تمكن الاتحاد السوفييتي خلال فترة السبعينيات من تحقيق نوع من التوازن العسكري مع أمريكا ، وبمساندة من الإتحاد لحركة التحرر والإشتراكية في جنوب آسيا وإفريقيا والصحراء الجنوبية ، سجلت بهذه المساندة انتصاراً كبيراً على الولايات المتحدة الأمريكية ، وكان للتدخل العسكري السوفيتي في أفغانستان الأثر الكبير في تطور الحرب الباردة ، ومع انتهاء السبعينيات حتى قامت إدارة الرئيس ريغن بتصعيد غير مسبوق في حربها الباردة ضد الإتحاد السوفييتي ، وكان هدفها الرئيسي القضاء على الإشتراكية ذاتها ، وقامت بإدخال الإتحاد في سباق جديد للتسلح ، ليمهد الطريق لاستسلامه وانهياره .
قاد الإتحاد السوفييتي وعلى رأسه ( يوري أندروبوف ) في بداية الثمانينيات خط التشدد الأيدولوجي العسكري في مجابهة نزعة الهيمنة الأمريكية على العالم ، في محاولةٍ منه لتقويض التوازن الإستراتيجي العسكري القائم .
بيد أن بداية أندروبوف تزامن مع بداية ثورة ( الجلاسنوست ) والتي أشعلها ميخائيل جور****وف ، وكشفت هذه الثورة عن مدى وأسباب تردي قوة الدولة ، وبالرغم من هذا واصل أندروبوف خطه المتشدد في إدارة الصراع السوفييتي الأمريكي ، وقد دخل التحدي بقبوله لسباق التسلح ، وهذا أدى إلى تدهور القدرة الإقتصادية للإتحاد ، وكان ميخائيل جور****وف قد رأى بأن المهادنة هي الطريق الأسلم لمواصلة دور القوة العظمى لا بالإستناد إلى القوة العسكرية وحدها ، ومن هذا المنطلق قام جور****وف بتقديم التنازلات السياسية والعسكرية من طرف واحد ، الأمر الذي أدى إلى انهيار القوة العظمى السوفيتية ، بالرغم من مطالبة أندروبوف بالتروي في عملية التغيير ، إلا أن تفجير جور****وف للثورة قد أدى إلى إنهيار النظام الشيوعي وتفكيك الإمبراطورية العظمى ، عن طريق إضعاف وحدة الدولة وتلاحمها الشمولي .
ومفهوم القوة الشاملة للدولة وفقاً للتعريف السوفييتي ، أي أن تشتمل الجوانب التالية :
الموارد الطبيعية ، القدرة الجيوبوليتيكية ، القدرة الإقتصادية ، القوة العسكرية ، ميزان التجارة والمدفوعات ، السكان ، نوعية الدبلوماسية ، العوامل السياسية والمعنوية ، نوعية إدارة البلاد ، مستوى التقدم التكنولوجي والعلمي ، ومعدلات التحديث والتجديد .
كانت النهاية التاريخية للإتحاد السوفييتي في مطلع التسعينيات ، ولم تنتهي الشعوب بانتهاء الدولة ، ولكن الإتحاد السوفييتي كانت الدولة الوحيدة والفريدة في العالم والتي لم تنسب نفسها لهويةٍ معينة ، أو موقع جغرافي محدد ، لأنها أقيمت بهدف أن تصبح نواة النظام الإشتراكي الشيوعي لتتسع وتشمل كوكب الأرض بأسره ، والمقصد من الإتحاد السوفيتي يصب في معنى الثورة قبل الدولة ، وأن فكرته الشمولية وجب بأن تكون عقيدة العالم كافة ، لتصنع منه عالماً جديداً ، ولكن هذه الفكرة إنهارت بانهيار الإتحاد ، ولكن انهيار الإتحاد السوفييتي لا يعني إنتصار الرأسمالية في العالم ، ولا إنهيار الشيوعية .
منقول