اكتُشفت أمريكا بالصدفة البحتة، فقد أوكل إلى كريستوفر كولومبوس مهمّة إيجاد طريقةً بديلة توصل إلى القارة الهندية غير الطريق التي كانت تمر بالبلاد العربيّة (المحمدية) كما كان يقولها كولومبوس، وذلك عبر تغيير اتّجاه المسير نحو الغرب في محاولةٍ للوصول إلى الهند والصين، واعتقد أنه يمكن الوصول إلى تلك البلاد عند سلوك الطرق الغربيّة لكروية الأرض، ومن هذا المبدأ انطلقت رحلة اكتشاف تلك الطريق، واعتمد كولومبوس على أحدث خرائط وضعت من قبل علماء عصره، وهي خرائط الإيطالي (باولو توسكانيلي)، والألماني (مارتين بيكهام).
انطلقت رحلة كولومبوس باتجاه الغرب وكان هدفه من هذه الرحلة الشهرة والثراء، وكان تعصبه للكاثوليكيّة أحد أهم أسباب رحلته ليجنب السفن المرور عبر الأراضي المحمديّة، وقام بتجهيز ثلاث سفن لهذه الرحلة، وصل أولاً إلى جزر سان سيلفادور (البهاماس)، ومنها تم الوصول إلى كوبا؛ حيث تعدّ هذه المناطق أول اكتشافات كولومبوس، وكان يعتقد عند وصوله إليها بأنه قد وصل الى الهند الغربيّة، وأنه قد نجح في ايجاد الطريق إلى تلك القارة.
واستمرّ في رحلة اكتشافه لما هو أبعد عبر تكرار رحلته مرّة أخرى بأسطول بحري كبير يتكوّن من 17 سفينة، وتضمّ تلك السفن 1500 بحار؛ حيث وصل في رحلته إلى جزر الأنتيل والبحر الكاريبي، ومن ثمّ نجح بالوصول إلى جامايكا وغيرها من الجزر التي تقع في الجهة الشرقيّة من القارة الأميركيّة، وبهذا كان كولومبوس قد وصل إلى أهم الاكتشافات الجغرافيّة، واستطاع معرفة أهم الطرق البحريّة الجديدة؛ حيث تمّ وضع رسومات وخرائط جديدة بناءً على المعلومات التي توصّل لها كولومبوس في رحلته، لكنه كان يظن حتى ذلك الوقت بأنه قد وصل إلى القارة الهندية.
يعتقد بعض المؤرّخين بأن هناك من سبق كولومبوس في اكتشاف العالم الجديد، وقد بنوا اعتقاداتهم تلك على مخطوطات قام بتدوينها كولومبوس نفسه؛ حيث يذكر فيها بأنه قد عثر على بعض الآثار الإفريقيّة عند وصوله للقارة الأميركيّة، وهذه المعلومات تدعم ما تناقلته بعض كتب التاريخ، والتي جاء فيها بأن أبا بكر الثاني حاكم إمبراطوريّة مالي هو أول من اكتشف القارة الأميركية وذلك قبل اكتشاف كريستوفر كولومبوس لها بـ 200 عام، ويصرّ الصينيون على أنهم هم من اكتشفوا القارة الأميركيّة وذلك قبل اكتشاف كولومبوس لها بعدة عقود.
كانت أميركا قبل وصول كولومبوس لها تكتظ بالسكان الأصليين؛ حيث بدأت أعدادهم تقل بعد اكتشاف كولومبوس لبلادهم، وبدء هجرة الأوروبيين إليها، والاستيلاء على أراضيهم وبسط نفوذهم هناك بالقوة، ومورست العديد من المجازر بحق السكان الأصليين، واتّخذوا من تبقّى منهم عبيداً لهم، وتمّت المتاجرة بهم في أوروبا كخدمٍ وعبيد.
منقول