتَّى لَوْ كنت وَحِيَداً،
فإذا أسَعِدَت نَفَّسَك أُسّتطعت أُسّعادََ ..
مَنّ هَمَّ مَنِّ حَوِلَك ، فَأْلِتَغْيِير يبُدّأ مَنّ الداخََِلَ !
غيثاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ~ كنوز منبرية ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كنوز الحسنات (اكسب حسنات بأسهل الطرق) لميس40 القسم الاسلامي العام 1 2013-06-06 03:03 PM


الساعة الآن 01:13 AM


Designed & Developed by : kakashi_senpai
Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML