بسم الله الرحمن الرحيم
هل الحديث الضعيف بتعدد طرقه يتقوى بذلك فيصل إلى درجة الحسن.؟
يجيبك الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
السائل : أما الشق الثانى بيقول إذا كان هناك فى الحديث نفسه ، وأتفق أن جه هذا الحديث عن عدة طرق روى فلان عن فلان عن عدة طرق ، فوجد أن لهذا الحديث الضعيف عدة طرق ، قيل أن هذا يصل لدرجة الحسن . فهل هذا صحيح يا شيخ ؟
الشيخ : نعم هذا صحيح ، لكن بشىء من البيان والتفصيل لا بد منه ، بل أنا اقول قد يصل بمرتبة الصحيح وليس الحسن فقط ، لكن يجب أن نشرح فكرة العلماء الذين قالوا بهذا القول ، ثم مستندهم فى ذلك .
أولا : هذا الإطلاق ، يعنى الحديث الضعيف يتقوى بكثرة الطرق ليس على إطلاقه ، بل له قيد ، وهو : إذا لم يشتد ضعف الطرق ، وهذا يحتاج إلى شرح فى اصطلاح علماء الحديث ، شو معنى لم يشتد ضعف الطرق ؟ وشو حصيلة هذا الشرط ؟
حصيلته بإيجاز واختصار شديد جدا : هو أن يكون الضعف ناتجا من سوء حفظ أحد الرواة ، لأنه هذا الراوى سىء الحفظ يمكن إذا تفرد برواية حديث يكون أخطأ فيه ، والخطأ يكون أنواعا _ وهذا طبعا مشروح شرح لا شرح بعده فى كتب الحديث ، الراوى سىء الحفظ بيكون الحديث من كلام الصحابي فيسهو ويقول قال رسول الله ، وقد يكون العكس ، يكون الحديث عن الصحابى عن رسول الله فينسى ويقول قال الصحابى الفلانى وهكذا ، والأمثلة كثيرة .
فالشرط هنا إذا لم يشتد ضعفه : أي كانت هذه الطرق تدور على رواة كلهم ثقات ، عدول ، صالحين ، ما يكذبوا ، ولكن كل طريق لا يخلو من رجل فيه سوء حفظ ، حينئذ - صحيح نظريا - ممكن سىء الحفظ انه يروى حديث يكون فيه خطأ ما أنكشف النا احنا ، شو بدكم موقفنا بالنسبة لحديثه ؟ نبتعد عنه ، لأننا ما نروى الحديث ولا ننسبه للرسول إلا بعد ما يحصل عنا غلبة الظن أن هو قاله - كما سبق البيان أنفا - ، رواية سيء الحفظ للحديث الضعيف ما بيحقق غلبة الظن فى نفس الباحث أن الرسول قال هذا ، بل على العكس .
لذلك يجتنب العلماء حديث الصدوق سىء الحفظ ... لا يحتج به ، لكن صدوق زائد صدوق - طريق تانى ، زائد صدوق - طريق تالت ، وعد على حسب الحديث وطرقه ، تزول الشبهة التي من أجلها لا يحتج علماء الحديث بحديث سىء الحفظ ، تزول ليه ؟ لأن كيف هذا أخطأ وذاك أخطأ وذاك أخطأ ؟ هذا بعيد جدا
يأتي بعض العلماء بمثال ، لو فرضنا أن شاعرا مجيدا نظم شعرا ، أربع خمس أبيات ، لايمكن لشاعر اخر أنه ينظم المعنى بنفس الألفاظ التي جاء بها الشاعر الأول ، قد يدندن حول المعنى لكن بلفظ وبقافية أخرى ، فإن اجتماع ضعيف مع ضعيف كما قيل :
" لا تحارب بناظريك فؤادى *** فضعيفان يغلبان قويا "
هادول إذا اجتمعوا ثلاثة أربعة من الضعفاء بيعطوا قوة للرواية هذه ، ثم دليل العلماء فى هذه القاعدة بعد توضيحها وبيان الشرط فيها أن الله عز وجل جعل شهادة المرأتين بمنزلة شهادة الرجل الواحد ، وقال فى التعليل الوارد (( أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى )) فشهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل ، لأن المرأة لها أوضاع خاصة ليس كالرجل ، فدعم ضعف الغريزة الموجود فى المرأة رب العالمين بشهادة أمرأة أخرى ، فأمرأتان تساوى شهادة رجل واحد ، فإذن ضعيفان من النوعية السابقة يساويان رواية ثقة ، فبهذا الشرط الحديث الضعيف إذا كثرت طرقه ، ولم تكن هذه الطرق شديدة الضعف فهو ينتقل إلى مرتبة الحسن ، بل قد يرتقي إلى مرتبة الصحيح كلما تكاثرت الطرق ، لأن تكاثر الطرق يقوى الظن الذى أُلقى فى النفس من الطريقين أو الثلاث .