د / أحمد عبد الحميد عبد الحق *
مشروعية تعلم اللغات غير العربية عند الحاجة
أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الصحابي زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب يهود ( أي اللغة العبرية ) لما احتاج إلى ذلك ، فقد روي عنه أنه قالَ:" أَمَرَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَعَلّمَ لَهُ كَلِمَاتٍ مِنْ كِتَابِ يَهُودَ ، وَقالَ إِنّي وَالله مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي، قالَ فَمَا مَرّ بي نِصْفُ شَهْرٍ حَتّى تَعَلّمْتُهُ لَهُ، قالَ فَلّمَا تَعَلّمْتُهُ كَانَ إِذَا كَتَبَ إِلَى يَهُودَ كَتَبْتُ إليهم، وَإِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ قَرَأْتُ لَهُ كِتَابَهُمْ " (1)
كما أمره بتعلم اللغة السريانية ، فقد قال رضي الله عنه : "أَمَرَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَعَلّمَ السّرْيَانِيّةَ (2) " وأكد ذلك الشوكاني ( أحد العلماء القدامى ) في قوله : وظاهره أن اللغة السريانية كانت معروفة يومئذ وهي غير العبرانية ، فكأنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أمره أن يتعلم اللغتين.
واليهود هم أول شعب تعامل معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم غير اللغة العربية ، وأمره في تعلم لغتهم يبين أن المسلمين ينبغي أن يكون منهم من يتعلم لغات الشعوب التي يتعاملون معها ، ولما كان الإسلام دينا جاء لكل الشعوب والأجناس ، فإن المسلمين مطالبون أن يكون بينهم من يتقن كل اللغات التي يحتاجون إلى توصيل الدعوة لأهلها ، وقد كان الخلفاء المسلمون فيما بعد يتجولون ومعهم المترجمون لشتى اللغات .
وقد جاء في كتاب تحفة الأحوذي " لا يعرف في الشرع تحريم تعلم لغة من اللغات سريانية أو عبرانية أو هندية أو تركية أو فارسية، وقد قال تعالى: "ومن آياته خلق السنوات والأرض واختلاف ألسنتكم" أي لغاتكم(الروم: 22) ، بل هو من جملة المباحات، وقد يعد من اللغو ... إلا إذا ترتب عليه فائدة فحينئذ يستحب كما يستفاد من الحديث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
*مدير موقع التاريخ الالكتروني
1ـ رواه أبو داود
2ـ رواه الترمذي
المصدر : موقع التاريخ