facebook twitter rss
v





العودة  

جديد مواضيع منتديات بيت العرب الجزائري


قسم القصص والروايات


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-10-03, 09:35 PM   #1
عثمان اشقرا


العضوية رقم : 1922
التسجيل : Oct 2013
العمر : 64
الإقامة : مدينة خريبكة.المغرب
المشاركات : 1
بمعدل : 0.00 يوميا
الوظيفة : استاد المدرسة العليا للاساتدة و باحث في علم الاجتماع.
نقاط التقييم : 10
عثمان اشقرا is on a distinguished road
عثمان اشقرا غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي ▓░♥ مدآآئــن التيـــه و الحـــــب ♥▓░




مقطع من رواية جديدة

لحظة غادرة

لماذا أيها الموت تلاحقنا بلا هوادة ؟ ، وتمارس شريعتك دون إرادتنا، لماذا لا تتركنا نمارس حياتنا ببساطة ؟ . لو أدركت أيها الموت معنى الفقد لتوقفت عن ممارسة سطوتك، و تركتنا نتكاثر . لكن ماذا سنفعل حين تضيق بنا الأرض و نبلغ من الكبرعتيا . هل نفكر حينما في وضع حد لطقوس حياتنا التي لم تعد تحتمل الآلام و المعاناة، فيصبح الموت ضرورة لراحة أبدية ، نتوقعه في أي لحظة راضين ، متمنين أن نكون في الحياة قد تركنا ما يدل علينا ؟ ... لكن ما هو أكثر مرارة حين يأتي الموت من خلفنا و قبل أوانه... تمارسه يد أخرى آثمة غير يد الموت ، فتسرق الحياة منك أو من غيرك... س ع سرقت حياته ، في لحظة غادرة ذات صباح كئيب .
من سرق حياة س ع ؟ لا أحد يعلم . في النهاية ليست حياته هي التي سرقت، و لكن حياة مجتمع يتوق إلى الحرية و محاربة الفساد، حياة جيل وجد نفسه وسط عاصفة من الاستغلال و النهب، نهب خيرات هذا الوطن الذي أعطانا قفاه و انصرف . ربما الحقيقة ستظل غائبة ، و حتى إن ظهرت ستكون ناقصة . حقيقة س ع وحدها ظلت تؤرقني و مازالت . من قتل س ع ، بالنسبة لي لا يهم من قتله . الرجل مات و ماتت معه الحقيقة . لكن شيئا واحدا لن يموت هو أن الفجر القادم رغم هذه العتمة التي تلفنا .
موت س ع قد يكون له معنى ، لكن ما هو خفي أكثر قسوة . كل شيء في هذه الحياة ليس سوى رموز نحاول فكها و معرفة حقيقتها ... و في النهاية لا ندركها ، و حتى و إن أدركنا بعضا من الحقيقة فإننا نعلمها بعد فوات الأوان .
الحياة في النهاية لا تساوي شيئا فإنها بنت الكلب كما كان يقول أبي مرارا ، يمكن أن تعطيك كل شيء من حيث لا تحتسب ، و تنتزع منك أي شيء و في أي لحظة ..الحياة مثل لعب الورق تغويك في البداية ثم تبدأ في استنزافك و تلقي بك على الهامش ... هل الحياة فعلت مع س ع ذلك . لا أستطيع أن أجيب . أنا الذي صاحبت طويلا صديقي و عرفت الكثير من أسراره منذ دراستنا الثانوية ، ثم اشتغاله بالصحافة حتى معرفتي بخبر مقتله . لا أستطيع أن أصدق أنه مات .
عدت اليوم من العمل منهكا وبعد اجتماع طويل حضره جميع الصحفيين ، صعدت الأدراج فتحت باب الشقة ألقيت بمحفظتي الجلدية على الأريكة ، فتحت الثلاجة تناولت كانيت كوكاكولا فتحتها و أفرغت نصفها في جوفي . أحسست بحرقتها في حلقي . لا أعرف كيف تعمدت أن أفعل ذلك . ربما كان لدي إحساس أن أقوم بعمل يجعلني استفيق من الغم الذي استبد بي . الجو كان خانقا رغم أن الفصل كان ربيعا ... تقدمت ببطء و أنا استعيد بعضا من هدوئي بعد يوم من النقاش حول حالة الجريدة و الخط التحريري الذي يجب نهجه في ظل الأوضاع الجديدة...استعدت قليلا من حيويتي و أحسست بهواء منعش قادم من الشرفة بعد يوم خانق . تقدمت فتحت الشرفة و وقفت أتأمل الشارع . في الأفق بعيدا بدا لي الشفق بلون الدم يسيل على الأفق . الشقق أمامي أضاءت مصابيحها ، بعضهم مثلي خرج إلى الشرفات يتنسم هواء المساء . الناس يسرعون كما لو يتعقبهم أحد . استرجعت الاجتماع و ما قيل وخاصة ما قاله رئيس التحرير ، بدا لي الرئيس لأول مرة متوترا منفعلا و إن حاول مرارا أن يظهر هادئا .
حين هبط الليل و لف المكان، لف معه ظلال الأشجار التي بدت لي مثل أشباح هزيلة،الأعمدة الكهربائية أمامي ، بعضها معطل لكن الأضواء كانت كافية، القمر ظهر شفافا رائعا بعث قليلا من الانتعاش في نفسي ، تركت جسدي يستسلم للكرسي في الشرفة ، لم أكن جائعا فقد تناولت غذائي متأخرا في مقصف الجريدة ، بين الفينة و الأخرى أسمع زعيق السيارات و هي تمرق و تنعكس أضواؤها أحيانا على زجاج الشرفة ...
ما زالت استرجع صورة س ع الذي حضر بعد أن كان الاجتماع قد بدأ ...استسمح الجميع و جلس كان يحمل ملفا ، شاردا طلية الاجتماع ، لم يقل شيئا .
حين أعود و استرجع طيف كل الذين مروا من الجريدة ، بعضهم مروا من هنا كنيزك وانتقلوا إلى جريدة أخرى أو أرغموا على ترك الجريدة ...التغييرات الجديدة التي حدثت لم يفهمها أحد حتى رئيس التحرير عندما سأله بعض الزملاء اكتفى أن قال بطريقة تجمع بين الأسى و التواطؤ.
_ إنها التعليمات، نحن هنا موظف
ون أكثر منا صحفيون.
قبل أسبوعين و في اجتماع عاجل حضره الجميع كان الاجتماع حول التغييرات الجديدة أو التوجه الجديد كما سماه رئيس التحرير، تحدث كثيرا عن هذا التوجه ، لكن الغريب أن ما قاله كان فيه كثير من التناقض ربما نفسه لم يكن يدرك حقيقة هذه التغييرات الجديدة العديد . لم يفهم من حضر اللقاء ماذا يريد أن يقول . تبادلوا النظرات فيما بينهم و انسحبوا دون أن يسالوا عن المزيد من التوضيحات. كانوا يدركون أن الأجوبة ستكون أكثر تناقضا . الزميل الصحفي س ع كان حاضرا ، هو رئيس قسم الصفحات السياسية و المهتم بفضائح المسئولين ... كل من كان حاضرا أدرك أن رئيس التحرير كان دائم النظر لس ع كما لو كان يحدثه لوحده ، س ع بدوره كان شاردا . يبدو أنه لم يسمع كلمة واحدة مما قاله رئيسه ... حين يستفيق من شروده يحرك رأسه دلالة على متابعته لما يقوله رئيس التحرير .
قبل خروجي هذا اليوم من مقر الجريدة قلت لأحد الصحفيين ممازحا :
_ يا محمد ، ماذا بدا لك في أمر الاجتماع ؟.
قال ضاحكا :
_ عزيزي ، ما يهني الآن راتبي و التعويضات ، أنت تعرف ، مصارف الأولاد و القروض و متطلبات الحياة ، نستطيع أن نكتب مقالات في أي مجال يريدون حتى في فقه السنة أو الأدب الياباني .
و أضاف وهو يهز كتفيه :
- السيد غوغل معنا في كل مكان .
ضحك كثيرا و انصرف و ظلت قهقهاته تترد في الممر الطويل لمقر الجريدة قبل أن تتلاشى. ابتسمت بدوري و أنا أردد:
_ لكل منا منطقه، منطق صحيح بالنسبة إليه رغم اختلافي معه .
مازلت أطل من الشرفة و أنا استرجع هذه اللحظات . شجيرات قليلة تزين الشارع ، الأشجار الأخرى تم قطعها من طرف عمال البلدية بدعوى تهيئة الشارع و تزيينه ،كان الأمر بالنسبة لي كارثة أو جريمة في حق الطبيعة. كثير من الطيور كانت تجعلها مأوى لها و تصلني وشوشاتها كل مساء حين أعود و افتح الشرفة .
لا أدري لماذا وكيف تسرب قليل من الانقباض إلى نفسي هذا المساء ، كما لو أن أمرا ما سيقع و سيغير كثيرا من الأشياء ، ليس بالنسبة لي فقط ، و لكن بالنسبة للجريدة . منذ اللقاء الأخير كل تساءل عن سر هذا التغيير المفاجئ ، لكن لا أحد يعرف حدود ذلك التغيير و إلى أين سيفضي بمستقبل الجريدة .

عندما استرجع السنوات الطويلة التي قضيتها في الجريدة ، و استرجع الوجوه الذين مروا من هنا من الصحفيين و المتدربين ، و الذين أصبحوا اليوم يشتغلون في صحف كبيرة لها موقعها و لها قراء كثيرون ، تبدو لي الحياة مثل تحية العجلان تمر كشريط تليفزيوني متلاحق لا يستقر على شيء .
رئيس التحرير يبدو غامضا في كثير من مواقفه ، رغم أن الجريدة هي شبه مستقلة و تنشر الكثير من المقالات المزعجة ، و تكشف عن كثير من الصفقات و الفساد المستشري بين رجال الدولة ، و تعرضت كثيرا للمضايقات و المحاكمات ، الجريدة لم تكن تنشر هذه المقالات إلا بالدليل ، في الكثير من الأحيان كان الصحفيون عرضة للمجاملات و المغريات و أحيانا المساومات ... خاصة صديقي س ع الذي كان يحصل على العديد من المعلومات و الوثائق بطرقه الخاصة، وثائق خطيرة جدا ... لا أحد يعرف كيف يحصل عليها ، و ما مصادره ،و هو كان حريصا على عدم إظهارها ، لا أحد من الصحفيين يسأله عن ذلك ، كان ينفعل بسرعة كبيرة حين يصر بعضهم على معرفة ذلك ، ... رئيس التحرير نفسه حاول مرارا معرفة ذلك ، في النهاية استسلم لرغبة س ع و لم يعد يسأله ، هو يعرف حق المعرفة أنه لا يستطيع أن يتخلى عنه ، و إن كان في أعماقه يكرهه و ربما يتمنى موته . لكن الجريدة في حاجة إليه ، مقالاته تحدث رجات كثيرة و تكشف عن معلومات خطيرة أسقطت أحيانا العديد من الرؤوس و ممن يدعون الشرف و خدمة الوطن . ثم إن مبيعات الجريدة المرتفعة فلس ع فضل كبير في ذلك . في العديد من المرات كان يطلب منه رئيس التحرير أن يلين من لهجته و أسلوبه ، و أحيانا يطلب منه عدم نشر مقالاته تلك ، لأنها ستجر على الجريدة الكثير من الويلات ، كان يرفض ، و يقترح على رئيس التحرير أن ينشرها في جرائد أخرى ...فهو لا يستطيع أن يتركها بعد أن كتبها... مرة قال له رئيس التحرير ممازحا :
- يبدو أن الجن الأزرق من يمدك بهذه الوثائق و المعلومات...
ابتسم س ع ، أجاب مبتسما :
- و الجن الأحمر كذلك في خدمتي .


عثمان اشقرا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ▓░♥ مدآآئــن التيـــه و الحـــــب ♥▓░
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
▓░♥ روايــــــة تؤام ولكن اغراب!.في جامعة امريـــكية ♥▓░ ě๓Oxằ ḿaḒřidṧTắ قسم القصص والروايات 53 2015-03-31 08:49 PM
▓░♥رۅآآآيــــ ڃـــــڪآآآيــة نښـــــمــــة ــــــــــــ’ــة ♥▓░ TAHAZIZO قسم القصص والروايات 108 2014-12-04 04:58 PM
▓░♥فتاة عمرها ست سنوات تدمر حياة مليونير ♥▓░ لميس40 ركن القصص القصيرة والطويلة 3 2013-05-28 12:34 AM
▓░♥طفل أمريكي يجمع مصروفه ليزور المسجد الحرام ♥▓░ اشعة الشمس ركن القصص القصيرة والطويلة 2 2013-04-05 06:25 PM
▓░♥شاب تزوج فتاة ثم اكتشف انها ليست عذراء ♥▓░ anssar ركن القصص القصيرة والطويلة 2 2013-04-05 02:45 PM


الساعة الآن 11:37 PM


Designed & Developed by : kakashi_senpai
Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML