هوف: عدو إيران هو السعودية لا إسرائيل، سوريا ممرَ وحزب الله خط دفاعها الأول
من واشنطن - حسين. ع
لا روسيا ولا إيران معجبتان ببشار الأسد، ولا هما معنيتان بمصلحة سورية أو
السوريين، بل تتمسك كل منهما بالأسد لأسبابها ومصالحها الخاصة. إيران خصوصا، لا
ترى أنها على خلاف مع أميركا أو إسرائيل، بل تعتقد ان عدوتها الرقم واحد هي المملكة
العربية السعودية.
هذه هي الخلاصة التي خرج بها السفير الأميركي السابق "فرد هوف"، أحد أكثر
الخبراء المثيرين للاهتمام في واشنطن، والذي سبق أن عمل، حتى الأمس القريب،
مسؤولا للملف السوري في وزارة الخارجية.
هوف، الذي شارك في صياغة وثيقة «جنيف 1» بالاشتراك مع الأمم المتحدة
والروس وقف في جلسة حوارية في الكونغرس ليطلع الحاضرين على خلاصة لقاءات،
بعيدة عن الأنظار، يعقدها بشكل مستمر مسؤولون أميركيون، سابقون وحاليون، مع
نظرائهم الإيرانيين.
عن روسيا يقول هوف: «النتيجة التي تفضلها روسيا في سورية هي نجاة بشار الأسد.
هذا هو بيت القصيد». ويتساءل: «إلى أي مدى روسيا مستعدة للذهاب لضمان هذه
النتيجة»، ليجيب: «لست متأكدا... لكني أعتقد أنه من وجهة نظر الرئيس (فلاديمير)
بوتين، أسباب دعم بقاء بشار الأسد في السلطة أبعد من سورية نفسها وتتعلق برؤية
بوتين لعودة روسيا كقوة عظمى». ويضيف هوف: «أعتقد أن الرسالة التي يرغب
بوتين في توجيهها هي أنه عندما تقف روسيا إلى جانب صديق أو عميل، سينجو،
بخلاف أداء القوى العالمية الأخرى».
ويوضح هوف: «هذا هو الوضع نفسه عند إيران»، مضيفا أن الإيرانيين كما
الروس، «ليسوا متيمين بالأسد... وأعتقد أن الروس، إن كان سيرغي لافروف أو
غيره، عندما يقولون في العلن إنهم ليسوا مغرمين ببشار الأسد، فهم على الأرجح
يقولون الحقيقة، والإيرانيون يقولون أشياء شبيهة كذلك».
هوف، الذي عقد مؤخرا جلسات معروفة بـ «المسار الثاني» مع مسؤولين إيرانيين
رفيعي المستوى، قال إنه غير مخول بالكشف عن أسمائهم، نقل عن الإيرانيين قولهم
إن «حزب الله هو خط الدفاع الأول لإيران حال قيام إسرائيل بشن هجوم ضد منشآتها
النووية».
ويقول هوف "إن المسؤولين الإيرانيين يعتقدون أن أي زعيم إسرائيلي يفكر بهجوم
من هذا النوع، عليه أيضا أن يفكر بتأثير الصواريخ على المدن الإسرائيلية، وعلى البنية
التحتية الاقتصادية، وعلى القواعد العسكرية".
ويضيف: «إبقاء قوات حزب الله مستعدة للقتال ليس من وجهة نظر إيران موضوعا
بسيطا، والحركة المتواصلة للعتاد والسلاح وقطع الغيار من إيران للحزب هي قضية
رئيسة، وقد وجدت إيران في بشار الأسد شخصا يقبل تماما، بل متحمس للتعامل مع
إيران في تسهيل هذه الحركة إلى درجة تأمين السلاح من مخازن الجيش السوري لحزب
الله».
ويتابع هوف: «إيران ترى الأسد أساسيا، وطهران تراه حجر زاوية نظامها، وإذا
أُزيح ينهار كل شيء، وتكون عملية الإطاحة به تجربة للعملية الأكبر (أي الإطاحة
بالنظام الإيراني). لذا، فالاستنتاج هو أن قابلية إيران لحل سياسي في سورية، وسط
التهديد الإسرائيلي لإيران، غير قائمة الآن، هذا على الأقل ما سمعته» من الإيرانيين.
ومما قاله هوف أن «فرضية استبدال نظام بشار بنظام آخر يدعم حزب الله بالحماسة
نفسها لا تبدو أن إيران مستعدة للتفكير بها، وحكومة وحدة وطنية انتقالية ستتعامل
على الأرجح مع الوجود الإيراني في سورية والعلاقة مع حزب الله كمشاكل تتطلب
حلولا، ما يعني أن أي شيء بعد الأسد هو انحدار كبير لمصالح الأمن القومي الإيراني».
وينقل هوف عن مسؤول إيراني قوله: «إن إيران تسلح شيعة سورية وميليشيات
أخرى، لا بهدف دعم نظام الأسد، بل للإبقاء على ممر إلى حزب الله حال انهار هذا
النظام».
ويؤكد هوف أن كل هذا «لا يعني أن أحدا من محدثينا الإيرانيين ينظر إلى بشار
الأسد كرجل دولة أو كزعيم يهدف إلى حماية مصالح كل السوريين»، مضيفا أن كل
المسؤولين الإيرانيين «نأوا بأنفسهم وبلادهم عن ممارسات نظام الأسد، ولكن الأمر
يتعلق بالمصالح... وكما قال لنا مسؤول إيراني، بالنسبة لإيران، الأسد جزء رئيس من
الإستراتيجية الإيرانية، وليس قابلا للتفاوض».
ويتابع المسؤول السابق أن الإيرانيين قالوا له إنه «لا خلاف داخل إيران بين
السياسيين والعسكر حول هذه النقطة، وسورية أهم بالنسبة إلى إيران من خوزستان»،
المحافظة الإيرانية الجنوبية الغربية الغنية بالنفط وذات الغالبية السكانية العربية.
وينقل عن مسؤول إيراني قوله إن «دعمنا لسورية جيوسياسي. هدفنا تقوية مقدرات
حزب الله على الردع، وحزب الله يجعل إسرائيل تفكر مرتين، لهذا سورية مهمة، فحزب
الله هو موضوع حياة أو موت (بالنسبة لإيران)، أما سورية كسورية، فليست كذلك».
ويقول هوف: «من المفيد القول أيضا إن محدثينا الإيرانيين أجمعوا على أن العدو
الحقيقي هو العربية السعودية، داخل سورية وخارجها... أحدهم قال إن المملكة تزداد
أهميتها يوما بعد يوم في حسابات إيران، وقال إنه قلق من عواقب الحرب الطائفية
والأهلية في سورية، لكن السعودية ترى مصلحتها في المدى القريب في تعويم الطائفية،
وذهب إلى حد القول أن للولايات المتحدة وإيران مصلحة مشتركة في احتواء الحرب
الطائفية في المنطقة وفي إلحاق الهزيمة بالتحدي السعودي للولايات المتحدة».
ونقل هوف عن «متحدث إيراني آخر» قوله: «إن إيران تعتقد أن العاصفة مرت في
سورية»، وأنها «تشعر بارتياح للوضع هناك، ولا سبب لمواجهة إيرانية أميركية في
سورية، ويمكن للبلدين إيجاد أرضية مشتركة في سورية».
إيراني آخر قال لهوف إنه «لا يرى أن أميركا أو إسرائيل فعلت أي شيء في سورية،
وكل المشكلة تكمن في العربية السعودية، وإلى حد أقل تركيا».
في تركيا، يختم هوف، «حتى (رئيس حكومة تركيا رجب طيب) اردوغان مستعد الآن
أكثر مما كان عليه من قبل للبحث في أفكار إيرانية حول سورية، وفقا لأحد الإيرانيين».
عن موقع العصر