facebook twitter rss
v





العودة  

جديد مواضيع منتديات بيت العرب الجزائري


قسم التاريخ الاسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-09-19, 11:47 AM   #1
hakimdima
مشرف الأقسام التعليمية


العضوية رقم : 10954
التسجيل : Jul 2016
العمر : 39
الإقامة : الجزائر
المشاركات : 6,072
بمعدل : 2.00 يوميا
الوظيفة : متعاقد
نقاط التقييم : 10
hakimdima is on a distinguished road
hakimdima غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي القسطنطينية

القسطنطينية، ذلك الاسم الذي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ الحضاري للمدن الإمبراطورية، تلك المدينة التي مرت عليها دول وحضارات قامت واندثرت، علت واختفت، وقفت منها موقف الراصد الشامخ الذي لا يموت بمرور قرون وآلاف السنوات، وإن كان يقوى أحيانًا ويشيخ أحيانًا.

القسطنطينية قبل الفتح الإسلامي
أكثر من 1100 عام تفصل بين إعلان اسم مدينة الإمبراطور قسطنطين القسطنطينية كمركز من مراكز المسيحية في العالم، وتحولها إلى إسلامبول مدينة محمد الفاتح مركز من مراكز الإسلام في العالم.

بمرور هذه القرون الكثيرة لنا أن نتساءل كيف كان شكل مدينة قسطنطين عندما تسلمها الفاتح بعد معركة الفتح الخالدة ؟

عندما دخل السلطان محمد الفاتح القسطنطينية لم تكن إلا خرائب أو أحسن حالًا منها قليلًا. (برنارد لويس: إسطنبول وحضارة الخلافة الإسلامية)

بهذه الكلمات يصف المؤرخ الإنجليزي الشهير حال المدينة وقت استلام الفاتح لها، الحال الذي سيتغير بشكل كامل في عقود وقرون الحكم العثماني التالية، لتصبح واحدة من أجمل وأرقى مدن العالم كله، فنحاول إعطاء لمحات بسيطة عن هذا التطور لشكل المدينة في فترة قرنين من الزمان منذ منتصف القرن الخامس عشر وقت دخول المدينة وحتى ثلاثينات القرن السابع عشر.

محمد الفاتح وإعمار القسطنطينية
منذ أن وطئت قدم محمد الفاتح عاصمته الجديدة، عمل على تحويلها إلى مدينة عالمية، فقد أمر بفتح باب الهجرة لملئها بالسكان بسبب ضعف الأعداد التي تعيش فيها، فكل من كان يأتي للمدينة كان يحق له امتلاك منزل خاص به وبستان كعامل من عوامل جذب البشر لتعمير المدينة، كما عمل على جلب العائلات الغنية من البلقان وشبه جزيرة الأناضول لإسكانهم في العاصمة الجديدة، ولم يشترط أن تكون العائلات مسلمة، وقد تمكن هؤلاء القادمون إلى المدينة من إنشاء بيوت وكنائس خاصة بهم، وقد أعفتهم الدولة من بعض الضرائب ومقابل بعض الخدمات شرط ألا يغادروا المدينة.

اتبع الفاتح سياسات الإسلام في إطلاق حرية المعتقد والعبادة لكل من يسكن المدينة، فعين زعماء لطوائف غير المسلمين المختلفة، فقد اعترف بالروم الأرثوذكس وعين زعيم لهم مسئول عن كل طائفته في الدولة وهو البطريرك جناديوس الثاني، كما قام بتعيين زعيم روحي للأرمن، وهو البطريرك هوفاكيم الأول الذي استدعاه من مدينة بورصة إلى إسطنبول عام 1461م، وأسند إليه رئاسة وتمثيل جميع الأرمن الذين يعيشون بالدولة، كما عينه بطريركًا لكنيسة أعطاها له كهدية بمقاطعة صامتيا بالمدينة.

عملت الدولة العثمانية كذلك على تشجيع اليهود الفارين من البطش الأوروبي في أن يستقروا في المدينة خلال عهد الفاتح، وفي عام 1477م أصبحوا يحتلون المرتبة الثالثة في المدينة من حيث الكثافة السكانية بعد المسلمين.

قام السلطان كذلك بإقامة أول مسجد جامع كبير بالمدينة وهو جامع الفاتح، ومستشفى، ومجموعة من المدارس المعروفة باسم مدارس صحن الثمان (وهي ثمان كنائس حولها الفاتح إلى مدارس)، وكانت تُدرَّس فيها علوم العقائد والفقه والطب وغيرها، وبجانبها مبان أخرى لإقامة الطلاب.

أما بالنسبة لسياسات تعمير المدينة، فقد وفر إنشاء العمارة İmaret خدمات عامة وأسواقًا للمدينة، حيث لعبت دورًا هامًا في توسيع حجم المدينة وتطوير شكلها. والعمارة هي مؤسسة وقفية تضم عدة منشآت بجانب بعضها (جامع، مستشفى، استراحة للضيوف، أسبلة، جسور) أُسست بدافع من عمل الخير، ومنشآت أخرى تدر الدخل على هذه المؤسسات الخدمية مثل: (حمام، سوق، خان، مطحنة)، وكانت هذه العمارات تعطي الشكل المميز للمدينة العثمانية في كل أنحاء الدولة.

وفي عام 1459م جمع الفاتح رجال الدولة وطلب من كل واحد منهم أن يبني عمارة في المكان الذي يرغبه، وقد تنافس رجال الدولة في بناء العمارات البديعة حول الجوامع التي وفرت للسكان الخدمات التي يحتاجونها، مما جعلها تستقطب مجموعات جديدة من البشر من كل البقاع التي حولها، ليؤسسوا أعداد جديدة من المتاجر والمحلات، مما عمل على زيادة رقعة ومساحة المدينة بشكل كبير وضخم.

ويعتبر السوق المسقوف الكبير Grand Bazaar بإسطنبول أحد أعمال الفاتح التجارية الهامة التي ما زالت قائمة إلى الآن، والتي تدخل في سياسات تعمير المدينة التي انتهجها، فقد قام ببنائه بمعدل 800 متجر بداخله، وصلوا إلى 3000 متجر بداية القرن الـ 18م، وارتفعوا إلى 4000 بنهاية القرن الـ 19م. وقد أحتوى البازار على مسجد خاص به، أسبلة، حمام عام، مدرسة، مقاهي، ويستطيع الزائر التجول بداخل 61 حارة بداخله، والدخول إليها عبر 18 بوابة.

كلية السليمانية
الحديث عن نوع آخر من العمارة التي برزت في إسطنبول والدولة العثمانية يأتي بالحديث عن الكلية السليمانية. وهي نوع برز بشكل واضح في العهد العثماني، وكان يتكون من جامع يحيطه مدرسة، ومشفى، وتكية لإطعام الفقراء، كما كان يضاف إليه حمام.

وقد مثلت كلية السليمانية ثاني أكبر مشروع للمهندس الكبير سنان باشا والذي استغرق بناءها من 1550م حتى 1570م بالعاصمة إسطنبول قمة هذا النوع من العمارة التي يتوسطها جامع سليمان القانوني المعروف باسم جامع السليمانية ، فقد ضم بجانبه أنواع من المدارس منها مدرسة للحديث النبوي، ومدرسة للطب، كما ضم مشفى، ومطعم، وصيدلية، وأربعة مدارس أخرى.

في عصر السلطان مراد الرابع
وإذا انتقلنا من عصر الفاتح وعصر القانوني إلى عصر السلطان مراد الرابع في القرن السابع عشر، سنجد أن المدينة قد تطورت وزيدت مساحتها وكبرت بشكل ضخم وعظيم، ففي عام 1638م أصدر السلطان أوامره إلى الصدر الأعظم بيرم پاشا، وإلى المفتي يحيى أفندي، وإلى قضاة إسطنبول، اسكُدار، أيوب، و گلاطة بإعداد وصف شامل للمدينة يضم كل شيء فيها، فجاء وصفًا شاملًا كاملًا أُعد في ثلاثة أشهر، وشكَّل كتابًا جامعًا بعنوان وصف القسطنطينية قرأه المؤرخ العثماني الشهير صولاق زاده ليل نهار في حضرة السلطان وهو يهتف: "يا إلهي، أرع هذه المدينة إلى الأبد".

ضم هذا الكتاب أرقام كثيرة جدًا لأعداد كبيرة من المؤسسات والنقابات والمباني والأفراد في مئات الصفحات، نذكر منها مثلًا: عدد 670 محكمة في قضاء قسطنطينية، اسكُدار، أيوب، و گلاطة، وعدد 74 جامعًا كبيرًا من جوامع السلاطين، 1,985 جامع كبير للوزراء، 6,990 جامع في أرباع المدينة، 6,665 مسجد صغير وكبير، 19 مطعمًا لإطعام الفقراء، 9 مستشفيات، 1,993 مدرسة ابتدائية، 55 مدرسة لتحفيظ القرآن، 135 لدور الحديث النبوي، 557 زاوية وتكية، 91 دور لمرضى الغرباء، 997 كوانسراي "مبنى للمسافرين والقوافل على الطرقات البعيدة"، 565 فندق للتجار، 990 حي للمسلمين، 27 حي للأرمن، 657 حي لليهود، 14,536 حمام عام وخاص، 6,890 قصر للوزراء والأعيان، 200 مؤسسة لتوزيع المياه، 37 مطحنة كبرى، 55 صهريج، 600 فرن، 70 دور للصباغة، 4 سجون، 12 مدبغة للجلود، عدد 1 لكل من: معمل حرير، معمل شمع، معمل أسلاك ذهبية، مصنع للبارود، دار ضرب العملة، مصنع للبنادق، مخزن للرصاص، دار الموسيقى، دار الرسامين، دار لرجال المدفعية، دار لصانعي الزجاج، دار الفواكه الحمضية، دار الخيامين، دار السقائين.

هذه اللمحة الموجزة عن تطور هذه المدينة العريقة، لابد وأن يُذكرنا بهذا الفتح الخالد، والنصر العظيم الذي حمل لواءه مُحمد بن مراد المعروف باسم مُحمد الفاتح القائد العَلم المُجاهد، حفيد عُثمان مؤسس هذه الدولة الإسلامية العظيمة، وحفيد مُحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم رسول رب العالمين، فرحِمهُ الله رَحمة واسعة.

منقول


hakimdima غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
القسطنطينية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:29 AM


Designed & Developed by : kakashi_senpai
Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML