حب الرسول للانصار
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكن للأنصار حبًا خاصًا في نفسه، وكيف لا؟ فقد كانوا هم والوسيلة الأولى في استقرار الدعوة الإسلامية في أمان.
لذلك مدحهم الله تعالى في كتابه العزيز فقال: “وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”.
وأثنى الرسول صلى الله عليه وسلم في العديد من المناسبات ليبقى فضلهم وذكرهم خالدًا أذهان الناس، ومحفورًا في ذهن التاريخ، وليس أدل على ذلك من تلك الحادثة التي وقعتبين النبي صلى الله عليه وسلم والأنصار بعد غزوة حنين، وتقسيم الغنائم.
محبة النبي للانصار
قصة الانصار والغنائم
فعندما قسم النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم بين أصحابه أعطى المؤلفة قلوبهم حديثي العهد بالإسلام كثيرًا من الغنائم، ولم يعط الأنصار والسابقين كثيرًا كما أعطى هؤلاء.
فوجد الأنصار في أنفسهم شيئًا، وحزنوا كثيرًا حتى قال بعضهم”إذا كانت الشدة فنحن ندعى وتعطى الغنائم لغيرنا”، وغير ذلك من الكلام الدال على حزنهم الشديد.
فهم من حمل الدعوة على أكتافهم، وجاهدوا في الله حق الجهاد، وقدموا أرواحهم وأموالهم وحياتهم فداءً لهذا الدين وسعيًا إلى نشره بين الناس ودعوتهم إليه.
وأخبر سعد بن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة الموقف، فقال له: “وأين أنت يا سعد؟”، قال: ما أنا إلا امرؤ من قومي، ليشير بذلك إلى حساسية الموقف.
فقام النبي صلى الله علهي وسلم بعقد اجتماع مع كل الأنصار، وتحدث معهم حديثًا تفيض منه الدموع لما فيه من حب ورابطة قوية بين النبي صلى الله عليه وسلم والأنصار.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”ما مقالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم؛ ألم آتكم ضلالًا، فهداكم اله تعالى، وعالةً فأغناكم الله، وأعداءً فألف الله بين قلوكم؟”.
فعدد بذلك نعمًا أعظم من الغنائم التي حزنوا عليها، فكانت كلمات ذلك ثقيلة الوقع عليهم لما فيها من العتاب من النبي صلى الله عليه وسلم لهم على موقفهم ذاك.