جزائري .. من أي منطقة ؟
الكاتب: رمضان بلعمري
هل يصح أن تصل الخصومة السياسية في الجزائر بين ''أجنحة الحكم'' إلى تعطيل
مصالح بلد بأكمله؟ يبدو الأمر كذلك في ضوء شهادات الرئيس الراحل الشاذلي بن
جديد، التي نشرت فقرات منها. فقد اشتكى الشاذلي من خصومه ''رفاق السلاح'' بعد
الاستقلال، ومن سار في فلكهم من سياسيين ورجال أعمال وإعلاميين، حتى قال له
بعضهم ''اخرص يا شاذلي''، ولم يهتم به التلفزيون الجزائري في نشرة الثامنة
عندما زار ولاية الطارف ذات مرة، بأمر الجهات التي ترى في التلفزيون وسيلة حكم
وليس وسيلة إعلام.
والقصة برأيي هنا، قصة عميقة، لم تبدأ مع الشاذلي ولم تنته معه، وسببها غياب
مشروع وطني متفق عليه لدولة الجزائر، فمنذ الاستقلال وإلى غاية اليوم، وبعد
خمسين سنة ما تزال الزمر السلطوية تتصارع فيما بينها، مرة باسم ''الشرق'' ومرة
باسم ''الغرب''، وهكذا دواليك.
ولهذا، أصبح إنجاز هذا الرئيس أو ذاك الوزير يحسب لجناح السلطة الفلاني على
حساب الجناح الآخر وليس للبلد ككل، في وقت نجحت دول عديدة في صياغة مشروع
وطني، غطى على الاختلافات بين قياداتها السياسية والعرقية وحتى الدينية
والمذهبية.
في دولة مثل تركيا، أو دولة الإمارات العربية المتحدة، أو الولايات المتحدة، وغيرها
كثير، هناك مشروع وطني يعمل لأجله الأمير والغفير، الحاكم والمحكوم، كلهم يرددون
بفخر ''أنا تركي، أو أنا إماراتي، أو أنا أمريكي''.
ونحن في الجزائر، بلد بحجم قارة، ما زالت الأمور تسير بمنطق العشائرية، والجهة
والمنطقة، فلا المواطن طلّق السياسة واهتم بمشاكله اليومية، ولا هو اشتغل بالسياسة
وترك الحكومة تتولى حلّ مشاكله اليومية..
شيء آخر في الدول التي صنعت لنفسها مشروعا وطنيا يلهيها عن الخلافات الداخلية،
وما أكثرها في أي دولة، لا يصل الخلاف السياسي إلى حد تعطيل مصالح الناس، ولا
تهديد مصالح البلد الكبرى.
أما عندنا في الجزائر، فلا نكاد نخرج من مشكل انقطاع الكهرباء حتى نقع في ندرة
البطاطا أو الحليب أو الماء.. فقط لأن جناح السلطة الفلاني غير راض عن أداء
الجناح الآخر.
وفي الجزائر فقط، يتم تحقيق منجزات كبيرة ومتناقضة أحيانا: فمن جهة نجحنا في
تسديد الديون الخارجية التي كانت تقارب 40 مليار دولار، ووصلنا درجة إقراض
صندوق النقد الدولي، لكن بالمقابل هناك عائلات تقتات من المزابل.
المصدر: صحيفة الخبر الجزائرية