بعدما كانت تعجّ بحركة كثيفة خاصة في شهر رمضان المعظم وبالتزامن مع دخول شهر أوت، تحولت مدن الجنوب الجزائري بين ليلة وضحاها إلى مدن أشباح بفعل مغادرة عشرات الآلاف من سكانها صوب المدن الساحلية وحتى الداخلية هروبا من لهيب الحرارة المرتفعة، والتي تصل أو تتجاوز سقف 50 درجة مئوية في الكثير من الأحيان.
فخلال استطلاع ” الشروق ” لرصد هذه الظاهرة، سجلنا اكتظاظا غير مسبوق يوميا على مستوى شبابيك الحجز بمحطات نقل المسافرين بكل من ورقلة وتقرت، حيث يقصد أكثر من 2000 شخص يوميا المحطتين من أجل اقتناء التذاكر للسفر إلى المدن الساحلية، حيث كانت أكثر الخطوط طلبا جيجل وبجاية والعاصمة والقالة وسكيكدة وبدرجة أقل المدن الغربية، فيما تفضل العديد من العائلات بالجنوب الجزائري قضاء عطلتها الصيفية بالسواحل التونسية.
وأرجع عدد من المواطنين الذين تحدثوا لـ ” الشروق ” عن سرّ التهافت الكبير على مدينة جيجل وبجاية والعاصمة على الخصوص إلى الوضع الهادئ والمسالم لسكانها واستقرار الوضع الامني في هذه المدن، بالإضافة إلى قرب المسافة مقارنة مع المدن والولايات الغربية، أما المئات من العائلات التي تفضّل المدن التونسية كالمنستير وسوسة والعاصمة فأرجعت ذلك إلى عوامل النظافة وحسن الاستقبال والترحاب وانخفاض أسعار كراء الشقق مقارنة بالمدن الجزائرية رغم هشاشة الوضع الأمني من حين لآخر، كما تفضل عدد من العائلات التوجه صوب مدن الهضاب العليا والسهوب كالجلفة وسطيف والبيض لالتقاط أنفاسها ونسمات باردة وهادئة بعيدا عن صخب المدن الساحلية وهروبا من لهيب حرارة منطقة الجنوب.
وإذا كانت العطلة الصيفية فرصة لسكان المنطقة من أجل التمتع والاستجمام بها في الشواطئ، فإن ذلك ينعكس سلبا على عدة قطاعات بعاصمة الجنوب الجزائري ورقلة كالمواصلات وتذبذب في وفرة الخبز والحلويات والخضر وغلق المطاعم بسبب مغادرة أغلب تجار المنطقة الذين ينحدرون من مدن الشمال صوب مسقط رأسهم إلى غاية اقتراب فترة الدخول الاجتماعي.
المصدر : الشروق