أروع ما قال إبن هاني
يا ذا الَّذي يَخطِرُ في مِشيَتِه * قَد صَفَّفَ الشَعرَ عَلى جَبهَتِه
و سَرَّحَ المِئزَرَ مِن خَلفِه * وَدَقَّقَ البانَ عَلى وَفرَتِه
قَلبي عَلى ما كانَ مِن شِقوَتِه * صَبٌّ بِمَن يَهوى عَلى جَفوَتِه
يَختَلِقُ السَخطَةَ لي ظالِماً * أَحوَجُ ما كُنتُ إِلى رَحمَتِه
أكُلَّما جَدَّدَ لي مَوعِداً * أَخلَفَهُ التَنغيصُ مِن عِلَّتِه
أضمِرُ في البُعدِ عِتاباً لَهُ * فَإِن دَنا أُنسيتُ مِن هَيبَتِه
مُبَتَّلٌ تَثنيهِ أَعطافُهُ * أَميَسُ خَلقِ اللَهِ في خَطرَتِه
مُهَفهَفٌ تَرتَجُّ أَردافُهُ * يَتيهُ بِالحُسنِ عَلى جيرَتِه
يَحارُ رَجعُ الطَرفِ في وَجهِهِ * وَصورَةُ الشَمسِ عَلى صورَتِه
يَنتَسِبُ الحُسنُ إِلى حُسنِهِ * وَالطيبُ يَحتاجُ إِلى نَكهَتِه
وَلَيلَةٍ قَصَّرَ في طولِها * بِالكَرخِ أَن مُتِّعتُ مِن رُؤيَتِه
في مَجلِسٍ يَضحَكُ تُفّاحُهُ * بَينَ الرَياحينِ إِلى خُضرَتِه
ما إِن يَرى خَلوَتَنا ثالِثٌ * إِلّا الَّذي نَشرَبُ مِن خَمرَتِه
خَمرَتُهُ في الكَأسِ مَمزوجَةٌ * كَالذَهَبِ الجاري عَلى فِضَّتِه
فَتارَةً أَشرَبُ مِن ريقِهِ * وَتارَةً أَشرَبُ مِن فَضلَتِه
وَكُلَّما عَضَّضَ تُفّاحَةً * قَبَّلتُ ما يَفضُلُ مِن عَضَّتِه
حَتّى إِذا أَلقى قِناعَ الحَيا * وَدارَ كَسرُ النَومِ في مُقلَتِه
سَرَت حُمِيّا الكَأسِ في رَأسِهِ * وَدَبَّتِ الحَمرَةُ في وَجنَتِه
فَصارَ لا يَدفَعُ عَن نَفسِهِ * وَكانَ لا يَأذَنُ في قُبلَتِه
دَبَّ لَهُ إِبليسُ فَاِقتادَهُ * وَالشَيخُ نَفّاعٌ عَلى لَعنَتِه
عَجِبتُ مِن إِبليسَ في تيهِهِ * وَخُبثِ ما أَظهَرَ مِن نِيَّتِه
تاهَ عَلى آدَمَ في سَجدَةٍ * وَصارَ قَوّاداً لِذُرِّيَّتِه