غيرته صلى الله عليه وسلم لفاطمة .
كانت فاطمة أحب بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه ، وأشبهن به أيضا ، ومن مظاهر حبه إياها غيرته صلى الله عليه وسلم لها أن يتزوج عليها زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وقصة هذه الغيرة الأبوية من النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري هي :
عن المسور بن مخرمة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر : إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا آذن ، ثم لا آذن ، ثم لا آذن ، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابتنهم ، فإنما هي بضعة مني ، يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما آذاها )) [1].
فقد كره النبي صلى الله عليه وسلم هذا الزواج ولم يأذن فيه ، وبين أسباب هذه الكراهة وهي كما في الحديث بمجموع رواياته ، كراهة أن يجمع علي بين بنته وبنت أبي جهل ، ومنع وقوع ما يضير ابنتها ويريبها من الزواج عليها ، وهي كراهة طبيعية وليست كراهة شرعية تقتضي التحريم لقوله تعالى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ } [2].
قال ابن حجر رحمه الله : وفي الحديث تحريم أذى من يتأذى النبي صلى الله عليه وسلم بتأذيه ، لأن أذى النبي صلى الله عليه وسلم حرام اتفاقا قليله وكثيره ، وقد جزم بأنه يؤذيه ما يؤذي فاطمة ، فكل من وقع منه في حق فاطمة شيء فتأذت به فهو يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة هذا الخبر الصحيح ..، وفيه حجة لمن يقول بسد الذريعة ، لأن تزويج ما زاد على الواحدة حلال للرجال ما يجاوز الأربع ، ومع ذلك فقد منع من ذلك في الحال لما يترتب عليه من الضرر في المآل )) [3].
--------------------------------------------------------------------------------
[1]صحيح البخاري ( 5 / 204 )
[2]سورة النساء الآية 3
[3]فتح الباري ( 9 / 329 )
منقول