الصادق حفايظية:لا يسمح للمثقف عندنا إلا بالرجوع إلى الخلف أو الهبوط إلى الأسفل
شاعر من ,ولاية سكيكدة تشبع منذ صباه بعذوبة تضاريس التل الشامخ، فغرد مع بلابله الشادية وغدرانه الش لالة في قصائده ـ باب المدينة مغلق ـ ،ـ ميلاد فجرـ ورائعة ـ يا غزة العذراء ـ كما يمازج شاعرنا بين العديد من الأنشطة باعتباره رئيسا لناد رياضي ونائب رئيس جمعية أمل للثقافة والإبداع، بالإضافة إلى حضوره القوي في الملتقيات الشعرية والأدبية، فاز مؤخرا بجائزة أوراق سكيكدة الأدبية للشعراء المتمرسين مشارك في معلقة القرائح الخضراء. الشاعر الصادق حفايظية الذي صور له الأدب فضاء رحب يحلق في جنباته يطل على قراء المحور من هنا
تعده: جقريف سارة
لمن يقرأ الصادق؟
لا أقرأ لشاعر بعينه أو كاتب محدد لأنني أؤمن أن لكل مبدع نصوص رائدة ونصوص غير ذلك. منذ صباي أحببت المتنبي وايليا ابا ماضي وقرأت كثيرا لنزار قباني ومحمود درويش وأحمد مطر ...كما كنت ميالا للكتب الفكرية والفلسفية خاصة كتب محمود زكي نجيب، الكسيس كاريل وغيرهم، كما أقرأ لأدونيس، سميح القاسم، مظفر النواب والمناصرة وأجد لذة كبيرة في القراءة لشعرائنا الجزائريين المعاصرين. أفضل أن أختار كتبي بعناية كبيرة ففي القراءة كما في الطرب وكل المنتجات الابداعية، هنالك منتج رديء وآخر جيد.
متى تكتب؟
الكتابة لحظة انفلات رهيبة من الواقع تفاجئنا دائما على حين غفلة من الوعي الزماني والمكاني ...ان القصيدة هي التي تختار زمانها ومكانها، فبعضها كتبتها في الحافلة وأخرى في مقهى والأخرى في البيت ومنها ما كتبته في قاعة الدرس وحتى في المسجد أحيانا. بعضها تكتب ليلا وبعضها نهارا، ان النص يختار قالبه وعروضه وقافيته بنفسه...الكتابة كالرقص لا يمكننا أن نبرمجها، ولو حاولنا مراقبة حركاتها أفقدناها توازنها. أحيانا أكون نائما وفجأة أتقلب ذات اليمين باحثا في الظلام عن قلم وورقة ـ بحذر حتى لا أوقظ النائمين ـ لأكتب ما تمليه علي التجربة الشعورية المعيشة في تلك اللحظات ...وكثيرا ما أكتب نصف القصيدة في دفتر الخيال وعند الرجوع إلى حالة الصحو، أعيد تدوينها مع صعوبة كبيرة في فهم ما كتبت، لأنني أكون قد كتبتها بسرعة خوفا من الانفلات.
ما الذي يشدك في الثقافة؟
أفضل المسرح لما فيه من قدرة على صنع الأفكار وتغيير القناعات بأساليب شيقة مستصاغة، فمنذ صباي وأنا ميال إلى الانشاد والمسرح والكتابة في المجلات الحائطية ، أذكر أول أنشودة أديتها في الابتدائي كانت ـ أنا عصفور صغير حيثما كنت أطير .. وعلى الغصن أغني وعلى الأرض أسيرـ كما أتذكر دوري في مسرحية حربية لها علاقة بالصحراء الغربية. في مرحلة لاحقة بدأت أميل رسميا إلى الخربشة الشعرية وشجعني بعض أساتذتي على ذلك خاصة بالنشر في المجلة وكنت عضوا أيضا في فرقة مسرحية. في المرحلة الثانوية أصبحت أعرف الأوزان الشعرية، كنت كمن اكتشف كنزا ثمينا، غير أنني بقيت متعلقا بالمسرح والانشاد، وإلى اليوم ما زلت أنشئ فرقا للإنشاد والمسرح . كما لي ميولات ثقافية أعتقد أنها تفوق مساحة الزمان عندي، منها الخط العربي.
كيف تقيم المشهد العربي الثقافي؟
أحيانا يصعب على المرء أن يقيم وضعا هو عنصر من مجموعته، فيكون تقييمه منطلقا من داخل المشهد نفسه لكن بصورة عامة المشهد الثقافي ليس بمنأى ولا بمعزل عن التجاذبات التي يعيشها العالم العربي والانسداد الفكري والحضاري الذي يحياه، هنالك طاقات فردية فذة وعبقريات هنا وهناك ولكنها كالبترول والثروات الغير مستغلة في العالم العربي الذي لا يحترم مثقفيه ومثقفوه الذين شغلوا فانشغلوا بفعل علامات قف الموجودة أمام وفوق رؤوسهم، حيث لا يسمح للمثقف عندنا إلا بالرجوع إلى الخلف أو الهبوط إلى الأسفل ...وفي خضم هذا الركام يتراءى بصيص خافت يزداد توهجا يوما بعد يوم لعله كان وراء الثورات لا سيما في تونس ومصر، وعموما الثقافة مزكومة في عالمنا العربي لكنها آخذة في الشفاء لا محالة.
ماهي مشاريعك المستقبلية؟
حاليا أنا أنتظر صدور ديواني بعد شهر رمضان على نفقة اتحاد الكتاب الجزائريين، وهنالك آخر جاهز للظهور. انهيت كذلك من اعداد كتاب بعنوان ـ تجليات التناص عند شعراء سكيكدةـ وهو جاهز للنشر. للإشارة فقد قدمت مؤخرا مشاركة في معلقة القرائح الخضراء التي أشكركم بالمناسبة على دعمكم لها، وهو مشروع أرى مستقبله جيدا، وهنا أتمنى أن نرتقي بالتظاهرات الثقافية والمهرجانات الأدبية إلى مستوى يجعل منها منبرا حقيقيا لمحاربة الرداءة.