الحديث الرابع والثلاثون
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان )).رواه مسلم .
المفردات :
رأى : علم .
منكم : معشر المسلمين المكلفين .
منكرا : شيئا قبحه الشرع فعلا وقولا ، ولو صغيرا.
فليغيره : فليزله .
بيده : حيث كان مما يزال بها ، ككسر آلة لهو ، وآنية خمر .
فإن لم يستطع : الإنكار بيده ، لكون فاعله أقوى منه ، ويلحقه الضرر بالتغيير باليد .
فبلسانه : بالقول : كالتذكير ، أو بالتوبيخ .
فإن لم يستطع : ذلك بلسانه لوجود ما نع ، كخوف فتنة ، أو خوف على نفس ، أو نحو ذلك .
فبقلبه : ينكره وجوبا بأن يكرهه به ، ويعزم أنه لو قدر يقول ، أو فعل لقال وفعل .
وذلك : الإنكار بالقلب .
أضعف الإيمان : أقله ثمرة .
يستفاد منه :
1-وجوب تغيير المنكر بكل ما أمكنه مما ذكر ، فلا يكفي الوعظ لمن تمكنه إزالته بيده ، ولا القلب لمن تمكنه إزالته باللسان .
2-أن الإنكار إنما يتعلق بتحقيق الشيء ، وليس على الآمر بالمعروف ، والناهي عن المنكر اقتحام الدور بالظنون ، إلا إذا أخبره من يثق بقوله : أن رجلا خلا برجل ليقتله ، أو بامرأة ليزني بها ، أو نحو ذلك مما لا يتدارك ، فإنه يجب عليه البحث خوف الفوات .
3-أن من قدر على خصلة من خصال الإيمان ، وفعلها أفضل ممن تركها عجزا ، كما يدل عليه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم في النساء : أما نقصان دينها فإنها تمكث الأيام والليالي لا تصلي ، فدل على أن من قدر على الواجب وفعله أولى ، وأفضل ممن تركه عجزا ، أو معذورا .
4-أن عدم إنكار المنكر بالقلب دليل على ذهاب الإيمان منه ، ولهذا قال ابن مسعود رضي الله ع نه : (( هلك من لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر ))