الفلسفة اليونانيّة
الفلسفة اليونانيّة هي تلك الّتي تمثل تاريخ الفلسفة الغربيّة، فقد تمّ تعريفها من وجهة نظر كرونولوجيّة بأنها الفترة التي تبدأ من القرن السابع قبل الميلاد إلى عام خمسمئة وتسعة وعشرين، وهو عام انتهاء أكاديميّة أثينا وفقاً لمرسوم جستنيان.
نشأت هذه الفلسفة بين القرنين السادس والسابع قبل الميلاد، واستمرّت بالتطوّر خلال الفترة الهلنستيّة، حيث إنّها قامت بتناول العديد من المواضيع بما فيها الميتافيزيقيا، والفلسفة السياسيّة، وعلم الوجود، والأخلاق، والمنطق، والبلاغة، وعلم الأحياء، وعلم الجمال. وفي الآونة الأخيرة اعترف العديد من الفلاسفة على مستوى العالم بأنّ: " الفلسفة الغربيّة ليست سوى سلسلة من حواشي أفلاطون ".
نبذة تاريخيّة عن الفلسفة اليونانية
مرّت الفلسفة اليونانيّة بسلسلةٍ من المراحل الّتي ساهمت في تطورها، وهي:
الفكر اليوناني القديم:
تعود جذور الفلسفة الغربيّة إلى الفكر اليوناني القديم، وعلى وجه الدقة إلى عددٍ من التعديلات الاقتصاديّة والتاريخيّة والاجتماعيّة والسياسيّة، وكانت البداية لها في القرن السابع قبل الميلاد، وقد وضح جان بيير فيرنانت أصول هذا الفكر تحت اسم عمليّة علمنة تدريجيّة لنشأة الكون وعلم الأساطير من هسيود وهوميروس في الوقت ذاته.
بسبب صعوبة الفصل بين التديّن المخفي والفكر المعرفي، فقد نشأت الحاجة إلى إيجاد تفكير أكثر استقلالاً في مبادئه الّتي تكمن وراء جميع الظواهر الطبيعيّة، وقد دفعت هذه الحاجة المفكرين الأوائل إلى وضع محوريّة في مسألة السفينة على اعتبار أنها العنصر البدائي الذي جاء منه كل شئ، ولا سيما (المدرسة المليسيّة) بدءاً من الفيلسوف طاليس الذي قام بتحديد المبدأ الأوّل في الماء، أمّا الفيلسوف أناكسيماندر فقد حددها في اللامتعيّن (الأبيرون)، والفيلسوف أناكسيمنيس فقد حددها في الهواء، وقد وضع الفلاسفة في وقتٍ لاحق عدداً من الافتراضات الأخرى في هذا الموضوع، وهنا يتعين علينا ملاحظة الجهد المبذول في محاولة الإجابة عن كل الأسئلة المطروحة حول معنى الواقع والأصل دون اللجوء إلى استنتاجات، أو إجابات مبنيّة على التقاليد أو الأساطير، فهذه الجهود هي الأهم من الاستنتاجات التي تم التوصل إليها.
العصر الكلاسيكي:
حققت الفلسفة اليونانيّة نقلة نوعيّة بفضل الفيلسوف الأثيني سقراط، الذي ركزت بحوثه على محاولة إيجاد حقيقة كونيّة وعلى الإنسان، وفي الوقت الذي ترك فيه سقراط بحثه الفلسفي غامضاً وغير محدد، جاء تلميذه أفلاطون بدرجةٍ تأمليّة أعلى، وعمل من خلالها على تعريف الفكرة على أنها الموضوع الحقيقي للمعرفة الإنسانيّة.
توصل أفلاطون إلى فصلٍ صارم بين العالم الحقيقي والمثالي، لكنّ هذا الأمر لم يرق لتلميذه أرسطو الّذي عارضها، وقد ساند معارضته للنظريّة الأفلاطونيّة بحضوريّة الشمول، وقد اعتبر أرسطو أنّ الواقع يلخص الشكل والمادة، وهذا الأمر يتطوّر بشكلٍ مستمر ويحدث في المرور الدائم والأزلي للكائنات الحيّة على مقدرتهم على الفعل، وأنّ الله وحده هو السبب الأوّل أو المحرّك الأساسي، ومنه يكمن الفعل الخالص، ولهذا فهو ثابت.
أوضح أرسطو بأنّ كلّ واقع يملك في أعماقه أسباب وجوده بطريقة ما محددة وليس بطرقٍ أخرى، ومن هنا قام بتقديم مبدأ الجوهر أو الركيزة المطابقة لنفسها والتي تستقل بشكلٍ كلّي عن المظهر الخارجي.
القضايا والمسائل التي تناولتها الفلسفة اليونانيّة
شغلت أفكار الفلاسفة اليونانيين العديد من القضايا الّتي عملوا على مناقشتها وفحصها، وتوصلوا على إثر هذا إلى نتائج مختلفة، وقد تم تعريف المفاهيم الفلسفيّة بعلم الوجود والأخلاق ونظريّة المعرفة، وأطلق عليها في وقتٍ لاحق اسم تاريخ الفلسفة وتحديداً في العصور الوسطى والحديثة، وقد تمركزت هذه الأفكار على نقاط ثلاثة، هي:
علم الوجود، وهو تعريف للمبادئ الأوليّة الّتي تعيد أصل وتضمن استمراريّة كل واقع.
نظريّة المعرفة، هي تعريف لمعايير حدود وصلاحيّة المعرفة، وعلى وجه التحديد فيما يتعلّق بموضوع (الحقيقة).
الأخلاقيّات، وهي عبارة عن دراسات نقديّة للسلوكيّات البشريّة الهادفة لتحديد السلوكيّات الأحكم والأفضل التي يجب اتباعها من قبل الأفراد.
منقول