الفَهْدُ مَا رَحَلا
شعر\ عيسى جرابا
29\6\1426هـ
لَوْ تُرْجِعُ العَبَرَاتُ مَنْ رَحَلا
لَمْ أُبْقِ لا سَهْلاً وَلا جَبَلا
تَجْرِي وَأُدْرِكُ أَنَّهَا حُرَقٌ
تَجْرِي وَلَيْسَتْ تَدْفَعُ الأَجَلا
حَتَّى العَصِيَّاتُ الَّتِي حَلَفَتْ
أَلاَّ تَسِيْلَ تَفَجَّرَتْ قُلَلا
دَوَّى دَوِيَّ الرَّعْدِ فِي خَلَدِي
نَبَأٌَ جَمَدْتُ لِهَوْلِهِ وَجَلا
وَطَفِقْتُ أَسَأَلُ وَالـمَدَى لُجَجٌ
وَغُبَارُ أَسْئِلَةٍ هُنَاكَ عَلا
مَاذَا جَرَى؟ وَأَعَدْتُ... لا أَحَدٌ
كُلٌّ مَضَى فِي رَكْبِ مَنْ سَأَلا
وَبَقِيْتُ أَمْضَغُ حَيْرَتِي أَرَقاً
وَأُلَمْلِمُ الزَّفَرَاتِ مُنْذَهِلا
حَتَّى بَدَا طَيْفٌ وَشَعَّ لَهُ
وَجْهٌ يُجَلِّي نُوْرُهُ السُّبُلا
مَنْ ذَا؟ وَكِدْت أَطِيْرُ مِنْ فَرَحٍ
الـمَجْدُ؟ قَالَ نَعَمْ, فَقُلْتُ هَلا
وَلَمَحْتُ فِي عَيْنَيْهِ نَزْفَ مُنَىً
ثَكْلَى وَشَوْقاً بَاتَ مُشْتَعِلا
فَسَأَلْتُهُ مَاذَا جَرَى؟ فَرَنَا
نَحْوِي كَمَلْدُوْغٍ وَمَا احْتَمَلا
وَسَرَى كَمَا الـهَيْمَانِ أَطْرَبَهُ
ذِكْرُ الـحَبِيْبِ وَكَمْ بِهِ اشْتَغَلا
يَمْتَاحُ ذَاكِرَةَ السَّنَا قِصَصاً
وَيُصَوِّرُ الإِقْدَامَ وَالبَطَلا
وَدُمُوْعُهُ بِِحُرُوْفِهِ امْتَزَجَتْ
تَجْتَرُّ يَأْساً خَاتَلَ الأَمَلا
وَتَدَحْرَجَتْ غُصَصُ السُّؤَالِ أَسَىً
مَاذَا جَرَى؟ فَأَشَاحَ, قُلْتُ أَلا...
مَاذَا جَرَى؟ فَأَجَابَ تَسْبِقُهُ
عَيْنَاهُ فَهْدُ الـمَجْدِ قَدْ رَحَلا
مَاذَا؟! وَمَنْ رَحَلَ الغَدَاةَ؟ وَهَلْ
سَيَعُوْدُ؟ بَدْرُ التَّمِّ مَا اكْتَمَلا
يَا أَنْتَ وَيْحَكَ قِفْ... وَيَصْفَعُنِي
رَجْعُ الـجَوَابِ يُعِيْدُنِي رَجُلا
رَحَلَ الـمَلِيْكُ وَخَلْفَهُ مُهَجٌ
لَمْ تَسْتَطِبْ مِنْ بَعْدِهِ نُزُلا
فَصَرَخْتَ لا... فَالفَهْدُ مُنْغَرِسٌ
فِيْنَا وَإِنَّ لِنَبْضِهِ شُعَلا
كَفَّاهُ فِي عَيْنِ الـمَدَى سُحُبٌ
تَهْمِي وَتَطْبَعُ بِالـهَنَا قُبَلا
مَا نَالَ يَوْماً خَادِمٌ شَرَفاً
حَتَّى غَدَا لَقَباً بِهِ احْتَفَلا
وَأَذَابَ لِلحَرَمِيْنِ مُهْجَتَهُ
وَعَلَى يَدِيْهِ تَوَشَّحَا حُلَلا
وَعَلَتْ مَنَائِرُ هَاهُنَا وَهُنَا
قَبَساً بِهِ وَجْهُ الـحَيَاةِ جَلا
فِإِذَا بُيُوْتُ اللهِ أَجْنِحَةٌ
تَخِذَ السَّلامُ رِيَاشَهَا ظُلَلا
عِشْرُوْنَ عَاماً بَعْدَ أََرْبَعَةٍ
عَهْدٌ يَشِعُّ سَنَا بِمَا اشْتَمَلا
يَكْفِيْهِ شَعْبٌ ذَابَ فِي وَطَنٍ
فِي لُحْمَةٍ سَمَقَتْ غَدَتْ مَثَلا
أَيَمُوْتُ؟ كَلاَّ مِثْلُهُ مَلِكٌ
حَيُّ الـمَآثِرِ يَسْكُنُ الـمُقَلا
لَوْلاهُ مَا أَجْرَيْتُ قَافِيَتِي
بَوْحاً سَمَا بِالصِّدْقِ وَامْتَثَلا
رُحْمَاكَ رَبِّي كَمْ يَدٍ رُفِعَتْ
تَدْعُو وَكَمْ مِنْ مَدْمَعٍ هَمَلا
صُوَرٌ تُتَرْجِمُ سِيْرَةً أَسَرَتْ
بِجَمَالِهَا الأَلْفَاظَ وَالـجُمَلا
حَمَلُوْهُ وَالْتَهَبَتْ مَشَاعِرُهُمْ
وَمَنِ الَّذِي عِنْدَ الرَّحِيْلِ سَلا؟
حَمَلُوْهُ لِلفِرْدَوْسِ فِي عَجَلٍ
مَا كَانَ إِلاَّ نَحْوَهَا عِجِلا
جُرْحٌ يَظَلُّ الدَّهْرَ مَا بَقِيَتْ
ذِكْرَاهُ جُرْحُ الـمَوْتِ مَا انْدَمَلا
لَوْ تُرْجِعُ العَبَرَاتُ... وَاعَجَبِي
كَيْفَ الرُّجُوْعُ وَبَعْدُ مَا رَحَلا؟