facebook twitter rss
v





العودة  

جديد مواضيع منتديات بيت العرب الجزائري


ركن أعلام المسلمين


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-08-21, 07:44 AM   #1
hakimdima
مشرف الأقسام التعليمية


العضوية رقم : 10954
التسجيل : Jul 2016
العمر : 39
الإقامة : الجزائر
المشاركات : 6,072
بمعدل : 2.00 يوميا
الوظيفة : متعاقد
نقاط التقييم : 10
hakimdima is on a distinguished road
hakimdima غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي قيس بن سعد بن عبادة بن دُلَيْمٍ بن حارثة الساعدي الخزرجي الأنصاري

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
كان الأنصار يعاملونه على حداثة سنه كزعيم، وكانوا يقولون: "لو استطعنا أن نشتري لقيس لحية بأموالنا لفعلنا"، ذلك أنه كان أجرد، ولم يكن ينقصه من صفات الزعامة في عرف قومه سوى اللحية، التي كان الرجال يتوِّجون بها وجوههم.

فمن هذا الفتى الذي ودَّ قومه لو يتنازلون عن أموالهم لقاء لحية تكسو وجهه، وتكمل الشكل الخارجي لعظمته الحقيقية، وزعامته المتفوقة ؟!

اسمه وكنيته وصفته
خادم النبي وحاجبه وصاحب لوائه الصحابي الجليل سيد الخزرج وابن سيدهم الصحابي ابن الصحابي قيس بن سعد بن عبادة بن دُلَيْمٍ بن حارثة الساعدي الخزرجي الأنصاري، من بيت زعامة عظيم، ورث المكارم كابرا عن كابر، فهو ابن الصحابي سعد بن عبادة زعيم الخزرج، وأمه فكيهة بنت عبيد بن دليم الخزرجية، فهو سلسل بيت من أعرق بيوت العرب وأجودها. كنيته: أبو الفضل، وقيل أبو عبد الله، وقيل أبو عبد الملك.

قال عمرو بن دينار: "كان قيس بن سعد رجلا ضخما، جسيما، صغير الرأس، ليست له لحية، إذا ركب حمارا، خطت رجلاه الأرض، فقدم مكة، فقال قائل: من يشتري لحم الجزور"، وكان ليس فِي وجهه لحية ولا شعرة، فكانت الأنصار تقول: "وددنا أن نشتري لقيس لحية بأموالنا"، وكان مع ذلك جميلًا.

صحبته وفضله ومنزلته
حين أسلم سعد بن عبادة رضي الله عنه أخذ بيد ابنه قيس وقدَّمه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: "هذا خادمك يا رسول الله"، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في قيس كل سمات التفوق وأمائر الصلاح، فأدناه منه وقرَّبه إليه، وظل قيس صاحب هذه المكانة دائما.

وقد روى الترمذي وأبو نعيم الأصبهاني وغيرهما عدة أحاديث تؤكد خدمة قيس بن سعد رضي الله عنه في بيت النبوة، منها: روى الترمذي وقال الألباني صحيح، عن قيس بن سعد بن عبادة: أَنَّ أَبَاهُ دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَخْدِمَهُ، قال: فَأَتَى علىَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وقَدْ صَلَّيْتُ، قال: فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَال: "أَلا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ؟"، قُلْتُ: بَلَى، قال: "لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ".

وعن ميمون بن أبي شبيب عن قيس بن سعد رضي الله عنه قال: "دَفَعَنِي أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْدُمُهُ"، وقال أبو إسحاق يريم أبو العلاء: "حُدِّثْتُ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ خَدَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وعن مريم بن أسعد، قال: "كُنْتُ مَعَ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَدْ خَدَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ".

وروى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن قيس بن سعد بن عبادة كان يكون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرط من الأمير"، أي: مما يلي من أموره، فلما كان فتح مكة سنة 8هـ كلم سعد النبي صلى الله عليه وسلم في قيس أن يصرفه عن الموضع الذي وضعه، مخافة أن يُقْدِمَ على شيء، قال: فَصَرَفَهُ.

قال ابن شهاب: "كان حامل راية الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قيس بن سعد بن عبادة"، كما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يوم فتح مكة، إذ نزعها من أبيه سعد عندما قال: "اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل المحرمة، اليوم أذل الله قريشا"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشا".

ثم أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة، فنزع اللواء من يده، وجعله بيد قيس ابنه، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اللواء لم يخرج عنه، إذ صار إلى ابنه، وأبى سعد أن يسلم اللواء إلا بأمارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمامته، فعرفها سعد، وقيل بل أعطى الراية الزبير بن العوام، وقيل علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

وعن عاصم بن عمرو بن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل قيس بن سعد بن عبادة على الصدقة، وكان قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه سيدًا مُطاعًا، كثير المال، جوادًا كريمًا، من فضلاء الصحابة، وأحد دهاة العرب وكرماتهم، وكان من ذوي الرأي الصائب والمكيدة فِي الحرب، مَعَ النجدة والشجاعة، وكان من بيت سيادة العرب.

قال أبو عمر الواقدي: "كان قيس بن سعد بن عبادة من كرام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسخيائهم ودهاتهم ..، وأحد دهاة العرب وأهل الرأي والمكيدة فِي الحروب مع النجدة والبسالة والسخاء والكرم، وكان شريف قومه غير مدافع، هو وأبوه وجده، صحب قيس بن سعد النبي صلى الله عليه وسلم وهو وأبوه وأخوه سعيد بن سعد بن عبادة".

كرم وجود قيس بن سعد بن عبادة
ولم يكن بين خصال قيس بن سعد بن عبادة ما يفوق ذكاءه سوى جوده، ولم يكن الجود خلقا طارئا على قيس، فهو من بيت عريق في الجود والسخاء، كان لأسرة قيس، على عادة أثرياء وكرام العرب يومئذ، مناد يقف فوق مرتفع لهم وينادي الضيفان إلى طعامهم نهارا، أو يوقد النار لتهدي الغريب الساري ليلا، وكان الناس يومئذ يقولون: "من أحبَّ الشحم، واللحم، فليأت أُطُم دليم بن حارثة"، فلما مات دليم[*] نادى منادي عبادة بمثل ذلك، ثم مات عبادة، فنادى منادي سعد بمثل ذلك، قال نافع مولى ابن عمر: "ثم قد رأيت قيس بن سعد بن عبادة كان من أجود الناس".

ففي هذا البيت العريق أرضع قيس الجود والسماح، فعن عبد الملك بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة أن دليما كان يهدي إلى مناة -يعني صنما -كل عام عشر بدنات، ثم كان عبادة يهديها، ثم كان سعد بن عبادة، فلما كان قيس بن سعد في الإسلام، قال: "لأهدينها إلى الكعبة"، فكان يهديها.

وكان من دعاء قيس بن سعد: "اللهم ارزقني حمدا ومجدا، فإنه لا حمد إلا بفعال، ولا مجد إلا بمال، اللهم لا يصلحني القليل، ولا أصلح عليه". وروي أن رجلا استقرض من قيس بن سعد بن عبادة ثلاثين ألفا، فلما ردها عليه، أبى أن يقبلها، وقال: "إنا لا نعود فِي شيء أعطيناه".

وروي أن قيسًا كان في سرية فيها أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، فكان يستدين، ويطعم النَّاس، فتحدَّثا حول جود قيس وسخائه، وقالا: "لو تركنا هذا الفتى لسخائه، لأهلك مال أبيه"، وعلم سعد بن عبادة بمقالتهما عن ابنه قيس، فصاح قائلا: "من يعذرني من أبي قحافة، وابن الخطاب، يبخِّلان عليَّ ابني!!". وقوله: من يعذرني"، أي: "من يقوم بعذري إذا كافأتهما على سوء صنيعهما، فلا يلومني".

وعن عروة بن الزبير، قال: "باع قيس بن سعد مالا من معاوية بتسعين ألفا، فأمر مناديا فنادى في أهل المدينة: من أراد القرض، فليأت منزل سعد، فأقرض أربعين أو خمسين وأجاز بالباقي، وكتب على من أقرضه صكا، فمرض مرضا قلَّ عوَّاده، فقال لزوجته قريبة بنت أبي قحافة أخت أبي بكر: "يا قريبة لم ترينَّ قلَّ عُوَّادِي؟!"، قالت: "للذي لك عليهم من الدَّيْن"، فأرسل إلى كل رجل بصكه، وأمر مناديا ينادي: "من كان لقيس بن سعد عليه دين فهو له، فأتاه الناس حتى هدموا درجة كانوا يصعدون عليها إِليه.

وعن أبي صالح، قال: قسم سعد بن عبادة ماله بين ولده وخرج إلى الشام فمات، وولد له ولد بعده، فجاء أبو بكر وعمر إلى قيس بن سعد، فقالا: إن سعدا مات، ولم يعلم ما هو كائن، وإنا نرى أن ترد على هذا الغلام، قال قيس: "ما أنا بمغير شيئا فعله أبي، ولكن نصيبي له".

دهاء قيس بن سعد بن عبادة
قيس بن سعد بن عبادة: إنه الداهية الذي يتفجر حيلة، ومهارة، وذكاء، والذي قال عن نفسه وهو صادق: "لولا الإسلام، لمكرت مكرا لا تطيقه العرب!!" ذلك أنه حادّ الذكاء، واسع الحيلة، متوقّد الذهن.

وحين كان قيس، قبل الإسلام يعامل الناس بذكائه كانوا لا يحتملون منه ومضة ذهن، ولم يكن في المدينة وما حولها إلا من يحسب لدهائه ألف حساب، فلما أسلم، علَّمه الإسلام أن يعامل الناس بإخلاصه، لا بدهائه، ولقد كان ابنا بارّا للإسلام، ومن ثمَّ نحَّى دهاءه جانبا، ولم يعد ينسج به مناوراته القاضية، وصار كلما واجه موقعا صعبا، يأخذه الحنين إلى دهائه المقيد، فيقول: "لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المكر والخديعة فِي النار"، لكنت من أمكر هذه الأمة".

ولقد كان مكانه يوم صفين مع أمير المؤمنين علي ضد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم، وكان يجلس مع نفسه فيرسم الخدعة التي يمكن أن يؤدي بمعاوية وبمن معه في يوم أو ببعض يوم، بيد أنه يتفحص خدعته هذه التي تفتق عنها ذكاؤه فيجدها من المكر السيئ الخطر، ثم يذكر قول الله سبحانه: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} [فاطر: 43]، فيهبّ من فوره مستنكرا، ومستغفرا، ولسان حاله، يقول: "والله لئن قُدِّر لمعاوية أن يغلبنا، فلن يغلبنا بذكائه، بل بورعنا وتقوانا!!".

قال ابن شهاب: "كانوا يعدون دهاة العرب حين ثارت الفتنة خمسة رهط، يُقال لهم: ذوو رأي العرب ومكيدتهم: معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وقيس بن سعد بن عبادة، والمغيرة بن شُعْبَة، وعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، فكان قيس وابن بديل مع عليِّ، وكان عمرو مع معاوية، وكان المغيرة معتزلًا في الطائف معتزلا بالطائف وأرضها حَتَّى حكم الحكمان واجتمعوا بأذرح".

قيس بن سعد بن عبادة مع الإمام علي ومعاوية
تألقت شجاعة قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه في جميع المشاهد التي صاحب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حيٌّ، وواصلت تألقها، في المشاهد التي خاضها بعد أن ذهب الرسول إلى الرفيق الأعلى، والشجاعة التي تعتمد على الصدق بدل الدهاء، وتتوسل بالوضوح والمواجهة، لا بالمناورة والمراوغة، تحمَّل صاحبها من المصاعب والمشاق من يؤوده ويضنيه.

ومنذ ألقى قيس بن سعد وراء ظهره، قدرته الخارقة على الدهاء والمناورة، وحمل هذا الطراز من الشجاعة المسفرة الواضحة، وهو قرير العين بما تسببه له من متاعب وما تجلبه من تبعات ، إن الشجاعة الحقة تنقذف من اقتناع صاحبها وحده، هذا الاقتناع الذي لا تكوِّنه شهوة أو نزوة، إنما يكوِّنه الصدق مع النفس، والإخلاص للحق.

وهكذا حين نشب الخلاف بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، نرى قيسا يخلو بنفسه، ويبحث عن الحق من خلال اقتناعه، حتى إذا ما رآه مع عليٍّ ينهض إلى جواره شامخا، قويا مستبسلا، وفي معارك صفين، والجمل، والنهروان، كان قيس أحد أبطالها المستبسلين.

ولقد ولاه أمير المؤمنين عليٌّ حكم مصر، وكانت عين معاوية على مصر دائما، كان ينظر إليها كأثمن درَّة في تاجه المنتظر، من أجل ذلك لم يكد يرى قيسا يتولى إمارتها حتى ضاق به معاوية وأعجزته فيه الحيلة، وكايد فيه عليا، وخشي أن يحول قيس بينه وبين مصر إلى الأبد، حتى لو انتصر هو على الإمام عليّ انتصارا حاسما.

فكايده معاوية فلم يظفر مِنْهُ بشيء، وقال قيس: "لولا أن المكر فجور، لمكرت مكرا يضطرب منه أهل الشام بينهم"، وإن معاوية وعمرو بن العاص كتبا إلى قيس بن سعد كتابا يدعوانه إلى متابعتهما، وكتبا إليه بكتاب فيه لين، فكتب إليهما كتابا فيه غلظ، فكتبا إليه بكتاب فيه غلظ، فكتب إليهما بكتاب فيه لين، فلما قرآ كتابه عرفا أنهما لا يدان لهما بمكره.

فكايد معاوية عليًا رضي الله عنهما، وأظهر أن قيسًا قَدْ صار معه يطلب بدم عثمان، فبلغ الخبر عليًا، فلم يزل به محمد بن أبي بكر وغيره حتَّى عزله، فبعث محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة إلى مصر، واستعمل بعده الأشتر النخعي، فمات فِي الطريق، فاستعمل محمد بن أبي بكر، فلما قدم هو ومحمد بن أبي حذيفة على قيس بنزعه، علم أن عليا قد خُدع، فقال قيس لمحمد: يا ابن أخي احذر -يعني: أهل مصر - فإنهم سيُسلِّمونكما، فتقتلان"، فأُخذت مصر منه، وقُتل.

قال ابن يونس في تاريخه: "شهد فتح مصر، واختط بها دارا، وولى على مصر لعلىِّ بن أبى طالب في سنة 36هـ، وعزله عنها سنة 37هـ". ولما عزل قيس أتى المدينة، فأخافه مروان بن الحكم، ففكر قيس في أمره مليًّا فوجد أن خير رد على دهاء معاوية، هو المزيد من الولاء لعليٍّ وللحق الذي يمثله عليٌّ، والذي هو في نفس الوقت مناط الاقتناع الرشيد والأكيد لقيس بن سعد بن عبادة. وهكذا لم يحس لحظة أن عليًّا عزله عن مصر، فما الولاية، وما الإمارة، وما المناصب، كلها عند قيس إلا أدوات يخدم بها عقيدته ودينه، ولئن كانت إمارته على مصر وسيلة لخدمة الحق، فان موقفه بجوار عليٍّ فوق أرض المعركة وسيلة أخرى لا تقل أهمية ولا روعة. فسار إِلَى عليٍّ بالكوفة، ولم يزل معه حتَّى قُتل.

وتبلغ شجاعة قيس بن سعد ذروة صدقها ونهاها، بعد استشهاد علي وبيعة الحسن رضي الله عنه، لقد اقتنع قيس بأن الحسن بن علي رضي الله عنه، هو الوارث الشرعي للإمامة فبايعه ووقف إلى جانبه غير ملقٍ إلى الأخطار وبالا، وحين يضطرُّهم معاوية لإمشاق السيوف، صار قيس مع الحسن بن علي للقتال، وسار فِي مقدمته إِلى معاوية، وكان على مقدمته ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رءوسهم بعد ما مات علي رضي الله عنه، وتبايعوا على الموت. غير أن الحسن يؤثر أن يضمِّد جراح المسلمين التي طال شحوبها، ويضع حدًّا للقتال المفني المبيد، فيفاوض معاوية ثم يبايعه.

هنا يدير قيس بن سعد خواطره على المسألة من جديد، فيرى أنه مهما يكن في موقف الحسن من الصواب، فإن لجنود قيس في ذمَّته حق الشورى في اختيار المصير، وهكذا يجمعهم ويخطب فيهم قائلا: "ما شئتم إن شئتم جالدت بكم حتى يموت الأعجل منا، وإن شئتم أخذت لكم أمانا"، فقالوا خذ لنا أمانا، فأخذ لهم أن لهم كذا وكذا، وألا يعاقبوا بشيء، وأنه رجل منهم، ولم يأخذ لنفسه خاصة شيئا، فلما ارتحل نحو المدينة ومضى بأصحابه جعل ينحر لهم كل يوم جزورا حتى بلغ، فلما بايع الحسن معاوية، دخل قيس فِي بيعة معاوية، وعاد إِلى المدينة.

قال أَبو عمر ابن عبد البر: "خبره فِي السراويل عند معاوية كذب وزور مختلق ليس له إسناد، ولا يشبه أخلاق قيس ولا مذهبه في معاوية، ولا سيرته فِي نفسه، ونزاهته، وهي حكاية مفتعلة وشعر مزور، والله أعلم".

الأحاديث الذي رواها قيس بن سعد
كان لقيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه عدة أحاديث، روى عنه جماعة من الصحابة وجماعة من التابعين، وَهُوَ معدود فِي المدنيين، روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبيه سعد بن عبادة، وعبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الراهب، وهو من أقرانه.

روى عنه: أنس بن مالك، و وثعلبة بن أبي مالك، وبكر بن سوادة، وثعلبة بن أبي مالك، وعبد الله بن مالك الجيشاني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عمار الهمداني، وعروة بن الزبير، والشعبي، وميمون بن أبي شبيب، وعريب بن حميد الهمداني، والوليد بن عبدة، وعمرو بن شرحبيل، ويريم أبو العلاء، وآخرون، وقد حدث بالكوفة والشام ومصر.

روى مسلم في صحيحه عن ابن أبي ليلى: أن قيس بن سعد وسهل بن حنيف كانا بالقادسية، فمرت بهما جنازة فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض، فقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة، فقام، فقيل: إنه يهودي، فقال: "أليست نفسا".

وروى النسائي في سننه وأحمد في مسنده وقال الألباني صحيح عن عمرو بن شرحبيل عن قيس بن سعد بن عبادة قال: "كنا نصوم عاشوراء ونؤدي زكاة الفطر، فلما نزل رمضان ونزلت الزكاة، لم نؤمر به ولم ننه عنه، وكنا نفعله".

وروى أبو نعيم عن قيس بن سعد بن عبادة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما جعل الاستئذان من أجل البصر".

وفاة قيس بن سعد بن عبادة
بعد مبايعة قيس بن سعد بن عبادة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما لزم المدينة المنورة، وأقبل على العبادة حَتَّى مات بها سنة 60هـ، وقيل: سنة 59هـ، في آخر خلافة معاوية رضي الله عنه.

مات الداهية الذي روَّض الإسلام دهاءه .. مات الرجل الذي كان يقول: "لولا الإسلام، لمكرت مكرا لا تطيقه العرب!!" .. أجل .. ومات تاركا وراءه عبير رجل أمين على كل ما للإسلام عنده من ذمة، وعهد وميثاق.
منقول


hakimdima غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأنصاري, الخزرجي, الساعدي, حارثة, دُلَيْمٍ, عبادة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:25 PM


Designed & Developed by : kakashi_senpai
Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML