facebook twitter rss
v





العودة  

جديد مواضيع منتديات بيت العرب الجزائري


قسم التاريخ الفلسطيني


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-11-15, 12:33 PM   #1
hakimdima
مشرف الأقسام التعليمية


العضوية رقم : 10954
التسجيل : Jul 2016
العمر : 39
الإقامة : الجزائر
المشاركات : 6,072
بمعدل : 1.99 يوميا
الوظيفة : متعاقد
نقاط التقييم : 10
hakimdima is on a distinguished road
hakimdima غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي التّاريخ الفلسطيني الحديث في مأساة الهنود الحمر

مقال..

عنوان كتاب الباحث والمترجم منير العكش «دولة فلسطينيّة للهنود الحمر» (دار رياض الريس) يختزل كلّ الحكاية، فهو ليس مجرّد مفارقة متهكّمة أو سوداويّة هنا، أو مقاربة مجازيّة أو شعرية لمأساتي الهنود الحمر والفلسطينيين، وإنما الإطار العام لما سيكشفه العكش في الكتاب عن قواسم مشتركة عميقة بين سياستي الولايات المتحدة وإسرائيل إزاء الشعبين المقهورَين على التوالي، إضافةً إلى التشابه المذهل في صناعة الظروف التي أدّت إلى جعل أحلام الفلسطينيّين والهنود الحمر في إقامة دولة، على مقاس متطابق تقريباً،. ما يجعل من أيّ قطعة شعريّة مثلاً أو قراءة روائيّة للمسألة، شأناً مشروعاً جدّاً.

بهذا، لن تعود قصيدة محمود درويش «خطبة الهنديّ الأحمر» مجرّد محاولة لإحالة قصّة الهنود الحمر في أميركا إلى مجاز فلسطيني، وإنما تغدو واقعاً تاريخيّاً مريراً حتى وإن غلِّفَ هذا الواقع بالصّور الشعريّة والغناء. الأمر أيضاً يُذكِّر بما قاله بول أوستر في إحدى مقابلاته الصحافيّة، بما معناه، أنّه ما دامت حكومة واشنطن بهذا الانحياز الفاضح لإسرائيل، فلماذا لا تمنح الإسرائيليّين واحدةً من ولاياتها الأميركيّة كوطنٍ بدلاً من فلسطين، ويكون ذلك هو الحلّ؟.

المأساة الفلسطينيّة يمكن اعتبارها تجديداً للمأساة الهنديّة، الأمر الذي يجعل للكتاب قيمةً بحثيّة ودلاليّة في آليّات السياسة والتحوّلات الكبرى في التاريخ وهجرات الشعوب. ظلّ المفاوضون الأميركيّون يناورون الهنود الحمر بوهم الدّولة، حتى وجد هؤلاء أنفسهم في معاهدة دفاع عسكريّة جنباً إلى جنب مع الغزاة. أخذ الأميركيّون يتمدّدون في مستوطنةٍ تلو الأخرى، ثمّ يبنون الحصون والقلاع الّتي سيستعملونها ضدّ قبائل أخرى من الهنود، قبل الانقضاض على حلفائهم في نهاية الأمر. المعاهدة كانت مزوّرة، وبعد أن جهد الزّعيم الهندي وايت آيز في إتمام المعاهدة وتوقيعها باسم شعب الدولاوير، بل والمناداة بـ «الدخول في دين الرّجل الأبيض»، تمَّ تسميمه بعد مضيّ أسبوعين على التوقيع، بأوامر من جورج واشنطن شخصيّاً، فقد أدّى وايت مهمّته بوضع الهنود تحت سلطة الغزاة الجدد. لم يستخدم الأميركيّون البولونيوم آنذاك، أو أيّ ميلليغرامات من أيّ عنصر مشعّ آخر، وإنما جراثيم الجدري، واحد من أوّل الاغتيالات السياسيّة في التّاريخ الحديث باستخدام سلاح بيولوجي.

أيّ معاهدة لم تكن لتوقف تقدم الإنسان الأبيض، بميليشياته وخططه وشركاته وفكره وعزمه تحويل السكّان الأصليّين إلى فئة لا تمتلك أيّة أفضليّة، ولا تتعادل في الحقوق والمستوطنين الجدد. فنقرأ أنّ الفيلسوف توماس هوبس اعتبر أنّ طبيعة الأمم والشعوب الهنديّة لا تسمح لهم بإنشاء دولة. وقد جنّدت الشركة الاستعماريّة الإنكليزيّة فرجينيا التي ساعدت في الترويج لأدبٍ دينيّ زعم تنصير الهنود، متسلّحةً برعاية المملكة الإنكليزيّة لها من جهة، وادّعائها التعلل بعناية الله من جهة أخرى. فبهذه العناية وحدها، يصبح الغزاة الإنكليز «شعب الله» الأوّل. المستوطنات أخذت تنتشر، مبشّرةً بواقع جيوسياسي وديني جديد، اعتبره الأميركيّون واقعاً ديموغرافياً وعمرانياً جديداً ينبغي على الهنود الاعتراف به أوّلاً ووقف اعتباره مشكلة، رغم أنّه واقع أقيم بالغصب على أرضهم. ممارسات لا يمكن إلا أن تحيلنا إلى آليّة إسرائيل في ضرب الفلسطينيّين أثناء اجتماعها بهم على طاولة المفاوضات. المفارقة الكبرى أنّ الأميركيّين كانوا قد وعدوا الهنود بإطلاق اسم «كنعان» على دولتهم الموعودة. في خضمّ ذلك، وبعد الحرب الأهليّة، صارت جموع الوافدين إلى الوطن الجديد تشكّل الغالبيّة المطلقة، فطرد الهنود من موطنهم، وأصبحوا يقيمون في وطنٍ وهميّ مكتوب فقط في المعاهدات الموقّعة مع الأميركيّين، ثمّ المزوّرة في مرحلة لاحقة. وطن ينتظرونه على بقعة جغرافيّة صغيرة وجديدة في كلّ مرّة. مفردات كـ «الوطن»، «الدّولة الهنديّة»، «الدّولة الخالدة»، «الوطن الأبدي»، «سيادة الشَّعب الهندي واستقلاله»، ترد، بحسب ما يورد العكش في كتابه، في كلّ المعاهدات الخمس والعشرين الموقّعة بين الحكومة الأميركيّة والهنود. فوق ذلك، فإنّك تجد اليوم كتّاباً في الولايات المتحدة، يسمحون لأنفسهم بأن يهزأوا مما تبقّى من أولئك الهنود. مؤخّراً، رفض عدد من الممثّلين الهنود، أداء أدوار لهم في فيلم بإنتاج هوليوودي، يسيء إلى ثقافتهم وعاداتهم، ويفرّغهم من أيّ ذكاء أو إرث حضاريّ.

كتاب العكش، الّذي لا يقتصر على مطالعة متبحّرة في كلِّ الأسباب والمبرّرات السياسيَّة والدينيَّة والفكريَّة والعسكريَّة، وكلّ الالتواءات والكسور العلنيَّة الّتي أحدثها المستوطنون الإنكليز من جهة، والإسرائيليّون من جهة أخرى، في جسد الأخلاق، بل هو دراسة أيضاً لفضيحة استعماريّة انشغل العالم عنها طويلاً... تحضر وللمرّة الأولى بهذا الشّكل والتّفاصيل والمقاربة الفكرية. كتاب ينبغي على كلّ سياسي فلسطيني أن يخصّص وقتاً لمطالعته، لأنّ صورة تاريخه هناك، ولن يجهد كثيراً ليجدها.

وتعليق..

تشكِّل اليوم القضيَّة الفلسطينيَّة الجرح النَّازف والمستمرّ في جسد الأمَّة؛ إنها قضيَّة شعبٍ اقتلع من أرضه وصودرت حرّيته واغتيل وجوده تحت مرأى ومسمع العالم، وتبقى المسؤوليّة كبيرةً على العرب والمسلمين في تدارك أخطائهم، والعمل على وحدة قرارهم، في السّعي لمواجهة الاحتلال، لا العمل على الهروب من القضيّة التي باتت عبئاً على العرب والمسلمين.

وعن فلسطين القضيّة، يشير المرجع السيّد فضل الله في سياقٍ متّصل :

"إنّ المسألة الفلسطينيّة سقطت في دائرة الأنظمة، ولم تسقط في دائرة الشعوب العربية والإسلاميّة وساحتها. إنّنا سنظلّ نقول إنّ إسرائيل وجود غير شرعيّ، لأنّ إسرائيل غاصب لكلّ إنسان فلسطينيّ طردته من بيته وأقامت مقامه يهوديّاً.

المسألة الفلسطينيّة حيويّة وأساسيّة بالعمق، فالفلسطينيّون عندما لا يتحركون، فلن يستطيع أحد أن يتحرّك بالقضيّة.

إنّني أؤمن بأنّ فلسطين هي القضيّة الوحيدة التي تهزّ عقل كلّ إنسان مسلم وشعوره، سواء كان عربيّاً أو غير عربيّ، ولهذا كنت أقول ولا أزال، إنّ علينا أن نحرّك الوحدة الإسلاميّة من خلال القضيّة الفلسطينيّة، لأنّ المسلمين جميعاً يلتقون عندها روحيّاً وشرعيّاً وسياسيّاً وحركيّاً".[الكلام السيِّد، ص 424].

[مصدر المقال: جريدة الحياة اللّندنيَّة، بتصرّف وتعليق من موقع بيّنات].


hakimdima غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مأساة, التّاريخ, الخمر, الحديث, الفلسطيني, الهنود

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: التّاريخ الفلسطيني الحديث في مأساة الهنود الحمر
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل تعرف الهنود الأميركيين hakimdima قسم التاريخ العام 0 2016-08-23 11:00 AM
آخر مذابح الهنود الحمر hakimdima قسم التاريخ العام 0 2016-08-23 10:57 AM
الخمر في كل مكان walid11111 قسم آخر الأخبار الجزائرية 0 2015-03-17 09:33 PM
الرياضيات ...علم ام مأساة زهرة الامل قسم التسلية والترفيه 7 2013-06-19 11:54 AM
لماذا يضع الهنود نقطه حمراء على رأسهم ؟ سيف الدين قسم ثقف نفسك 29 2013-03-15 03:29 PM


الساعة الآن 01:04 PM


Designed & Developed by : kakashi_senpai
Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML