عاد أمس الحديث مجددا عن الراتب الشهري للناخب الوطني وحيد خليلوزيتش، الذي
وصفه برلمانيون بـ"الخيالي" و"المبالغ فيه"، داعين في الوقت نفسه إلى مساءلة
المسؤولين عن الرياضة الجزائرية حول راتب المدرب البوسني، في صورة
"مستنسخة" للمساءلة التي خضع لها وزير الشباب والرياضة المغربي ببرلمان بلاده،
حول الراتب "الخرافي" الذي كان يصرف أنذاك للمدرب البلجيكي إيريك غيريتس الذي
قاد المغرب للخروج من الدور الأول لكأس أمم إفريقيا 2012، كما فعل خليلوزيتش
مع الجزائر في 2013، ورفض برلمانيون يستعدون لتحضير مسودة المساءلة،
التحجج بما يسمى بـ"سوق كرة القدم" و"الموضة" العالمية، التي تفرض مثل هذه
الرواتب الضخمة للاعبين والمدربين.
وأكد بعض هؤلاء إلى أن أطرافا دعت إلى تسقيف أجور اللاعبين والمدربين
حتى بانجلترا.
دعت أطراف عديدة إلى الكشف عن الراتب الحقيقي للمدرب البوسني، والذي تقدره
مصادر مقربة من الفاف، في حدود 65 ألف يورو شهريا أي حوالي 650 مليون
سنتيم، رافضة ما وصفته بـ"هدر" أموال دافعي الضرائب من أجل حصد الفشل والعار،
وذهبت تلك الأطراف إلى حد اللجوء إلى مقاربات لتوضيح "الأرقام الفلكية" التي تصرف
لخليلوزيتش، الذي يتقاضى 650 مليون شهريا، وهي القيمة المالية الكافية لبناء 3
سكنات بالاعتماد على السعر الذي تعتمده الدولة الجزائرية لبناء السكنات، والمحدد
بـ220 مليون سنتيم للشقة الواحدة في صيغ السكن المدعمة، أي ما يعني بناء 36
مسكنا سنويا بالمبلغ الذي يتقاضاه المدرب البوسني خلال عام واحد، وقال خبراء إن ما
يتقاضاه الأخير يكفي لإسكان حوالي 180 جزائري إذا ما اعتمدنا على معدل 5 أفراد في
العائلة الواحدة، والموزعين على 36 شقة المفترض "تشييدها" بـ"راتب" مدرب
"الخضر".
33 مليون سنتيم يوميا من أجل نقطة "يتيمة"
هذا ويسمح الراتب الذي تمنحه الفاف لمدرب كوت ديفوار الأسبق، بالحصول على ما
قيمته 33 مليون سنتيم في اليوم الواحد، وهو المبلغ الذي يساوي راتب حوالي 10
عمال نظافة لدى المصالح الولائية والبلدية شهريا، في حين ذهبت بعض الأطراف إلى
التأكيد على أن "أجرة" البوسني اليومية تكفي لتمويل 70 قفة رمضان، التي تخصص
سنويا لفقراء الجزائر، على اعتبار أن القيمة "الرقمية" لهذه الأخيرة تقف عند حدود
الـ3000 دينار، وهو ما يعني أن "تبرع" خليلوزيتش براتب شهري واحد يعني تمويل
2100 قفة رمضان، وهي الأرقام التي وصفها الكثير من الجزائريين بـ"التعجيزية"،
لكنها لم تكن كافية سوى لـ"حصد" نقطة يتيمة في "كان 2013".
خليلوزيتش أعلى أجرا من الرئيس والوزير الأول
بالمقابل، فإن راتب المدرب البوسني أعلى من راتب رئيس الجمهورية عبد العزيز
بوتفليقة إذا افترضنا أن أجر الأخير لا يتعدى 100 مليون شهريا، وحتى الوزير الأول
عبد المالك سلال إذا افترضنا أن أجره لا يتعدى 80 مليون سنتيم، وفي نفس سياق
المقاربات الرقمية، التي أطلقها البعض للتأكيد على "سلبية" حصيلة المدرب وحيد
مقارنة بما "يضخ" في رصيده البنكي شهريا، فإن مدرب باريس سان جيرمان الأسبق
يتقاضى شهريا ما يحصل عليه 36 قاضيا جزائريا، إذا ما احتسبنا الراتب الوسطي
لهؤلاء المقدر بحوالي 18 مليون سنتيم شهريا.
هذا وبإمكان "شهرية" المدرب البوسني المقدرة بـ650 مليون سنتيم، أن تكفل 361
عائلة ذات الدخل الضعيف، وهي العائلات التي لا يتعدى أجر كافلها الحد الأدنى
المضمون في الأجر القاعدي، والمقدر بـ18000 دينار جزائري.
أموال دافعي الضرائب "تستحق" المحاسبة
من جهة أخرى، رفض برلمانيون تبريرات البعض القاضية بأن الأموال التي تدفع
للمدرب البوسني، لا تقتطع من ميزانية الدولة الجزائرية، والتأكيد على أنها من مداخيل
الاتحاد الجزائري لكرة القدم الخاصة، مشيرين إلى أن الأخيرة، أي أموال الإشهار
والرعاية هي في الأصل أموال ضرائب، أي "دافعي الضرائب"، مادام أن المعادلة
معروفة في هذا المجال، لهذا دعا هؤلاء إلى إخضاع مسؤولي الرياضة إلى المساءلة
والمحاسبة، لأن ما يدفع لخليلوزيتش هو في الأصل من أموال "الشعب"، الذي تقتطع
الضرائب من أمواله شهريا، وهذا لو فرضنا أن راتب خليلوزيتش لا يدفع من "ميزانية"
وزارة الشباب والرياضة التي تخصصها الدولة الجزائرية للفاف.
المصدر: الشروق اليومي
آخر تحديث: 2013/02/06 على 19:13