مصر
تمتاز الأرض المصرية بماضيها العريق الممتد في عمق التاريخ؛ إذ تعتبر مصر أم الحضارات والتمدن في العالم كله. استفادت الحضارات المصرية المتعاقبة على امتداد التاريخ من الموقع الاستراتيجي والمميز لأرض مصر، فهي تقع على الزاوية الشمالية الشرقية من القارة الإفريقية، إذ يفصلها البحر الأحمر عن شبه الجزيرة العربية، والبحر الأبيض المتوسط عن القارة الأوروبية.
مما زاد من أهمية هذه الأرض المباركة مرور نهر النيل أحد أعظم وأطول أنهار العالم على الإطلاق في أراضيها، فالنيل يخترق أرض مصر من حدودها الجنوبية ليصب في النهاية في البحر الأبيض المتوسط.
تاريخ مصر القديم
بدأت الحضارة في مصر منذ آلاف السنين، فقبل نحو سبعة آلاف عام تقريباً تواجدت بعض القبائل في منطقة وادي النيل، وقد استطاعت هذه القبائل أن تنمو وتتطور مع الزمن، مما ساعد على انبعاث الحضارات في الفترة التي تعرف في التاريخ المصري القديم باسم فترة ما قبل الأسرات.
مع توحيد الملك مينا لمصر السفلى والعليا، بدأ عصر الأسر المبكرة، والذي استمر لعدة قرون، ومن أبرز مميزات هذه الفترة السيطرة على مفاصل الاقتصاد المصري من تجارة وزراعة.
قد استمر الحال على ما هو عليه إلى أن بدأ الخلل يتسلل إلى الإدارة في البلاد، مما دفع بالحكام المحليين إلى التنافس من أجل السيطرة على الأراضي والاستئثار بالسلطة السياسية.
بعد فترة اتسمت بكثرة النزاعات والاختلافات، استطاع منتوحوتب الثاني إعادة توحيد البلاد، واستعادة أيام الرخاء، وبعد وفاته ذهب الحكم إلى الأسرة الثانية عشر، وقد كان ذلك قبل نحو ألفي عام من الميلاد. وفي عهد أمنمحات الثالث بدأت التوترات بالعودة مجدداً إلى الأراضي المصرية.
قبل ما يزيد عن ألف وستمئة عام من الميلاد، استطاع المهاجرون القادمون من الأراضي الآسيوية السيطرة على الدلتا، مما جلعهم يبسطون نفوذهم وسيطرتهم على مصر، ومن هنا فقد بدأ عهد الهكسوس الذين استمروا في الحكم مدة من الزمن إلى أن استطاع الفراعنة إنشاء المملكة الجديدة، وإعادة الازدهار إلى المنطقة من جديد.
تعاقب على الدولة الحديثة العديد من الفراعنة، وكالعادة وبعد مرور الدول بفترة من الرخاء تأتي فترة الانحدار والتأخر. عند وفاة رمسيس الحادي عشر قبل ما يزيد على ألف عام من الميلاد، استطاع سمندس السيطرة على شمال مصر، في حين كان الجنوب خاضعاً لسيطرة كهنة آمون في طيبة، وفي تلك الأثناء بدأ الليبيون بالاستيطان غرب الدلتا، حيث استطاع شيوخهم أن يزيدوا من سيطرتهم شيئاً فشيئاً إلى أن سيطروا على الدلتا، ومن بعدها أخذوا بالتمدد حتى استطاعوا السيطرة على جنوب مصر.
بدأ الليبيون بالتراجع التدريجي إلى أن استطاع الملك الكوشي بعنخي من إحكام سيطرته على الأراضي المصرية، وفي تلك الأثناء بدأ نجم المملكة الآشورية بالصعود والتألق في العالم مما جعل حلفاء المصريين يُخذلون لصالح الآشوريين، فضعفت مصر، وبدأت رائحة حرب كبيرة بين الآشوريين والمصريين بالظهور، وبالفعل وقبل ما يزيد على ستمئة عام من الميلاد بدأ الآشوريون بتنفيذ هجماتهم على مصر إلى أن استطاعوا إرجاع الكوشيين إلى النوبة، في حين بسطوا هم سيطرتهم على أرض مصر إلى أن استطاع الملك إبسماتيك الأول طرد الآشوريين من خلال استعانته بالمرتزقة اليونانيين مما جعل النفوذ اليوناني يقوى شيئاً فشيئاً في مصر.
في تلك الأثناء بدأ الفرس بالنهوض، حيث استطاعوا شن هجمات على مصر، غير أن مصر لم تستطع أن ترد الهجوم الفارسي عليها، واستمرت خاضعة للفرس إلى أن جاء الإسكندر الأكبر قبل نحو ثلاثمئة عام تقريباً من الميلاد، حيث استطاع السيطرة على مصر دون أي مقاومة من الفرس، وهنا بدأ عصر البطالمة والذي استمر إلى أن جاءت الملكة كليوبترا لتتحول مصر بعد وفاتها إلى مقاطعة رومانية قبل نحو ثلاثين عاماً من ميلاد السيد المسيح.
منقول