مظاهرات 17 أكتوبر 1961
كشفت الكثير من إستطلاعات الرأي وعمليات سبر الآراء أن الجزائريين يكادون يجهلون كل شيئ عن جرائم 17 أكتوبر 1961،،
وذلك بسبب التعتيم الممارس ضدها، والذي يصنفها في خانة المظاهرات دون تأكيد لطابعها الإجرامي، رغم مطالبة الفرنسيين ذاتهم بتصنيفها في خانة الجرائم ضد الإنسانية، وحتى نعري الطابع البربري لهذه المظاهرات نضع بين أيديكم شهادة ( شاهد منهم ) من خلال ما جاء في كتاب :
( التعذيب والجيش خلال حرب الجزائر من 1954 إلى 1962 ) لصاحبته رفائيل برونش.
قمع مظاهرات 17 أكتوبر 1961 في باريس ينقل البربرية إلى قلب باريس:
" 17 أكتوبر أصبح يوم الخجل الوطني " دانيل ميار Daniel Mayer رئيس لجنة حقوق الإنسان.في 17 أكتوبر تنظم فيدرالية جبهة التحرير الوطني في باريس مظاهرة سلمية للاحتجاج على قانون منع التجول الذي فرضه على الجزائريين الفاشي موريس بابون maurice papon ، جماهير المغتربين المقدرة ب 80 ألف شخص من نساء و رجال و أطفال خرجت ليلا لتتحدى موريس بابون و تستنكر التمييز العنصري الذي حاولت السلطات الفرنسية فرضه على المغتربين و الممارسات التعسفية و المذلة التي كانوا يتعرضون إليها . لقد كان رد فعل القوات الفرنسية من بوليس و درك و مجموعات الحركة و المجموعات الخاصة جد عنيف ، وكانت الحصيلة ثقيلة جدا ، فقد تم إحصاء :
* أكثر من 12 ألف توقيف.
* مئات الضحايا الذين ألقي بهم في نهر السين أو قتلوا رميا بالرصاص.
* أكثر من ألف جريح.
لقد أثار الاضطهاد اشمئزاز مجموعات واسعة من الرأي العام الفرنسي بما فيهم رجال من الشرطة الذين عبروا عن استيائهم في مذكرة دون الإفصاح عن هويتهم لكن تأثير تعابير الاستنكار لم يكن له أثرا كبيرا على الموقف الرسمي. و قد عادت القضية إلى سطح الأحداث في سياق محاكمة مريس بابون، فقد قام هذا الأخير بتقديم دعوى ضد المؤرخ جون ليك أينودي jean luc Einaudi متهما إياه بالقدح ضد شخصه ولكن العدالة رفضت الدعوى و أقرت بصفة رسمية بالجريمة النكراء التي ارتكبت في حق المغتربين الجزائريين و لعرض بعض ما حدث نستشهد ببعضما جاء في رسالة مجموعة من رجال الشرطة الذين نددوا بما جرى و قد جاء في هذه الرسالة ما يلي : " من بين الآلاف من الجزائريين الذين حولوا إلى حديقة المعارض parc d'exposition تم اغتيال عشرات منهم ضربا ، فقد تم تهشيم جماجمهم أو تفجير أكبادهم و تكسير أعضائهم . و قد تم عفس أجسادهم ، بمرأى من المراقب العام السيد بريس Paris . آخرين قطعت أصابعهم من طرف أفراد من الشرطة والدرك الذين أطلقوا على أنفسهم تسمية "لجنة استقبال".
قوات الأمن تحاصر جزائريين على جسر نويي Neuilly:
كل الجزائريين الذين وقعوا في هذا الفخ تم صرعهم و رمي بهم في نهر السان، مئة جزائري على الأقل تعرضوا إلى هذه العملية . نفس الأسلوب استعمل في جسر سان ميشال . و في الصباح بدأت الأجساد تطفوا على السطح و هي تحمل علامات الضرب و الخنق . في محطة الميترو أوستارليتز ، كان الدم يجري بغزارة و أشتات الجزائريين كانت تملأ السلم." تضيف الرسالة أنه في مكان آخر خلف ثكنة "كان السفاحون يتخلصون من ضحاياهم في نهر السان الذي يمر على بعض الأمتار حتى لا يتم إجراء الفحوص الطبية عليهم و لكن قبل ذلك يجردونهم من ساعاتهم و أموالهم و هذا على مرأى من موريس بابون رئيس الشرطة و المدير العام للشرطة البلدية السيد لوقاي M legay . و يضيف التقرير تفاصيل أخرى لعمليات جرت في مناطق مختلفة من باريس حيث تم رش الجزائريين بالبنزين و حرقهم و تم تجريد البعض الأخر من وثاقهم و تقطيعها و توقيفهم بعد ذلك ليعدموا و تلقى جثتهم في القناة أو يتركوا جرحى أو موتى في أماكن خالية. و حالات أخرى من الجزائريين تم شنقهم في غابة فنسان إلخ . و يضيف التقرير أن هذه العمليات لم تبقى سرا على مختلف السلطات و أن ما جاء في الصحافة ليس إلا جزءا ضئيلا مما حدث فعلا.