اتخبط بالظلام ..ولـَا منقذ !!

[كًبـريسـة~العلجِيـ،ـة]

اتخبط بالظلام ..ولـَا منقذ !! وَاقفَة عَلَى عتبة الطريق..عَلَى قَارعَته قربَ لافتَة تشهَد خروجي من شَارع الاشتيَاق لأوَاصل رحلَة البَحث عَن مَنفَذي..إلَى الأمَام أمشي وَأنَا أسمَع هَمسَات رجلي الحَافيَة المستَلطفَة وَالمتوَجّعة مَعَ جَارهَا الحَجَر القَاسي وَالمتفرّق علَى طول هَذَا الحيّ الهَشّ .. وَها أنَا الآنَ بمقَابل لَافتَة أخرَى ..يَجوب بَصَري لخَلفيّتهَا فَأرَى لَونَ الكحل يسحَبني لَه لأرتَميَ إلَيه بجَسَدي غَصباً عَنّي فَيتلحّفَني وَيَحضنَني بكَفَّيه السّودَاوَين لأغوصَ في أعمَاقه أكثَر .. أوَاصل سَيري دَاخلَه إلَى المَجهول _ وَبكلّ برودٍ _اأرَاقب من حَولي المَكَان ..إلَى بيوتٍ تَصَدّعَت منَ الحزن ،احتَرت لأحَد الأبوَاب فيهَا كَيف لَا تَزَال لَه قدرَة الصّمود إلَى جَانب هَذَا الجدَار الّذي لَا يَربطه به إلّا قطعَة من حَديد صَغيرَة يَملَأهَا الصّدَأ عَن آخرهَا .... شَهقَة من أعمَاقي خَرجَت لوَاقعي وَأنَا أهوي إلَى الرّصيف الَموجود عَلَى يَميني وَهَا قَد دخَل الوَحل الّذي كَانَ ممدّداً عَلَيه زَائراً غَير مَرغوب فيهِ إلَى فَمي وَكَأنَّه يريد اِستِكشَافَ علّةَ لسَاني الّذي لَم ينطقْ حَرفاً إلَى الّلحظَة ،أستَند إلَى مرفَقي الّذي تَقطعَت عَنه قظعَة القمَاش البَاليَة الّتي سَتَرتُه بهاَ لأقفَ وَ آنَام الوَنين عَالقَة بحَلقي النّاشف فَأمسَح بكَفّ يسرَايَ السّليمَة جَانبَ وَجهي البَائس الايمَن ثمّ بظَاهرهاَ شَفتَايَ الّلتَان لاَ يَزَال عَالقاً بهَا طعم المَاء المَالح وَالّذي يَبدو أنّه لَيسَ كَما تَوقّعَ عَقلي حينَ حسبَه عَصيرَ تلكـَ الغِمَام السّودَاء القَابعَة بأعلَى السّمَاء فَوقي ، فَهَذا المَذَاق هوَ حَتماً عرَق العيون الّتي تَصبّبَت دموعاً وَأشجَاناً وَ أنَا الآنَ أجزم أنّهَا من لَوعَة الفرَاق كَونَني لَمَست بَينَ ذرّات تلكـَ الملوحَة مَرَارَتهُ ....رَفعت العَدَسَتين اللّتَين بوَجهي أفَتّش عَن السّبَب الّذي أوقَعَني...شَاهَدَتهَا فَرَساً تَجري مهَرولَة إلَى الّلامَكَان وكَأنّهَا في سبَاق عَدوٍ أو مَرَاتون .. لَازَالَت أصوَات اِرتِطام حَوَافرهَا مَعَ الحَصَى يَصل إلَى أذني إيقَاعاً يترجِم بَوَادرَ الحزنِ هَاهناَ ، تَرقص عَلَى نَغَمَاته شعَيرَات ذَيلهَا يُمنَةً وَيسرَة مَعَ ذاكـَ الحَبل الّذي مَايَزَال عَالقاً بجمجمَتهَا ..، دَارَ عنقي بزَاويَة بِضع دَرجَات لألتَفتَ لمَوضعي السّابق فَأرَى البَابَ الّذي أبصَرته من قَبلُ وَاقعاً من غَير حَول لَه وَلَا قوَّة بَينَ أحضَان تلكـَ الحفرَة الّتي فَاضَ منهَا ذَلكـَ السّائلُ المَالح ليُغَادرَهاَ مسَافراً في طريقٍ اِتّخَذَه لنَفسه سَبيلاً بَينَ لَحظَة وَأخرَى..... وَصَلَ إلَى بَصيرَتي مَنظَر شَبَح ضَخم يَرتَكز بذرَاعه إلَى طرَف الجدَار الّذي يوشك أن يَنهَارَ هوَ الآخَر لَاحقاً تلكَ القطعَة من الحَديد الّتي هَوَت لتحدثَ بَعضَ الضّجَّة وَالإزعَاج ....كَانَت بَينَ أنَامل يمنَاه عَصىً ظويلَة يمسكهاَ بإحكَام يَعكس شدّةَ حقدِه وَدرجَة بطشِه وَكأنّه بهَكَذا أسلوب يَنفي أيّةَ طريقَة يمكن لَهَا أن تَهربَ بهاَ عَنه لشدّة خَوفهَا من الرّعب الّذي يَنتَفض بَينَ أنفَاسه .....عدتُ أمشي وَكأنّني لَم أشهَد شَيئاً ليُذكَر ،، لَمَمت ذَلكَ الوشَاحَ البَالي لنَفسي أكثَر طامعَة ًفي بَعض الدّفء وَمتنَاسيَة البَلَل الّذي يغرِق أكتَافي ،، وَلَم يبقَ منحَصراً في بَالي إلّا التّفكيرَ في مَصير تلكَ الفَرَس الّتي لَم يَعد يَظهَر لي من مَكَاني هَذَا عَدَا ظيفهَا المغادر بَعدَ قَليل ...لَا تَعلَم المسكينَة أنّها تَضيع أكثَرَ في مَتَاهَة الأحزَان ، وَلَا شَكّـَ أنّها الآنَ بأحضَان إحدَى شَوارع الوَجَع المتَنَاثرَة بكَثرَة بهَاته البقَاع الموحشَة قُطعَ تَفكيري وَشرُودي عندَمَا وَجدت نَفسي أهوِي إلَى المَجهول بصَدمَة لَم أفق منهَا إلّا بَعدَ برهَة ... يَبدو أنّني وَضَعت قدَمَايَ في بئرٍ عَميقة لأنْقادَ رغماً عَنّي إلَى حَتفي المَحتوم .. وَصاَر يتَوارَد إلَى مخيّلَتي مَشهَد نهَايَة رحلَتي هَاته .. فَهَل سَأسقط عَلَى يَداي لتتَمزّقَ عظَامهَا كَمَا سَبقَ وَحَدثَ مَع ردَائهَا ، فَيتبدّد من بَعدهَا حلميَ الورديّ في إمسَاكـِ وَردَة بَينَ أنَاملي ..وَأكتَفي حينَهَا بشمّهَا دونَ حَولِ منّي وَهيَ مَغروسَة كَالوَتَد أنيسَةً للشّوك ... أمْ حتّى نعمَة الشّم تلكـَ سَينحَرم منهَا منخَاريّ إذَا مَا وَقعت عَلَى أنفي وَشُوّهَ وَجهي أكثَر ...........وَفجأة.......... يَنقَلب جَسدي بنصفِ دَائرَة لأبقَى مستَلقيَة بالجوّ في وضعيّة النّوم وَإن اِستمرّ وَضعي هَكذاَ أكثَر سَأجدني منشَلّة سَريريّا لَن أقفَ بَعدَهاَ ظوال حيَاتي –وهَذا إن بَقيَ لِي نَفَس طبعاً- ..بَل إنّ أكبر أحلَامي يتَجسّد في وقوفِي .....وَصَحّ توقّعي حينَ هَويت لأرتَطم بشَيء مَا خَشن لَم أعرفه فَأرتَفع قَليلاً ثمّ أهوي مجدّداَ مَعَ شَهقَة تَبعَهاَ اِستغفَار خَرجَت من بَين ضلوعِي لتؤَكدَ سقوطي من عَالَم المَنَام إلَى الوَاقع وَسقوط روحي إلَى جَسدي لتَدبّ وَتَعودَ اليّ الحَيَاة... قَعدت إلَى الأرض لأرتَكزَ إلَى حَافّة سَريري جَالسَةَ وَبِكَفَيَّ السّليمَتَين أمسَح نَدَى العَرَق علَى وَجهي وَأتلمّسَ أنفي وَأصَابعي وَبَاقي كَيَاني ،وَكَأَنّني لَم أصدّقْ بَعدُ نَجَاتي من كَابوسِ لَيسَ الأوّلَ من نَوعهِ ....... قُمت بَعد موجَز درَامَاتيكيّ قَصيرٍ لأتَوَضّأ وَأدعوَ مَن نَفسي بيَده أن تَكونَ الحَلقَة الموَاليَة الأخيرَة من مسَلسَل الكَوَابيس التَعيسَة حلماً وَرديّاً أزور فِيه شَارعَ السّعَادَة وَالفَرَح وَأقيمَ فيهِ إلَى يَومِي ...تَمّت

كونوا بخَ،ـير