ذكرت المصادر نص خطبة طويلة ألقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبوك، ولم تثبت هذه الخطبة من طريق صحيح، رغم أن فقراتها مأخوذة من أحاديث أخرى معروفة، بعضها صحيح وبعضها حسن، ويبدو أن بعض الرواة لفّق منها هذه الخطبة (1).
روى البيهقي في دلائل النبوة عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- لما أصبح بتبوك حمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: "أَيُّهَا النَّاسُ! أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَوْثَقَ الْعُرَى كَلِمَةُ التَّقْوَى، وَخَيْرَ الْمِلَلِ مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَخَيْرَ السُّنَنِ سُنَّةُ مُحَمَّدٍ، وَأَشْرَفَ الْحَدِيثِ ذِكْرُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْقَصَصِ هَذَا الْقُرْآنُ، وَخَيْرَ الْأُمُورِ عَوَازِمُهَا، وَشَرَّ الأمور مُحْدَثَاتُهَا، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَشْرَفَ الْمَوْتِ قَتْلُ الشُّهَدَاءِ، وَأَعْمَى الْعَمَى الضَّلَالَةُ بَعْدَ الْهُدَى، وَخَيْرَ الْأَعْمَالِ مَا نَفَعَ، وَخَيْرَ الْهُدَى مَا اتُّبِعَ، وَشَرَّ الْعَمَى عَمَى الْقَلْبِ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَمَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى، وَشَرُّ الْمَعْذِرَةِ حِينَ يَحْضُرُ الْمَوْتُ، وَشَرُّ النَّدَامَةِ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَأْتِي الْجُمُعَةَ إِلَّا دَبْرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَذْكُرُ اللهَ إِلَّا هَجْرًا، وَمِنَ أَعْظَمِ الْخَطَايَا اللِّسَانُ الْكَذَّابُ، وَخَيْرُ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ، وَخَيْرُ الزَّادِ التَّقْوَى، وَرَأْسُ الْحِكَمِ مَخَافَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَخَيْرُ مَا وَقَرَ فِي الْقُلُوبِ الْيَقِينُ، وَالِارْتِيَابُ مِنَ الْكُفْرِ وَالنِّيَاحَةُ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْغُلُولُ مِنْ حثاء جهنم، والسّكركيّ مِنَ النَّارِ، وَالشِّعْرُ مِنْ إِبْلِيسَ، وَالْخَمْرُ جُمَّاعُ الْإِثْمِ، وَالنِّسَاءُ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ، وَالشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ الْجُنُونِ، وَشَرُّ الْمَكَاسِبِ كَسْبُ الرِّبَا، وَشَرُّ الْمَأْكَلِ مَالُ الْيَتِيمِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى مَوْضِعِ أَرْبَعِ أَذْرُعٍ، وَالْأَمْرُ إِلَى الْآخِرَةِ وَمِلَاكُ الْعَمَلِ خَوَاتِمُهُ، وَشَرُّ الرَّوَايَا رَوَايَا الْكَذِبِ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، وَسِبَابُ الْمُؤْمِنِ فِسْقٌ، وَقِتَالُ الْمُؤْمِنِ كُفْرٌ، وَأَكْلُ لَحْمِهِ مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَحُرْمَةُ مَالِهِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ، وَمَنْ يَتَأَلَّى عَلَى اللهِ يُكْذِبْهُ، وَمَنْ يَغْفِرْ يُغْفَرْ لَهُ، وَمَنْ يَعْفُ يَعْفُ اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ يَكْظِمِ الْغَيْظَ يَأْجُرْهُ اللهُ، وَمَنْ يَصْبِرْ عَلَى الرَّزِيَّةِ يُعَوِّضْهُ اللهُ وَمَنْ يَتْبَعِ السُّمْعَةَ يُسَمِّعِ اللهُ بِهِ وَمَنْ يَصْبِرْ يُضَعِّفِ اللهُ لَهُ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ يُعَذِّبْهُ اللهُ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِأُمَّتِي، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِأُمَّتِي، قَالَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكم" (2).
وقد نقلها الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية عن البيهقي، وقال: "وهذا حديث غريب، وفيه نكارة، وفي إسناده ضعف" (3).
1- أكرم ضياء العمري: السيرة النبوية الصحيحة، مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة، جـ2/ 534.
2- البيهقي: دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، باب ما روي في خطبته –صلى الله عليه وسلم- بتبوك، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى - 1405 هـ، جـ5/ 241- 242.
3- ابن كثير: البداية والنهاية، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة: الأولى، 1418 هـ - 1997م، سنة النشر: 1424هـ / 2003م، جـ7/ 170- 171.
منقول