الواجبات المدرسية: تفيد التلميذ أم تثقل كاهله؟
لا تتوقف المناقشات بين أولياء الأمور والمعلمين حول جدوى الواجبات المنزلية
واقتراحات إلغائها على مدار عقود طويلة، لاسيما أن نتائج الدراسات في هذا الموضوع
غير قاطعة. فهل يحسن الواجب المدرسي من مستوى التلميذ؟
الخلاف حول جدوى الواجبات المدرسية طويل ولا ينتهي، خاصة وأن الدراسات العديدة
التي أجريت حول الموضوع لم تصل إلى نتيجة موحدة، إذ خلصت في النهاية إلى أن
الواجبات المدرسية التي يؤديها التلميذ في المنزل قد تكون مفيدة لبعض التلاميذ ومضرة
لآخرين.
وتعتمد فكرة الواجبات المدرسية بالأساس، وفي كل الدول تقريباً، على مبدأ تطبيق ما
تعلمه التلميذ في المدرسة حتى يثبت في الذهن، علاوة على أن التلميذ يتعلم إدارة فترة
معينة من وقته في المنزل بعيداً عن المعلم. ومن مزايا الواجبات المدرسية أيضاً أنها
تشكل رابطة بين المدرسة والعائلة، التي يمكنها الاطلاع على ما يتعلمه التلميذ في
المدرسة.
لكن على الجانب الآخر، تتحول الواجبات المدرسية في بعض الأحيان إلى عبء على
التلميذ، خاصة إن لم ينجزها في الوقت المتاح، أو عندما تتحول لوقت غير مفيد لا يركز
فيه التلميذ على الواجب المدرسي وإنما على أمور أخرى.
وجمع أستاذ التربية النيوزيلندي جون هاتي نتائج أكثر من 50 ألف دراسة شملت ما
يزيد على 80 مليون تلميذ، في محاولة للتعرف على أفضل الطرق التعليمية التي تحقق
أقصى استفادة للتلاميذ. وخلص هاتي، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "دي فيلت" الألمانية،
إلى وجود مجموعة من العوامل التي تؤدي لنجاح العملية التعليمية، ومن بينها وجود
علاقة جيدة بين الأستاذ والتلميذ، بالإضافة إلى اتباع تقنيات تعليمية معينة منها القراءة
المتكررة. أما الواجبات المدرسية، فجاءت في ذيل قائمة هاتي، الذي رأى أنها تساعد
التلميذ في العملية التعليمية بنسبة ضئيلة للغاية.
وبشكل عام، تختلف نتائج الدراسات حول جدوى الواجبات المدرسية باختلاف المرحلة
العمرية للطالب ومستواه الدراسي والمادة الدراسية ونوعية الواجبات المدرسية نفسها.
وأظهرت نتائج الدراسات أن الطلبة الأكبر عمراً والأعلى في المستوى الدراسي هم
الأكثر استفادة من الواجبات المنزلية مقارنة بتلاميذ المرحلة الابتدائية والطلبة ضعاف
المستوى.
تحفيز مستمر للتلاميذ
لكن كيف يمكن تطوير نظام الواجبات المدرسية ليصبح مفيداً لجميع فئات الطلبة؟ حاول
باحثون في معد هيكتور للأبحاث التعليمية بجامعة توبنغن الألمانية الإجابة على هذا
السؤال من خلال عمل بحثي ركز في الأساس على المدة التي يحتاجها التلميذ لأداء
الواجب المدرسي. وخلص الباحثون إلى أن الحافز الداخلي لدى الطالب ودرجة اجتهاده
هي التي تحدد معدل استفادته من الواجب المدرسي. كما تحدد درجة اهتمام التلميذ
بالتعليم وبالمادة الدراسية الفترة التي يحتاجها لأداء الواجب وأيضاً درجة الاستفادة.
وخلص الباحثون إلى أهمية معرفة مستوى الطالب الدراسي وما إذا كان من النوع
المجتهد أو المتوسط أم من نوعية الطلبة التي لا تبحث عن أكثر من مجرد النجاح في
الاختبار بأقل الدرجات وبالتالي لا تبحث عن ميزة إضافية من خلال الواجبات المدرسية.
وتحتاج هذه الفئة الأخيرة لتحفيز خاص عند أداء الواجبات المدرسية لإضفاء عنصر
الاستمتاع على الأمر دون التركيز على الحلول النهائية للواجبات وما إذا كانت صحيحة
أم خاطئة.
لكن الباحثين حذروا من قيام الآباء والأمهات بأداء الواجب المدرسي نيابة عن أبنائهم،
لأن هذا لا يؤدي في أغلب الأحيان لتحفيز الطالب أو تحقيق النجاح المطلوب، بل
العكس، وفقاً لتقرير "دي فيلت".
هذا وتعتبر أنجح صور الواجبات المدرسية هي تلك التي تعتمد على مبدأ "تعلم أن
تتعلم"، وذلك من خلال تعليم وتدريب الطفل على وضع أهداف طموحة ومحاولة إنجازها
خلال فترة زمنية محددة، مع التأكيد على وجود مكافأة في النهاية حال تحقيق النتيجة
المرجوة.
ا.ف/ ي.أ (dw)