ثقافة لا تـ ـتـ ـقـ ـنـ ـها الشعوب العربية
"لم أخطئ في حقه بل هو المخطئ"،
"لماذا أعتذر أنا، لما لا يكون هو المبادر؟"،
"لن أحط من كرامتي وأذهب للاعتذار اليه، الايام كفيلة بانهاء الخلاف في وجهات النظر".
تلك العبارات وغيرها تتردد كثيرا على مسامعنا، لأننا لا نزال ننظر إلى الاعتذار على أنه ضــعــف،
أو أنه سلوك لا ينتج عنه سوى إهدار الكرامة والتقليل منها، وهو ما يظهر على كافة المستويات،
بدءاً من العلاقات الفردية بين الأزواج والأصدقاء والأقارب، انتهاء بالسلوك العام للمجتمع ومؤسساته.
فمنأن تجد شركة طيران أرسلت اعتذاراً لعملائها على تأخر إحدى رحلاتها، أو هيئة بريد برر الـ ـنـ ـادر، ت للمواطنين سبب تأخر رسائلهم واعتذرت منهم.
حتى كلمات الاعتذار لدينا تجدها مـ ـمـ ـوهـ ـ ـة
لا تكشف عن الاحساس بالخطأ والرغبة في الاعتراف به ومن بينها
:" المسامح كريم" و "من بات يا بخت مظلوما ولا بات ظالما" و"جل من لا يخطئ".
إذا بدأنا بثقافة الاعتذار بين المحبين والازواج، نجدها ثقافة تكاد تكون قاصرة على المرأة في مجتمعنا العربي.
فالرجل الشرقي يؤمن بمبدأ القائد لا يخطئ وإذا أخطأ فلا يعـ ـتـ ـذر.
والسبب كما يرى غالبية الرجال يعود إلى الخوف من انتقاص المكانة واستغلال المرأة لواقعة الاعتذار تلك في زيادة التدلل.
ولهذا ومن خلال فهم قاصر لمبدأ القوامة في الاسلام، يعف الرجل الشرقي عن الاعتذار.
بينما وعلى النقيض من ذلك تجد ثقافتنا العربية تروج لاستعداد المرأة للبدء بالاعتذار من باب إرضاء الزوج والخوف من ارتكاب إثم من الاثام،
فتلزم المرأة السلامة، وتبدأ هي بالاعتذار في أغلب الاحوال حتى ولو لم تكن مخطئة.
"أسلوب التربية في المجتمعات العربية يدعم فكرة رفض الاعتذار عموماً. ويزيد من ذلك الرفض لدى الذكور على اعتبار الخاطئ أن الاعتذار يعني انتقاصا من الرجولة،
والرجل الشرقي يقبل بأي شيء الا الانتقاص من ظل رجولته!
وثقافة الاعتذار اذا أردنا تعميمها في المجتمع علينا بالبدء من مرحلة الطفولة المبكرة
من خلال غـ ـرس تلك القيمة في أطفالنا بين أقرانهم. فالأم اذا رأت ابنها في خلاف مع أصدقائه أو زملائه،
تشجعه على هجرهم وعدم الاعتذار لهم حتى لا يفقد مركزه وسطهم، على اعتبار أن الأقوى لا يعتذر.
وتكون تلك هي البداية التي تـ ـتـ ـراكتـ ـم عليها باقي السلوكيات الرافضة للاعتذار بين كل أفراد المجتمع.
هذا عدا أننا نجد في ثقافتنا العربية العديد من أبيات الشعر التي تتناول المدح والفخر ولكن قلما تجد بيتاً شعرياً في الاعتذار
".في كتابه "كيف تؤثر في الناس وتكسب الاصدقاء"
أهمية الاعتذار في توطيد علاقة الانسان بالمحيطين به وتعزيز مكانته لديهم،
على عكس الشائع لدينا، فيقول:
"إذا عرفنا أننا مخطئون وسلمنا بالهزيمة لا محالة فلما لا نسبق الشخص الآخر إلى التسليم بذلك؟
أليس من الأفضل أن نكون نحن من نوجه النقد لأنفسنا بدل أن يوجهه لنا الشخص الآخر؟
". مضيفا: "كل أحـ ـمـ ـق يستطيع الدفاع عن أخطائه، أما أن تسلم بأخطائك فهذا هو سبيلك إلى الارتفاع فوق درجات الناس والى الإحساس بالرقي والسمو".
أن الاعتذار فن له أصول وقواعد، أهمها : ان عنصر التوقيت وحسن اختياره هو أول خطوة في فكر الاعتذار.
فمن الضروري اختيار الوقت المناسب للاعتذار لمن أخطأنا في حقه،
والتفكير في الطريقة التي تناسب الاعتذار بما يتماشى مع شخصية الطرف الذي وقع الخطأ في حقه.
فاذا كان يحب الزهور على سبيل المثال من الممكن ارسال باقة ورد، مصحوبة بكلمة اعتذار رقيقة.
وإذا كان قارئا نرسل له كتابا شيقا في مجال اهتمامه به مع كلمة رقيقة تذيب ما في النفوس من غضب.
كما يؤكد سيد جلال على حقيقة أخرى مهمة، ألا وهي عدم الاعتذار للشخص الذي اخطأنا في حقه أمام الغير حتى لا نجرح مشاعره،
بالإضافة إلى تفضيل عدم الاستعانة بشخص ثالث لتسوية الخلاف.
فهو ينصح بأن يظل قاصراً على الطرفين المتخاصمين.
×× من الضروري ان يتحلى الطرف الذي نقدم اليه الاعتذار بروح التسامح، ويعلم ان ابن أدم خطاء وأن المسامح كريم××منقول