قال بشار بن برد
لله "سلمى " حبُّها ناصبُ ***وأنا لا زوْجٌ ولا خاطبُ
أقولُ والعينُ بها عبرة ٌ ***وباللِّسَانِ الْعَجَبُ الْعَاجِبُ
يا ويلتي أحرزها " واهبٌ"*** لا نالَ خيراً بعدها واهبُ
سيقتْ إلى "الشَّام" وما ساقها ***إلاَّ الشَّقا والقدرُ الجالبُ
أصبحتُ قد راحَ العدى دونها ***ورحتُ فرداً ليس لي صاحبُ
لا أرْفَعُ الطرْف إِلَى زائرٍ ***كأنَّني غضْبان أوْ عاتِبُ
يا كاهن المصر لنا حاجة***فانظر لنا: هل سكني آيبُ
قد شفَّني الشوقُ إلى وجهه*** وشاقني المزهرُ والقاصبُ
بَلْ ذَكَّرَتْني ريحُ رَيْحَانَة*** ٍ ومدهنٌ جاء به عاقبُ
مجلسُ لهو غاب حسادهُ*** تَرْنُو إِلَيهِ الْغَادَة ُ الْكَاعبُ
إِذْ نَحْنُ بالرَّوْحَاء نُسْقَى الْهَوَى ***صِرْفاً وإِذْ يَغْبِطُنَا اللاَّعبُ
وَقَدْ أرَى «سَلْمَى » لَنَا غَايَة*** ً أيام يجري بيننا الآدبُ
يأيُّها اللاَّئمُ في حبِّها*** أمَا تَرَى أنِّي بهَا نَاصبُ
«سَلْمَى » ثَقَالُ الرِّدْف مَهْضُومَة*** ٌ يأبى سواها قلبي الخالبُ
غنَّى بها الراكبُ في حسنها*** ومثلها غنَّى به الرَّاكبُ
ليست من الإنس وإن قلتها*** جنِّيَّة ً قيلَ: الْفَتَى كَاذِبُ
لاَ بلْ هيِ الشَّمْسُ أُتيحَتْ لَنَا***، وسواسُ همٍّ زعمَ الناسبُ
لو خرجت للناس في عيدهم ***صلى لها الأمرد والشائبُ
تلكَ المنى لو ساعفت دارها*** كانت "لعمرو" همَّهُ عازبُ
أرَاجعٌ لي بَعْضَ مَا قَدْ مَضَى*** بالميث أم هجرانها واجبُ
قَدْ كُنْتُ لاَ ألْوي عَلَى خُلَّة*** ٍ ضَنَّتْ وَلاَ يُحْزِنُنِي الذَّاهِبُ
ثُمَّ تَبَدَّلْتُ عَلَى حُبِّهَا ***يا عجبا ينقلبُ الذَّاهبُ
وصاحبٍ ليسَ يصافي النَّدى ***يَسُوسُ مُلْكاً وَلَهُ حَاجِبُ
كالْمَأجَنِ الْمَسْتُورِ إِذْ زُرْتُهُ ***فِي دَارِ مُلكٍ لَبْطُهَا رَاعِبُ
ظَلَّ ينَاصِي بُخْلُهُ جُودَهُ ***فِي حَاجَتِي أيُّهُمَا الْغَالِبُ
أصْبَحَ عَبَّاساً لِزُوَّارِهِ ***يبكي بوجه حزنهُ دائبُ
لما رأيتُ البخل ريحانهُ ***والْجُودُ مِنْ مَجْلِسِهِ غَائِبُ
وَدَّعْتُهُ إِنّي امْرؤٌ حَازِمٌ ***عَنْهُ وعَنْ أمْثَالِهِ نَاكِبُ
أصفي خليلي ما دحا ظلهُ ***ودَامَ لي مِنْ وُدِّهِ جَانِبُ
لاَ أعْبُدُ الْمَالَ إِذَا جَاءنِي ***حق أخٍ أو جاءني راغبُ
وَلَسْتُ بالْحَاسِبِ بَذْلَ النَّدَى ***إن البخيل الكاتبُ الحاسبُ
كذاك يلقاني وربَّ امرئٍ ***لَيْسَ لَهُ فَضْلٌ ولاَ طَالِبُ