الجزائر - سلمى حراز: "اخطوني".. هي كلمة دارجة جزائرية بامتياز، تعني باللغة
العربية الفصحى "اتركوني وشأني"، انتشرت بشكل كبير في العاصمة وبعض المدن
الكبرى، وبرزت أكثر على قمصان شباب ناقم على الوضع يعبر عن رأيه فيما يجري
حوله بطريقته.
وقد نجح شاب جزائري في إبداع خط جديد للموضة أصبح يستقطب آلاف المعجبين
من الشباب الباحثين عن التعبير عن ذاتهم، استوحاه من اللهجة الجزائرية العامية،
وأسلوب الشباب في التخاطب، وجه من خلاله رسائل نقد للمجتمع بعيداً عن متاهات
السياسة.
وطالما كانت لغة الشباب الجزائري في التخاطب محل نقد من الجيل السابق، بسبب
اعتمادهم على كلمات مشفرة استفزازية أحياناً، ومباشرة للتعبير عن رأيهم اتجاه
سلوك الآخرين وسلبيات المجتمع، غير أن الشاب ياسين حوسني (33 عاماً)
والمختص في "الأنفوغرافيا"، عرف جيداً كيف يستغل هذه "الشيفرة" حتى يبدع
علامة تجارية محلية تمثلت في قمصان استهوت الشباب العاشق للموضة العالمية.
المميز في هذه القمصان التي صنعت الحدث في الشارع الجزائري، أنها تحمل شعارات
مكتوبة باللغة العربية وبخط أبدعه ياسين، يعترف أنه لا ينتمي للمدرسة العربية
الكلاسيكية، لأنه يريد أن تحمل العلامة بصمته مئة بالمئة، على حد تعبيره.
رسالة إلى المدير أوحت بالفكرة
لغة شبابية جزائرية تتجه نحو العالمية
وعن تجربته الفريدة وسر الإقبال على قمصانه من قبل جيل لم يعترف يوماً بالصناعة
المحلية، يقول ياسين في حديث مع "العربية.نت" :"الكلمات والشعارات التي تحملها
القمصان نرددها كل يوم في حياتنا اليومية، نعبر بها عن وجهة نظرنا اتجاه سلوكات
نعتبرها سلبية، وهي باختصار تلقي الضوء على تناقضات مجتمعنا وسلبيات نريد أن
نغيرها بطريقتنا".
وولدت فكرة العلامة التجارية "نينجا وير" التي اختار لها ياسين اسماً من الحضارة
اليابانية التي كان دائماً مولعاً بها، من حادثة طريفة وقعت له مع مديره في وكالة
اتصالات حيث كان يعمل، وكان يعاني من ضغط عمل رهيب، فأراد أن يوجه رسالة
لمسؤوله المباشر الذي حرمه من العطلة الأسبوعية، فصمم قميصاً كتب عليه كلمة
"اخطوني"، وهي كلمة باللهجة الجزائرية تعني "أتركوني وشأني".
ولم يكن ياسين يتصور أن رسالته الطريفة ستلفت انتباه الجميع، وستتهاطل عليه
الطلبات لتصميم قمصان للزملاء والأصدقاء ثم توسعت الدائرة.
يضيف ياسين "الفايسبوك كان الفضاء الافتراضي الذي اعتمدت عليه للوصول إلى
الزبائن، حيث تتهاطل علي يومياً مئات الطلبات لتصميم قمصان تحت الطلب تحمل
شعارات متنوعة".
ويؤكد أنه اختار منذ البداية أن يوجه شعارات تحمل رسائل موجهة للمجتمع بكل ما
يحمله من تناقضات، بعيداً عن أي قراءات سياسية، لأن التغيير في رأيه يبدأ من
المجتمع.
الشعارات السياسية لا تغري شبابنا
ويواصل محدثنا "الخلوي"، اللقب الذي يحبذه ويحمله شعاراً في لباسه، وهو مشتق
من الكلمة العربية "الخلوة" :"أتواصل مع زبائني من خلال الفايسبوك لجس نبض
الشارع وتحديد توجهاتهم ونوعية الشعارات التي يحبذونها، وفي الغالب جميعهم
يريدون توجيه رسالة نقد للمحيطين بهم اتجاه سلوك معين كالجشع، الطمع، الفضول
وغيره، سواء كانوا زملاء في العمل، أصدقاء، أبناء الحي، وحتى نصفهم الآخر،
ونادراً ما يأتينا طلب من أجل تصميم قميص يحمل شعاراً سياسياً، إذ يبدو أن السياسة
آخر ما يهم شبابنا".
ومن بين الشعارات التي تحملها قمصان ياسين نذكر "تعيي"، وتعني باللغة العربية
"تُتعبني"، "سكاتك رحمة"، "كيما أدير اتحير" وتعني "مثلما تفعل تحتار"،
ومضمونها يتقاطع مع الحكمة العربية القائلة "إرضاء الناس غاية لا تدرك"، "ما
يدوم غير الصح"، "واش دخلك" أي ما دخلك، وهذا الشعار موجه للفضوليين الذين
يحشرون أنفهم في كل شيء.
ويتخذ ياسين من غرفة في بيته بحي عين النعجة في العاصمة مقراً لتصميم قمصانه،
فيما تباع بضاعته في محل صغير لصديقه في النفق الأرضي بحي ديدوش مراد، أحد
أرقى أحياء العاصمة، وهو يمني نفسه أن تتخطى علامته "نينجا وير" يوماً الحدود
الجزائرية لتصل إلى العالمية.
المصدر: العربية نت
تاريخ النشر: 26 أكتوبر 2012م GMT 13:27