يتواصل سيناريو القتل في الولايات المتحدة الأمريكية مع اقتراب الرئاسيات، حيث قتلت، أمس، أربع نساء ورجل جراء إطلاق نار من قبل مسلح بمركز تجاري، بواشنطن، شمال غرب البلاد، فيما أجّلت مرشحة الحزب الديمقراطي الأمريكي هيلاري كلينتون، زيارتها المقررة اليوم، إلى مدينة شارلوت، بولاية كارولينا الشمالية، عقب الغليان الذي شهدته الأخيرة بعد مقتل المواطن كيث لامونت سكوت، وهو من السود الأمريكيين، على يد شرطي أسود أيضا، مما أدى إلى خروج المواطنين في مظاهرات والدخول في جملة من الصدامات، خاصة مع كثرة الأخطاء في قتل الأمريكيين السود من قبل الشرطة.
بعد تعدد حوادث القتل والاعتداءات والأخطاء المرتكبة من قبل قوات الأمن الأمريكية، لا سيما حيال المواطنين من السود، بات واضحا أن ملف الأمن سيشكل أحد المواضيع الهامة في الحملات الانتخابية للمترشحين، وعلى غرار الجدل القائم حول حمل السلاح في الولايات المتحدة، فإن الإجرام والعنف البوليسي سيحضر بلا شك موائد النقاش في الانتخابات الأمريكية القادمة .
وقد عاشت مدينة شارلوت بولاية كارولينا الشمالية، غليانا على خلفية مقتل كيث لامونت سكوت، أحد المواطنين السود منذ أربعة أيام على يد الشرطة، ونظمت مسيرات بالعديد من المدن الأمريكية بدعوة من تنظيمات ومنظمات للدفاع عن السود في الولايات المتحدة، هذا الجو دفع بمرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون إلى تأجيل زيارتها المقررة اليوم إلى المدينة.
وأضحت حوادث القتل على يد الشرطة عاملا مؤرقا، حيث فاق عدد الضحايا 566 مواطن من السود بالخصوص منذ بداية السنة، إذ يجد الساسة أنفسهم في موقف حرج، بما في ذلك الرئيس الديمقراطي الحالي باراك أوباما الذي شهدت عهدته الثانية أكبر حصيلة للقتل على يدي الشرطة، ومست بالخصوص السود من الأمريكيين، هؤلاء الذين تنفسوا الصعداء واعتقدوا أن وصوله إلى سدة الحكم سيكون متنفسا لهم، يحميهم من التجاوزات المرتكبة في حقهم، لكن الواقع أثبت عكس ذلك.
واضطر الرئيس أوباما إلى التدخل مجددا، معلنا ضرورة فهم مطالب السود، ويتضح أن الإدارة الأمريكية تجد نفسها أمام تحد كبير، يدفعها إلى إعادة بعث الحوار والنقاش حول أبعاد العنف الممارس من قبل الشرطة، لا سيما حيال السود، حيث سجل حادثين خلال أيام قليلة استهدفا مواطنين من السود الأمريكيين، ومع تصاعد حدة المظاهرات، اضطر حاكم مدينة شارلوت إلى إعلان حالة الطوارئ تحسبا لأي طارئ.
على صعيد متصل، لا يزال العنف يمثل هاجسا أيضا للساسة الأمريكيين، حيث قتلت أمس أربع نساء ورجل جراء إطلاق نار من قبل مسلح بمركز تجاري بواشنطن شمال غرب البلاد، ليلوذ بعدها بالفرار، وتعددت حالات إطلاق النار في الولايات المتحدة وسط الجدل القائم دوريا بين مترشحي الرئاسة حول حمل السلاح، في وقت يتمتع فيه لوبي السلاح بتأثير ونفوذ كبيرين، جعل العديد من المسؤولين الأمريكيين يذعنون لمسألة حمل السلاح.
للعلم، فإن قانون حيازة السلاح أقرّه الدستور الأمريكي، معتبرا إياه حقا للمواطنين، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الصناعية والمتقدمة الوحيدة في العالم التي تسمح لمواطنيها بحمل السلاح في الشوارع، وهو أمر متجذّر في الثقافة الأمريكية.
ويندرج القانون في إطار احترام الحرية الفردية، وتعتبر محاولات الحد من الحصول على تلك الأسلحة من المقترحات التي تفقد المرشحين أصوات الناخبين، لكن تزايد أحداث العنف الدامية التي تخلّفها حوادث إطلاق النار بشكل فردي داخل المجتمع الأمريكي، يساهم في ارتفاع حدة الأصوات المطالبة بمراجعة التشريعات الخاصة بحيازة الأسلحة، ويرتقب أن يعود النقاش لهذه المسألة مع الرئاسيات المقبلة، خاصة مع تفاقم حوادث القتل .
وتدافع مجموعات ضغط أمريكية قوية ولوبيات، عن حق امتلاك السلاح الذي يقرّه الدستور في مواجهة أي تعديلات قانونية، وتشكل الرابطة الوطنية للأسلحة أو ما يعرف بـ “أن أر أي” بولاية فرجينيا الشمالية، أقوى تلك المجموعات التي نجحت خلال سنوات طويلة في منع تقييد تجارة الأسلحة في الولايات المتحدة.
منقول