مبروك وشكرا.. لكن !
جمال لعلامي
الانتصار هزم الانكسار، وخرج الجزائريون مرّة أخرى، إلى الشرفات والشوارع
يهتفون بالجزائر ولسان الكبير والصغير يردّد: "وان تو ثري.. فيفا لالجيري". وأطلّ
سي "حاليلو" من البرازيل يُهدي فوز الخضر على كوريا الجنوبية إلى الجميع باستثناء
الصحفيين الجزائريين!
يبدو أن بين خليفة رابح سعدان والصحافة الوطنية "حسيفة"، ولذلك، فهو يقصيها من
إهدائه، والحال أن مثل هذه الخطابات لا طائل منها، مثلما أن الوقت ليس مناسبا لرشّ
الملح على الجراح، أو إيقاظ الفتنة، أو إثارة القلاقل والخلافات، ومهما كانت درجة
الصراع والخلاف، فلا بدّ من أن يُمسك هؤلاء وأولئك ألسنة سوئهم ولا يحركوا المياه
الراكدة!
قال أحد اليائسين لزميله المقنوط: اللاعبون ومعهم حاليلوزيتش يفرحون ويرقصون
لأنهم ينتظرون ما يدخل "جيوبهم" من منح تشجيعية ومكافآت المونديال، لكن قد لا
يكون في هذه النرجسية، عيب وعار، وإنـّما ظاهرة صحية، من الطبيعي أن يُكافأ أيّ
"محارب" على النصر، لكن الأهم من ذلك، أن الإفادة يجب أن يتقاسم ريعها الجميع!
المهمّ أن يُفيد ويستفيد "المحاربون"، سواء كانوا في المنتخب الوطني لكرة القدم، أم
عبر منتخبات مختلف القطاعات الحيوية والشعبية، فعندما تكون "الاستفادة" موزعة
توزيعا عادلا، فلا يهمّ بعدها أجرة الناخب الوطني أو "رواتب" اللاعبين والمتلاعبين
و"الموت-لاعبين"!
لقد أفاد "الخضر" ولا مانع أن يستفيدوا الآن.. فقد أفادوا الجزائريين بالفرحة ومكنوهم
من الاحتفال بنشوة الانتصار، وأفادوا الجزائريين بعودة الأمل في التأهل، ليس للدور
الثاني، ولكن التأهل لدور الرجال والأبطال، بعدما شكّك البعض في قدرة كلّ ما هو
جزائري في تحقيق كلّ جميل!
على اليائسين والخاسرين والمغلوبين على أمرهم، أن يشكروا الخضر ككتلة واحدة
على الفوز المستحق ضدّ فريق كوريا الجنوبية، وهذا الشكر ليس سوى واجب حتى
يُواصل "المحاربون" حربهم التي ما زالت متواصلة، فقد كسبوا المعركة لكن الحرب
تبقى مفتوحة!
نعم، لقد أثبت عامة الجزائريين، مرّة أخرى، كبارا وصغارا، نساء ورجال، أنهم
متمسكون بالفوز والنصر، ومصرّون على مؤازرة فريقهم الوطني ظالما أو مظلوما
وإذا تكاثرت التحليلات والنقاشات والانتقادات، فليس هذا سوى منطق الأشياء في
يافطة "ومن الحبّ ما قتل"!
عندما يسقط ضحايا بين قتلى ومصابين، خلال الاحتفالات بفوز المنتخب الوطني، فهذا
دليل آخر على أن عشق الجزائر وتقديسها، يسكن قلوب كلّ حامل لجنسية جزائرية
ولجواز سفر أخضر، وبعدها لا تهمّ طريقة الدفاع عن هذه "الأمّ الغالية" التي كثيرا
ما أهدتنا ورودا فأهديناها شوكا!
مبروك، لكن يجب الالتفات قليلا إلى الوراء، وتصحيح الأخطاء وتجاوز الخطايا، حتى
تسلم الجرّة في كلّ مرّة ولا يكون النصر موسميا، وحتى لا يتكرّس المثل القائل: اللـّي
حرثو الجمل دكـّو!
الشروق اون لاين