،’
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
شعائر الإسلام،
أدب النصيحة،
الحسبة،
الاحتساب،
قبول النصح،
كلنا داعية،
الدعوة إلى الله.
نَماذج ذكية من الحِسبة النّسوية ( قيّمٌ )
* عليّ بن أحمَد المُطاع.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وبعد:
فقد قيل: الحاجة أم الاختراع، والتفكير يولد الإبداع،
وإذا بلغت في النفسالدعوة إلى الله مبلغاً تكون كالحاجة أو الضرورة،
فلا شك أن النفس ستتحايل كثيراً في الوصول إلى ما تهفو إليه.
ولعل كثيراً من الداعيات إلى الله؛
يجدن في أنفسهن تساؤلات عن بعض الأخطاء الموجودة كيف تنكرها بأسلوب مقنع،
أو طريقة مجدية، وكيف تستخدم وسيلة ناجحة.
ولا شك أننا كلنا بحاجة إلى تلاقح الأفكار،
وتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب العملية والعلمية في مجال الدعوة إلى الله تعالى،
ولأجل هذا خط سوادُ القلم في هذه البيضاء، وصاحبُه راجٍ تغذيةً راجعة من قرَّائه، وخبراتٍ ناجعة لدى نظرائه،
وتوجيهات رائعة ممن لهم سبق في هذا المضمار وكثير ما هم.
............
والأمل الوصول إلى استخراج
الأسلوب الحكيم ،
والطريقة المثلى ،
والتجربة الموفقة ،
من مواقف لبعض الداعيات المحتسبات، والإفادة منها،
بغض النظر عن نوع القصة وموضوعها؛
إذ المراد هو معرفة كيفية طريقة الصيد، لا نوع السمكة،
وإن ذكرت القصة فإنما للمثال والتوضيح ولحكاية تجربة ناجعة.
............
- وأحسب أن من أنجح المؤثرات ؛
ي التغيير بعد توفيق الله القدوةَ الحسنةَ، فإنها لا مثيل لها في كثير من الأخطاء،
فكلنا سمع بمشورة أم سلمة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛
حين لم يحلق الصحابة رضي الله عنهم لأملهم في تيسير الله لهم بعمرة في بيته الحرام،
فأخبرته أن يحلق وسيراه الناس فيحلقون، فما وني الصحابة ولا تراجعوا حينئذ في حلاقة بعضهم لبعض.
فدلَّ ذلك على أن أم سلمة - رضي الله عنها - تدرك أن الحسبة بالقدوة لها أثر نافع،
بأن تظهر المحتسبة على وفق ما تدعو إليه،
وخلاف ما تنهى عنه،
وهذا أسهل شيء تقوم به المحتسبة في أي شيء، سواء في العبادات والفضائل تقوم بفعلها،
أو في المنكرات والرذائل تقوم بتركها، فذلك وحده كافٍ للتأثر، وهو نوع من الاحتساب الصامت.
............
- والحسبة الصامتة لها دور رائع في التأثير، لكونها لا تسبب إحراج المحتسب عليها،
ولا حتى المحتسِبة، بل يمارس شيئاً دون أن يتعرض للآخر، ولكن يريه ويشعره بما يفعل كي تصل الرسالة،
فالتجارب في هذا كثيرة مسموعة ومقروءة، ومن أجمل منتقى الروايات،
ما حكته إحدى الغارقات: "كنت أجمع الشِعر الساقط، وأحفظه، وأتداوله مع الفتيات..
كنا نظن أن تلك سعادة..
ولكنَّ الله أراد لي هداية ونجاة من أمواج الشهوات..
جلست في إحدى المحاضرات يوماً في الكلية بجانب فتاة صالحة مستقيمة..
كانت قد كتبت على دفتر محاضراتها هذا الدعاء: (اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك)..
قلت: نحن نكتب الشعر الساقط.. وهؤلاء الفتيات يكتبنَ مثل هذه الكلمات..
فهزتني الكلمات، وتأثرت بها تأثيراً شديداً..
فأخذت أبكي..
وشعرتْ هي ببكائي، وسألتني عن السبب..
فأخبرتها بأنه الدعاء المكتوب على دفتر محاضراتها لقد أثر فيني[1].
وهذه ليست عفوية في جامعة تكثر فيها الغارقات،
بل دالة على أن صاحبة الدفتر تحمله معها وتيسره أن يكون عُرضة للأعين،
فكانت هذه ثمرةً من ثمار حسبتها الصامتة.
............
ولقد أسلمت فتاة أمريكية بحسبة صامتة أخرى،
تكمن في إظهار أحكام الشريعة أنها كانت تعمل على آلة الحساب -قبض النقود في إحدى المحلات-
وأنها كانت ترى بعض النساء يأتين للشراء من المحل وهن في حجاب كامل لا يظهر منهن شيء،
فهذا المظهر كان منظراً غريباً جداً في ذلك المكان،
وفي يوم من الأيام سألت إحداهن عندما كانت تحاسب،
وقالت: ما هذا الذي ترتدينه؟
ولماذا ترتدينه؟ فشرحت لها أنها امرأة مسلمة،
وهي زوجة أحد الطلاب الذين يدرسون في تلك المدينة الجامعية،
وأنها مسلمة والإسلام يفرض عليها الحجاب، والله أوجب الحجاب ستراً للمرأة وصيانةً لها... إلخ،
فكان هذا شيئاً قدح في نفس تلك المرأة الكافرة الإعجاب بهذا الدين، قالت: فرجعت إلى بيتي،
وأخذت قطعة طويلة من القماش، فغطيت بها رأسي، وارتديت معطفاً ذا كم طويل، فأعجبني منظره،
وذهبت بعد ذلك إلى مركز إسلامي قريب لأسأل عن هذا الدين، وما مكوناته، وما هي شعائره،
فاطلعت وقرأت حتى اقتنعت ودخلت في الدين، والتزمت الحجاب، ما هو السبب؟
إنه ذلك التمسك بأحكام الشريعة التي قامت به تلك المرأة في ديار الكفر[2].
............
- وإذا كان الدعاء للمحتسب عليه نافعاً، فإن الدعاء على صاحب المنكر
عند الضرورة قد يكون موصلا للنتيجة: خاصة في مثل الحالات المستعصية،
والغرض إظهار الغضب والبغض من المنكر وعدم تسويل النفس به، لاسيما عند مواجهة الدعوة إليه،
فعلى سبيل المثال: "فتاة سَمِعَتْ مُتّصلاً يُحاول الخضوع لها في القول، فأغلقت السماعة،
ثم حاول مرة ثانية فَدَعَتْ عليه دعوةً شديدة، فما عاود الاتصال"[3].
خاصةً أن حرف الجبر «على» يعني المجاوزة وترك الشيء كما هو معروف.
............
وهذا الخطأ يتكرر كثيرًا في أسئلة الاختباراتِ؛
لذا يجِب أن يتنبّه الذين يَضعون الاختبارات لهذا الأمر.
قال تعالى: (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) .
----------------
منقول للافادة