الأقدام السوداء تصرفات معزولة أم مخططات مدروسة ؟

[number47]

الأقدام السوداء .......
تصرفات معزولة أم مخططات مدروسة ؟

كلما تقدمت الأيام إلا وعلمتنا بإشارات واضحة ماتخفيه عنا من مكنوناتها المختلفة، ولعل أهم ما يجلب الانتباه هو تلك الفقاعات الفارغة التي نسمع بها ونسمع عنها من هنا وهناك ,فيما يخص قضية ما يعرفون بالأقدام السوداء ،الذين نهظوا في لحظة ما على حلم راودهم، يكونوا قد رأوه في سباتهم العميق، هذا السبات الذي دام أكثر من أربعين سنة، من خروجهم التلقائي من الجزائر المستقلة التي عانت في فترة من فتراتها المظلمة ، من حيف هؤلاء وجبروتهم ، وبمباركة من الجمعيات اليهودية العاملة آنذاك. بعدما طمسوا هويته ومحوا ذاكرته، مستعملين في ذلك أبشع الوسائل الإستعمارية التي لم نسمع لها مثيلا إلا في القرون الغابرة.

لقد كانت مدة 132سنة من الإستدمار والإستقهار ، كافية لجعل هذا البلد بعد الإستقلال يتخبط في أعباء وأحمال كثيرة خلفها الماضي الطويل ،وأهم هاته الأعباء هوإعادة ترسيم خريطة الاملاك الوطنية وإعطاء الحقوق لمالكيها ، بعد السياسات المجحفة التي خطط لها المستدمر لتفريغ هذا البلد من محتواه وإعطاء الأسبقية والأولوية للمستوطن على حساب أصحاب الأرض الحقيقيين . نتيجة للإمتيازات التي منحت لهذه الفئة ، فقد كان لهم حسب اعتقادههم الراسخ حقوقا ثابتة في كل ماملكوه بصك على بياض من طرف غلاة الفرنسيين ، الذين لم يكونوا يتصوروا يوما أنهم سيتركون هذا البلد لأهله ويرجعون إلى أوطانهم بعد النكسةوالخيبة التي منيوا بها إبان الثورة الجزائرية الكبرى. فماكان من القادة الجزائريين إلا أن أعطوا الخيرة لهؤلاء بين البقاء أو الرحيل ..هؤلاء المستوطنون الذين جاءوا من كل فج عميق من اوربا، وغلاة اليهود النازحين إلى الجزائر في أواخر القرن التاسع عشر خصوصا عقب منحهم الجنسية الفرنسية عند إصدار قانون كريميو. فلم تجد هاته الفئة من بد سوى الرحيل، خاصة بعد تنامي العداء ضدهم من طرف الشعب الذي عانى قهرهم وتسلطهم ووقوفهم إلى جانب الإستعمار. حتى أنه صدرت نداءات من قادة الثورة تنادي بتخوينهم ، الامر الذي أدى إلى رحيل هؤلاء من غير رجعة .
..لكن السؤال الذي يثير الكثير من الإهتمام، هو لماذا عاد هؤلاء في هذا الوقت بالذات ؟ هل مطالبتهم السلطات الوطنية بتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم جراء طردهم وترك ممتلكاتهم هي مطالبة شرعية وعادلة ؟ أم انها لا تعدوا أن تكون إلا تصرفات فردية ومجرد أحلام واوهام معزولة ؟ أم أن القضية عبارةعن صيحات مدروسة لجماعة متكتلة تدعمها أياد أجنبية مسؤولة عن سن قانون الثالث والعشرين من فبراير المشؤوم، ومستفيدة من الرهان والتحولات الدولية الجديدة، ثم ماعلاقة هاته النداءات بالنداء الذي وجهته جماعة يهود الجزائرفي موقعهم على الانترنت زلابية كوم حيث دعوا السلطات الجزائرية إلى تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم جراء تركهم ممتلكاتهم بسبب طردهم من الجزائر والتي قدروها بحوالي: 144 مليون دولار ، كما هددوا الحكومة الجزائرية باللجوء إلى الضغط الدولي من أجل الإعتراف بحقهم مشيرين إلى مساعي الكنيست الإسرائيلي في حمل الدول العربية على تعويض اليهود العرب. هذا على الرغم من وجود إتفاقية بين الجزائر وفرنسا عقب الإستقلال تشير إلى تعويض هؤلاء المتضررين من استقلال الجزائر من طرف الخزانة الفرنسية. فلماذا إذن الإصرارعلى الضغط على الجزائر رغم وضوح مطلب التعويض.
كل هاته التطورات وأخرى تنذر بوجود سياسة خارجية أجنبية حاقدة على الجزائر ، تدرس وتخطط لكي تبقي الجزائر تحت وصاية أجنبية في مرحلة ما، لأن المتمعن للأحداث يدرك جيدا أن النداء العنيف الذي وجهه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى باريس من اجل الإعتذار الرسمي عن الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الدولة والمؤسسات وليس الاشخاص حسب اعتقاد الصاعد الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي الذي وصل إلى سدة الحكم بدعم من اللوبي الصهيوني والأقدام السوداء الذين يعتبرون من أبرز مدعمي الإتحاد من اجل الحركة الشعبية، كان نداءا عنيفا جدا أدى إلى زعزعة الرؤى وأركان المجتمع المدني الفرنسي الرافض لسياسة فرنسا العجوز.هذا الامر حتما سيؤدي بأصحاب الجمعية الفرنسية التي سنت قانون الثالث والعشرين فبراير ليرسموا اكثر قضية الإستعمار بدل الإعتذار، ولن يجدوا من طريقة مثلى يضغطون بها على الحكومة الجزائرية ،إلا اللجوء إلى جمعية الأقدام السوداء ويهود الجزائر ، للمطالبة بحقوقهم في طريقة تشبه المساومة والإذعان ،هذا على الأقل في المرحلة الاولى للحفاظ على توا***ت المطالب من كلا الجانبين إلى ان تحين الفرصة لمرحلة اخرى ..وعليه يجب الحيطة لمثل تلك المراوغات وأن نجد الحلول الجدية من اجل الحفاظ على وزن وقيمة المطالب الجزائرية الشرعية، ومن جهة اخرى مقاومة الضغوطات التي تقوم بها الأقدام السوداء وجمعيات اليهود. التي مانفكت تسعى لتحطيم كل الأفكار والمبادئ العربية القوية..؟
منقول ....كتبها: طالبي شوقي