موضوع تجريبي في الادب العربي نص نثري لطه حسين + تصحيح للسنة الثالثة ثانوي bac 2016
بكالوريا مقترحة في الادب العربي (نص نثري) لطه حسين لشعبة اداب و فلسفة
حياتنا الأدبية فيما يظهر من أمرها راكدة خامدة ، ما في ذلك من شك ، فقد أصبحت الكتب القيمة نادرة يمر العام دون أن يظهر منها كتاب و احد ، والصحف اليومية و الأسبوعية لا تكاد تحفل بالأدب ، و قد تمر الشهور دون أن نقرأ فصلا ذا بال ، و المجلات الشهرية تُعنى بلون من الأدب يسير ، لا يكلف كاتبه عناء طويلا ، و لايكلف قارئه جهدا ثقيلا ، فنحن قوم مترفون ، لا نريد أن نشق على أنفسنا حين نقرأ ، و أحب شيء إلينا أن نقرأ المقال ثم ننساه فقد دخل علينا السأم ، و أصبحنا نؤثر أن نمر بالأشياء مرورا سريعا ، و كثيرا ما نقرأ لنقطع الوقت ، لا لنغذو العقل و الذوق و القلب ، و كثيرا مانقرأ لندعو النوم لا لنذوده عن أنفسنا . و رحم الله أيامنا كنا (نرى الوقت) فيها قصيرا سريع الحركة ، و كنا نتمنى لو زيد في ساعات الليل و النهار لنقرأ فنطيل القراءة ، و لندرس فنحسن الدرس .
عفا الله عن مصر ، ما أشد تقصيرها في ذات الأدب و العلم و الفن ، و لست أكتب اليوم لأشكو إجداب القـرائح و كلال الأذهان ، و أريد أن أقف اليوم عند أسباب ثلاثة راجيا أن يفكر فيها المثقفون ، وأن يتجاوزوا التفكير إلى العمل ، لعلهم أن يجدوا منها مخرجا : و أول هذه الأسباب يأتي من ظروف السياسة ، فقد أعلنت الأحكام العرفية في مصر ثلاثة عشر عاما ، و لم ترفع خلالها إلا ثلاث سنين ، بحيث نستطيع أن نقول – غير مسرفين – (أننا حُرمنا الحرية) ، و الحرية قوام الحياة الأدبية الخصبة ، فإذا ذهبت أجدب الأدب و عقم التفكير ، و قد قال نابليون ذات يوم " ليس لنا أدب جيد وتبعة ذلك على وزير الداخلية " فقد أحس إذن أن الرقابة على الكُتّاب قد ذهبت برونق الأدب ، و اخص ما يمتاز به الأدب أنه حر بطبعه ، لا يقبل لحريته قيدا و لو كان من الذهب الخالص المرصع بالجوهر الكريم .
أما السبب الثاني فيُسأل عنه الأدباء الشيوخ ، ذلك أن كثيرا من الشباب يكتبون ثم لا يعرفون كيف يُظهرون الناس على ما يكتبون ، لا يجدون من شيوخ الأدب تشجيعا و لا تأييدا ، ولا يجدون ناقدا معروفا يقدمهم إلى الناس ليقرؤوهم، فتقع في صدورهم حسرة ممضة لعلها أن تصرفهم عن الأدب و الفن ، و للجيل الناشئ على الجيل الذي سبقه شيء من الحق ، فليفكر شيوخ الأدباء في ذلك ليتحملوا تبعاتهم .
وليس السبب الثالث بأقل خطرا من السببين السابقين ، و لعله أن يكون أشد منهما إمعانا في الشر إساءة في الأدب ، ذلك هو ضعف التعليم الأدبي في مصر ، ففي مصر مدارس و معاهد و جامعات يُدرَّسُ فيها الأدب ، و لكنه يُدرّس على نحو يحزن أكثر مما يسر ، فطلاب الأدب يستظهرون كلاما يُملى عليهم ، ويعيدونه في الامتحان ، ويظفرون بالإجـازات الدراسية ، و أظن أن أحدا لا يجادلني في أن أول ما يجب على الكاتب الشاب و الشيخ ألا يُذكِّر المؤنث ويؤنث المذكر ، وأن يحسن استعمال الأفعال و الحروف ، وإني ليحزنني أن أقول إن كثيرا من كتابنا يرون أنفسهم كبارا يتورطون من هذا كله في شر عظيم ."
طـه حسين /من كتاب خصام و نقد
ــ الأسئــــلة ـــ
1-النص من فن المقال، فإلى أي نوع من أنواع المقال تُعـزيه ؟ علل حكمك.
2-دُلَّ على مظاهر ضعف الأدب من خلال الفقرة الأولى من النص.
3-في رأي الكاتب ،أين تبدو مشكلة الأدب في الكم أم في النوع ؟ لمن حمّل الكاتب مسؤولية هذة المشكــــلة ؟ و إلام يدعوهم ؟ أين يظهر ذلك في النص؟
4-ما الشرط الذي يجعله الكاتب أساسا في رقي الأدب و خصوبته ؟ و ما العامل الذي أدى إلى افتقارنا لهذا الشـرط – في نظر الكاتب - أهو اجتماعي أم سياسي أم اقتصادي أم ثقافي ؟ علل ما تذهب إليه من النص.
5. لخص النص فيما لا يــزيد عن ثمانية أسطــر.
1 ـــ ماالمعنى الذي أفاده حرف الجر: "في" في التركيب التالي : (ذلك هو ضعف الأدب في مصر ، ففي مصر مدارس ومعاهد يدرس فيها الأدب ).
2 ـــ أعرب ما تحته خط إعراب مفردات و ما بين قوسين إعراب جمل .
3 ـــ حدد المعنى الذي أفادته الأداة "ما "في قول الكاتب... عفا الله عن مصر ، ما أشد تقصيرها).
4 ـــ في العبارة الآتية صورة بيانية ، حدد نوعها ، ثم اشرحها (إجداب القرائح).
5 ـــ قال الكاتب :"عفا الله عن مصر ، ما أشد تقصيرها" في العبارة مجاز مرسل حدد علاقته .
6 ـــ كان يمكن الاستغناء عن الفعل (يكلف) في الجملة الثانية من قول الكاتب : (لا يكلف كاتبه عناء طويلا ، و لايكلف قارئه جهدا ثقيلا )، كيف تسمى هذه الظاهرة الأسلوبية التي تميز بها أسلوب طه حسين، ما غايته منها ؟
1 ـــ في النص قيمتان : اِجتماعية تربوية و أخرى سياسية و ضّح كلا منهما بدقـة .
2 ـــ لا شك في أن الكاتب من عمداء الأدب و النقد، ففي أي فئة تصنفه : أهو من المقلدين أم من المجددين في الأدب ، و ضّح و استشهد مما درست له .
الإجابة النموذجية
البناء الفكري08نقاط)
1-يُعزى النص إلى فن المقال الأدبي النقدي ، ذلك لأن الكاتب تحدث فيه عن أزمة الأدب في مصر إذ راح يعدد مظاهرها ويعرض أسبابها داعيا إلى إيجاد الحل .
2-لقد أشار الكاتب إلى مظاهر ضعف الأدب في الفقرة الأولى من النص و يمكن حصرها فيما يلي :ندرة الكتب القيمة ،تخلف الصحافة الأدبية ، إهمال الجمهور للأدب الرفيع.
3-تبدو مشكلة الدب في رأي الكاتب في النوع إذ يرى أن القرائح تجود بالكثير من الإبداع و لكنه مقيد متقوقع محــدود لافتقاره للجوهر و هو الحرية و الانعتاق من القيود المفروضة على المبدعين خصوصا من طرف حكوماتهم ، و قد حمل المسؤولية على عاتق المثقفين المبدعين أنفسهم ، و هو يرجو منهم التفكير لدراسة أسباب هذا الاضمحلال و إيجاد الحل الأنجع له ،كل ذلك يظهر من خـلال قوله : "و لست أكتب اليوم لأشكو إجداب القـرائح و كلال الأذهان ، و أريد أن أقف اليوم عند أسباب ثلاثة راجيا أن يفكر فيها المثقفون ، وأن يتجاوزوا التفكير إلى العمل ، لعلهم أن يجدوا منها مخرجا ...".
4-لا شك في أن الكاتب يقر بضرورة توافر شرط الحرية حتى يكون الأدب راقيا خصبا ، و العامل الأساس لافتقار الأدب لهذا الشرط سياسي و يشمل الأحكام الاستثنائية في مصر و ما فرضته من قيود على المبدعين سواء أكانوا شعراء أو نثارا، وهــذا واضح في قوله : " و أول هذه الأسباب يأتي من ظروف السياسة ... إلى آخر الفقرة ".
5-تلخيص النص : " لقد آلت الحياة الأدبية في مصر إلى التدهور ، فالكتب القيمة الممتازة قليلة ، و الصحف التي تهتم بالأدب تافهة فاشلة مقصرة ،و الناس منصرفون عن الأدب الجيد زاهدون فيه .
ما أشد تقصير مصر في الأدب و العلم و الفن ، و لست ههنا بصدد الحديث عن قلة الانتاج الإبداغي بقدر ما أريد توضيــح أسباب الأدب و إني لأدعو المثقفين و المفكرين لإيجاد الدواء الأنجع لتجاوزها ،و تكمن أسباب ذلك الضعف في أشياء ثلاثـة : هي حصــار المثقفين و التضييق عليهم فيما يبدعون ، و تخلي شيوخ الأدباء من العناية بأدب الشباب و توجهه نحو الفضل ، و سبب ثالث جـوهري وراء ضحالة الأدب و هو ضعف التعليم في هذا الميدان و اعتماده على تحفيظ الطلاب القواعد اللغوية دون ممارسة حية لها ، و تحفيظهم النصوص الأدبية دون التعمق في فهمها و نقد محتواها ، فمات الأدب ، وعم الجهــل باللغة و فصاحتها حتى نال من يعتبرون أنفسهم من كبار الأدباء.".
-ملاحظة : يراعى سلامة اللغة و الأسلوب ومدى الالتزام بتقنية التلخيص.
البناء اللغوي08نقاط)
1-المعنى الذي أفاده حرف الجر "في"- في قول الكاتب ذلك هو ضـعف التعليم الأدبي في مصر ، ففي مصر مدارس و معاهـــد و جامعات يُدرَّسُ فيها الأدب) – هو الظرفية المكانية .
2-الإعراب:01-إعراب المفردات:
الكلمة
إعرابهـــــــــــــــا
نَتَمَنَّى: فعل مضارع مرفوع و علامة رفعه الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر ، و الفاعل ضمير مستتر تقديره "نحن".و جملة (نتمنى )واقعة في محل نصب خبر كان.
يُجَادِلُنِي: ُيجَادِلُ: فعل مضارع مرفوع و علامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره،و الفاعل ضمير مستتر تقديره "هو "
النون: للوقاية لا محل لها من الإعراب، و الياء : ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
يَــرَوْنَ: فعل مضارع مرفوع و علامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، وواو الجماعة ضمير متصل في محل رفع فاعل
أنفُسَهُمْ: أنفسَ: مفعول به أول منصوب و علامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره و هو مضاف .وهم: ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
كبَارا: مفعول به ثانِ منصوب و علامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.
02-المحل الإعرابي للجمل:
-(نرى الوقت ): جملة فعلية واقعة في محل نصب خبر كان.
-(أننا حرمنا الحرية): جملة مقول القول في محل نصب مفعول به.
3-المعني الذي أفادته "ما "-في قوله... عفا الله عن مصر ، ما أشد تقصيرها)-:هو التعجب (تعجبية ).
4-الصورة البيانية إجداب القرائح): استعارة مكنية ، إذ شبه القرائح بالأرض فحذف المشبه به (الأرض ) و أبقى على أحد لــوازمه و صفاته و هو كلمة (إجداب).
5- قال الكاتب :"عفا الله عن مصر ، ما أشد تقصيرها" في العبارة مجاز مرسل علاقته هي : المكانية و المحلية (أي التقصير كان من طرف الذين يسكنون مصر و يحلون بها فذكر المكان و المحل للدلالة على الناس مجازا).
6- كان يمكن الاستغناء عن الفعل (يكلف) في الجملة الثانية من قول الكاتب : (لا يكلف كاتبه عناء طويلا ، و لايكلف قارئه جهـدا ثقيلا ) وتسمى هذه الظاهرة الأسلوبية التي تميز بها أسلوب طه حسين بالإطناب (التكرار)و غايته منه هو التأكيـــد و الإلحاح على المعنى، وكذا التأثير في المتلقي من خلال إصدار النغم الموسيقي العذب فهو -إذاً - تكرار غير متكلف.
التقويم النقدي 04نقاط)
1-في النص قيمتان : اجتماعية تربوية و أخرى سياسية ، و تتجلى القيمة الاجتماعية التربوية من خلال وجوب العناية بالتعليم لما له من ضرورة في بناء صرح الأمة و تطورها و إصلاحها ،أما القيمة السياسية فتظهر في ضرورة الحرية لازدهار الأدب و الحياة عموما.
2-مما لاريب فيه أن الكاتب طه حسين من بين رواد الأدب الذين ذاع صيتهم في العصر الحديث، و ذلك من خلال ما أضـافه للأدب و النقد من إبداع ضمن له الثراء و البقاء ، و هو من الذين أشادوا بالتجديد في أكثر من مقال فدعا إلى الإبــداع و الابتكار في اللغة و الأدب و الفن عموما و لا أدل على ذلك كذاك المقال الذي تناول فيه الصراع القائم بين المقلدين و المجددين في الأدب ،إذ إنه بدا من دعاة التجديد من غير تفريط في القديم ، ذلك لأن الحياة تتجدد فيجب إخضاع اللغة و الأدب لها مع عدم التقصير في المـوروث الأدبي و اللغوي .