في بلاد أوروبا الشماليّة الباردة حيث لا تظهر الشّمس إلا قليلًا، ويسيطر فصل الشّتاء القارس على أغلب أوقات السّنة، سكنت قبائل وشعوب تنتمي إلى العرق الجرماني أو النّوردي، وسمّيت تلك الشّعوب بالفايكنج، ومعناها باللغة النّورديّة القرصان، وقد كانت السّمة الغالبة على هذه الشّعوب القسوة والغلظة وحبّ الاعتداء على الآخرين والسّطو على ممتلكاتهم، وربّما ساهمت عدّة عوامل في إصباغ هذه الصّفة على شعوب الفايكنج منها: صعوبة الطّقس في المناطق التي نشؤوا فيها وهي ما تعرف بالدّول الإسكندنافيّة في أقصى شمال أوروبا، وهذه الدّول تمثل حاليًا الدّنمارك والسّويد والنّرويج وفنلندا.
وبعض المؤرّخين يرجعون صفة الفايكنح العدوانيّة وسبب حملاتهم المتكرّرة نحو جنوب ووسط أوروبا بأنّها راجعة إلى أنّ دولة الفايكنج وبعد أن تحوّلت إلى ممالك يحكمها نبلاء وإقطاعيّون زادت النّقمة فيها بين أوساط المحاربين الّذين كانوا يعتمدون في الأصل على الزّراعة وصيد الأسماك، ولم يجد هؤلاء البسطاء المزارعون موقعًا لهم في دولة الفايكنج الجديدة فاضطروا إلى التوجّه جنوبًا من أجل الاستيطان في أماكن جديدة يتمكّنون فيها من العيش بكرامة وحريّة، وربّما كانت مطامعهم نحو السّيطرة على مزيدٍ من الأراضي والتّوسع بعد محدوديّة الأرض إلى جانب سعيهم إلى البحث عن موارد جديدة لهم من أكثر الأمور التي شجّعتهم على شنّ حملاتٍ متكرّرة نحو سواحل إنجلترا وفرنسا من خلال أسطول بحري مكوّن من مئات السّفن أو القوارب البحريّة في الفترة ما بين نهاية القرن الثّامن عشر إلى بدايات القرن الحادي عشر.
وشعوب الفايكنج هم شعوب تدين بالوثنيّة بالأصل، وقد كانت لهم معتقدات غريبة منها على سبيل المثال: اعتقادهم أنّ الإله أودين والّذي يُعرف بإله الحرب يرسل وحشًا يسمّى وحش بحر الشّمال ليخيف النّاس من المعاصي، لذلك يقوم الفايكنج برسم صورته على مقدّمة سفنهم ظنّا منهم أنّ ذلك يحميهم من بطشه، وقد أدّت حملات الفايكنج المتكرّرة نحو الجنوب الّذي كان يدين بالمسيحيّة، واستيطانهم في أماكن سكنى أناسٍ مسيحيّين إلى تعرّفهم على المسيحيّة واعتناقهم لها.
وقد شكّل الفايكنج مستوطنات لهم في الأماكن التي استوطنوا فيها، وسرعان ما تحوّلت إلى مراكز أكثر تطوّرا وتمدّنًا؛ حيث أسّسوا فيما بعد مدينة يورك في إنجلترا ومدينة دبلن في إيرلندا، وقد ساهم الفايكنج وبقوّة في الحركة التّجارية البحريّة بين مناطق السّاحل الأوروبي بسبب امتلاكهم أسطولاً بحريّاً مكوّناً من مئات القوارب. وقد كانت نهاية دولة الفايكنج في معركة جسر ستامفورد الشّهيرة عام 1066 ميلادي .
منقول