الحديث الأربعون
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنكبي فقال : (( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل _ وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول _ إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك )) رواه البخاري
المفردات :
بمنكبي : بفتح الميم وكسر الكاف _ مجمع العضد والكتف . ويروى بالإفراد والتثنية .
كأنك غريب : لا يجد من يستأنس به ، ولا مقصد له إلا الخروج عن غربته إلى وطنه من غير أن ينافس أحدا.
أو عابر سبيل : المار في الطريق ، الطالب وطنه ، و(أو) بمعنى بل ، من قبيل الترقي من الغريب الذي ربما تطمئن نفسه إلى بلد الغربة إلى عابر السبيل الذي ليس كذلك .
فلا تنتظر الصباح : بأعمال الليل .
فلا تنتظر المساء : لأن لكل من الصباح والمساء عملا يخصه إذا أخر عنه لم يستدرك كماله وإن شرع قضاؤه .
وخذ من صحتك لمرضك : اغتنم العمل حال الصحة فإنه ربما عرض مرض مانع منه ، فتقدم الميعاد بغير زاد .
ومن حياتك لموتك : اعمل في حياتك ما تلقى نفعه بعد موتك ، فإنه ليس بعد الموت إلا انقطاع العمل .
يستفاد منه :
1-مس المعلم أعضاء المتعلم عند التعليم للتأنيس والتنبيه .
2-الابتداء بالنصيحة والإرشاد لمن لم يطلب ذلك .
3-مخاطبة الواحد وإرادة الجمع ، فإن هذا لا يخص ابن عمر ، بل يعم جميع الأمة .
4-الحض على ترك الدنيا والزهد فيها ، وألا يأخذ منها الإنسان إلا مقدار الضرورة المعينة على الآخرة.
5-التحذير من الرذائل ، إذ الغريب لقلة معرفته بالناس قليل الحسد والعداوة ، والحقد والنفاق ، والنزاع وجميع الرذائل التي تنشأ بالاختلاط بالخلائق ولقلة إقامته قليل الدار والبستان والمزرعة ، وسائر الأشياء التي تشغل عن الخالق من لم يوفقه الله .
6-تقصير الأمل ، والاستعداد للموت .
7-المسارعة إلى الأعمال الصالحة قبل أن لا يقدر عليها ، ويحول مرض أو موت ، أو بعض الآيات التي لا يقبل معها عمل .