يعدّ أبو عبيدة بن الجرّاح الفهري القرشيّ، صحابي جليل وأمين الأمّة الإسلاميّة، وله عدّة مواقف مشرّفة في تاريخ الإسلام، وسنتحدّث في مقالنا هذا عن وفاته، وأهمّ وصاياه.
وفاته
توفّي أبو عبيدة رضي الله عنه على إثر إصابته بمرض طاعون عمواس الشّهير في السّنة الثامنة عشرة للهجرة عن عمرٍ يناهز ثمانيةً وخمسين عاماً، وقد استخلف معاذ بن جبل على الجند بعد موته.
وصاياه
يا أيّها النّاس! توبوا إلى الله من ذنوبكم توبةً نصوحا، فإنّ عبداً لا يلقى الله تائباً من ذنبه إلّا كان حقّاً على الله أن يغفر له، من كان عليه دين فليقضه، فإنّ العبد مرتهن بدينه، ومن أصبح منكم مهاجراً أخاه فليصالحه، ولا ينبغي لمسلم أن يهجر أخاه أكثر من ثلاث، إنّكم أيّها المسلمون قد فجعتم برجلٍ ما أزعم أنّي رأيت عبدا أبرّ صدراً و لا أبعد غائلة، ولا أشدّ حبّاً للعامّة، ولا أنصح للعامّة منه فترحّموا عليه رحمه الله، واحضروا الصلاة عليه. ( تاريخ مدينة دمشق )
وأخرج الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي سعيدٍ المقبريّ قال: مات أبو عبيدة بن الجرّاح، فقام معاذٌ في النّاس فقال: إنّكم أيّها النّاس قد فجعتم برجلٍ واللّه ما أزعم أنّي رأيت من عباد الله عبدًا قطّ أقلّ غمزًا ولا أبرّ صدرًا، ولا أبعد غائلةً، ولا أشدّ حبًّا للعاقبة، ولا أنصح للعامّة منه، فترحّموا عليه رحمه اللّه، ثمّ أصحروا للصّلاة عليه، فاجتمع النّاس، وأخرج أبو عبيدة، وتقدّم معاذٌ فصلّى عليه حتّى إذا أتى به قبره دخل قبره معاذ بن جبلٍ وعمرو بن العاص والضّحّاك بن قيسٍ، فلمّا وضعوه في لحده وخرجوا فشنّوا عليه التّراب، فقال معاذ بن جبلٍ: يا أبا عبيدة، لاثنينّ عليك ولا أقول باطلاً أخاف أن يلحقني بها من الله مقتٌ كنت واللّه ما علمت: من الذّاكرين اللّه كثيرًا، ومن الّذين يمشون على الأرض هونًا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلامًا، ومن الّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، وكان بين ذلك قوامًا وكنت واللّه من المخبتين المتواضعين الّذين يرحمون اليتيم والمسكين ويبغضون الخائنين المتكبّرين.
المراجع
د. محمد عبد القادر أبو فارس، 1987. ثلّة من الأوّلين. عمّان -الأردن. دار الأرقم للنّشر والتّوزيع.