هَشِيْمُ الأَحْلام
شعر/ عيسى جرابا
17/3/1426هـ
تَعِبَ اللَّيْلُ فَأَحْنَى عُنُقَهْ
وَالأَمَانِي فَجَّةٌ مُحْتَرِقَةْ
أَلْمَحُ اليَأْسَ بِعَيْنَيْهِ وَإِنْ
بَاتَ يُبْدِي لِلحَيَارَى نَزَقَهْ
وَاجِمٌ يَرْسُفُ فِي شِقْوَتِهِ
كُلَّمَا أَوْمَضَ نَجْمٌ خَرَقَهْ
يَعْتَلِيْهِ الـخَوْفُ يُذْكِي صَمْتَهُ
وَالرُّؤَى الشَّوْهَاءُ تُذْكِي شَبَقَهْ
وَشُمُوْعُ الرُّوْحِ لَمَّا انْطَّفَأَتْ
هَبَّ يُخْفِي دُوْنَ جَدْوَى قَلَقَهْ
وَإِذَا لاحَتْ خُيُوْطُ الفَجْرِ غَمْـ
ـغَمَ يَأْساً وَتَمَطَّى فَرَقَهْ
أَيُّهَا اللَّيْلُ مَغَانِيْكَ رَدَىً
وَمَعَانِيْكَ دَعَاوَى شَرِقَةْ
وَزَوَايَاكَ كُهُوْفٌ لَمْ يَزَلْ
يَطَأُ السَّادِرُ فِيْهَا خُلَقَهْ
كُلَّمَا حَاوَلَ يَصْحُو لَفَّهُ
حَالِكٌ فَارْتَدَّ يَحْسُو عَرَقَهْ
غَرَبَ العَقْلُ فَمَاذَا بَعْدُ؟ كَمْ
بِطَرِيْقِ الـحَقِّ يَشْرِي طُرَقَهْ
تَحْتَهُ الـمَاءُ زُلالٌ إِنَّمَا
جَرَّع القَلْبَ الـمُعَنَّى حُرَقَهْ
لَمْ يَكُنْ إِلاَّ خَرِيْفاً شَاحِباً
يَلْبَسُ الشَّوْكَ وَيَنْضُو وَرَقَهْ
أَيُّهَا اللَّيْلُ تَغَشَّاكَ الـهَوَى
أَتُرَى وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَهْ؟
مَا الَّذِي تَرْجُوْهُ وَالفَجْرُ لَهُ
جَحْفَلٌ رَايَاتُهُ مُؤْتَلِقَةْ؟
فَإِذَا حَانَ... فَصَبْرٌ وَدَمٌ
وَخُيُوْلٌ حُرَّةٌ مُنْطَلِقَةْ
عِنْدَهَا يَنْبَثِقُ الفَجْرُ وَمِنْ
عَيْنِهِ آمَالُنَا مُنْبَثِقَةْ
لا تَقُلْ أَضْغَاثُ أَحْلام ٍفَكَمْ
بِتُّ أَشْتَمُّ بِزَهْوٍ عَبَقَهْ
أَيُّهَا اللَّيْلُ تَأَمَّلْ وَاتَّئِدْ
لا يَهُمُّ السَّيْفَ مَنْ ذَا امْتَشَقَهْ؟
وَالـخَفَافِيْشُ إِذَا مَا انْتَفَضَتْ
فَرُؤَىً مَذْعُوْرَةٌ مُخْتَنِقَةْ
كَالفَرَاشَاتِ الَّتِي تَهْوَى الضِّيَـ
ـاءَ وَتَهْوِي حَوْلَهُ مُحْتَرِقَةْ
فَأَدِرْ كَأْسَ التَّمَادِي صَلَفاً
وَسَأَسْتَلُّ حُرُوْفِي بِثِقَةْ
وَغَداً إِنْ بَاتَ مَشْنُوْقاً رَبِيْـ
ـبُ الدَّيَاجِي لا تَسَلْ مَنْ شَنَقَهْ؟
وَإِذَا أَحْلامُكَ السَّوْدَاءُ أَضْـ
ـحَتْ هَشِيْماً لا تَلَمْ مَنْ حَرَقَهْ
عَجَباً مِمَّنْ يَرَى البَحْرَ ضِعِيْـ
ـفَ القُوَى كِبْراً وَيَخْشَى غَرَقَهْ
أَيُّهَا اللَّيْلُ لأَلْحَانِي سَنَا
يَكْشِفُ الزَّيْفَ وَيَجْلُو نَفَقَهْ
رَغْمَ مَا تَسْلُبُ إِلاَّ أَنَّنِي
لَمْ أَزَلْ أَمْنَحُ نَبْضِي أَلَقَهْ
وَيَقِيْنِي كَالرَّوَاسِي رَاسِخٌ
يَئِدُ الشَّكَّ وَيَلْوِي عُنَقَهْ
وَعَلَى الثَّغْرِ تَرَاتِيْلُ سَرَتْ
تَشْحَذُ العَزْمَ وَتُوْرِي حَدَقَهْ
وَالـهُدَى يَرْسُمُ دَرْباً لاحِباً
فِيْهِ يَقْفُو لاحِقٌ مَنْ سَبَقَهْ
ذَاكُمُ الإِحْسَاسُ بِالنَّصْرِ وَلَـ
ـوْلاهُ صِرْنَا كَالدُّمَى مُرْتَزِقَةْ
إِنَّ لِلرَّحْمَنِ وَعْداً صَادِقاً
سَيَرَى أَنْوَارَهُ مَنْ صَدَقَهْ