facebook twitter rss
v





العودة  

جديد مواضيع منتديات بيت العرب الجزائري


قسم التاريخ الجزائري


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-08-31, 12:29 PM   #1
hakimdima
مشرف الأقسام التعليمية


العضوية رقم : 10954
التسجيل : Jul 2016
العمر : 39
الإقامة : الجزائر
المشاركات : 6,072
بمعدل : 2.00 يوميا
الوظيفة : متعاقد
نقاط التقييم : 10
hakimdima is on a distinguished road
hakimdima غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي دور الولاية السادسة في التصدي للمشاريع الاستدمارية

دور الولاية السادسة في التصدي للمشاريع الاستدمارية
I. حركة بلونيس
1- تطور الحركة (1955-1957)
2- التواطؤ الفرنسي مع الحركة
3- إستراتجية قادة المناطق لمواجه هذه الحركة
II. مؤامرة فصل الصحراء1957-1962
1- فصول هذه المؤامرة
2- التصدي لهذه المؤامرة
- أولا: على الصعيد العسكري
- ثانيا: على الصعيد السياسي







I ــ حركة بلونيس :
تندرج هذه الحركة ضمن الحركات المناوئة،والتي خططت لها السلطات الفرنسية لإجهاضها والقضاء عليها من الداخل .
واتخذت أشكالا مختلفة وأسماء متعددة من ضعفاء النفوس أمثال "بلحاج الجيلالي كويس" في الولاية الرابعة "الشريف بن السعيدي" الذي تآمر على العقيد علي ملاح احد مساعديه والقائد السبتي في الشرق الجزائري بالولاية الأولى وأهم ما ميز هذه الحركات مراهنة الفرنسية على نجاحها وتقديم الدعم العسكري والسياسي لإطالة عمرها .
1 تطور الحركة (1955-1957):
لقد حاول بلونيس1بداية من منتصف عام 1955 تنظيم مجموعات الصدام في العاصمة مستغلا خبرة المناضلين أمام الانشقاق الذي ألم بحركة الانتصار للحريات الديمقراطية حيث كان يقوم بعمليات تضليله وحملات طائفية بغرض الحصول على الأموال لصالح جماعته .
ولقد كان التمركز الأكبر لجماعات الحركة الوطنية بقيادة بلونيس في منطقة القبائل لأنها بقيت مناصرة لمصالي الحاج أثناء الشقاق الذي تعرضت له حركة الانتصار للحريات الديمقراطية .
ويذهب محمد حربي إلى القول أن كريم بلقاسم وأعمر أوعمران لم يقوما بإعلام القاعدة الشعبية في المنطقة عن انفصالهما عن الزعيم إلا بعد مضي شهر من انطلاق الثورة وهذا ما يفسر بجذر هذه المجموعات في المنطقة خلال المرحلة الأولى من الثورة التحريرية وقد أسست أول جماعة مسلحة بدوار حيزر بضواحي جرجرة2 .
ويذكر كوريار أن قوات بلونيس كانت متمركزة في فرقة مكونة من حوالي 25مقاتلا يشرف عليها قائد يدعى رابح ومجموعة أخرى مكونة من حوالي 500مقاتلا يقودها بن بلونيس نفسه .
كما منح بلونيس تسمية الجيش الوطني للشعب الجزائري armée nationale de peuple algérien لمجموعته التي كان تعدادها سنة1957حوالي600رجل بحوزتهم 1200بندقية 70000خرطوشة ثم بلغ تعداد جنده مابين 2000و3000 جندي حسب الإحصائيات الفرنسية و35000 جندي حسب جريدة المجاهد، ونفس الأرقام تقريبا يقدمها "جورج فلوري" حيث يقول انه في نهاية 1957 كان بلونيس يتحكم في مجموعة متكونة من 3000 مقاتل1 .
وقد عمل بلونيس على تجهيل جنوده لعزلهم عن القاعدة الشعبية، وللإشارة فان هناك بندا من بنود اللائحة الداخلية لهذه المنظمة ينص على الاتصال بالسكان المدنيين، كما استعملوا طرقا ملتوية في تجنيد المقاتلين منها التجنيد الإجباري، حيث تم فرض معدل 60 فردا لكل عرش وكذا ضريبة قدرها 200 فرنك على كل بالغ هذا بالإضافة إلى أسلوب التغليط والتضليل، وفي هذا الصدد يذكر النقيب محمد صايكي انه كاد يكون احد ضحايا هذه الدعاية حيث قال: جاء رجل يسمى أعمر القبايلي فاطلعنا انه على اتصال بجيش التحرير، فضربنا له موعدا في إحدى المقاهي وكان ذلك في مارس 1956....عند الحديث إليهم اتضح أنهم من شيعة المصاليين، ولكننا لم نتأكد من هويتهم الحقيقية إلا بعد أربعة أيام...وعلمنا فيما بعد أنهم يخادعون الناس وذلك باستعمالهم خاتمين احدهما يحمل عبارة جيش التحرير الوطني2 .
كما كان المسؤولون في تلك الجماعات المسلحة يتعهدون بعدم التعرض لممتلكات المعمرين الفرنسيين وهذا ما يتطابق مع ما ذكره ابن كوريار بان بلونيس في رسالة وجهها لأتباعه قال:"لا يجب أن نحارب الفرنسيين إلا بغرض الحصول على الأسلحة أو الدفاع عن النفس".
ولقد تصدى جيش التحرير لهذه الحركة التي ارتكبت عدة مجازر ضد الشعب الجزائري حيث جرت عدة اشتباكات منها الاشتباك الذي حدث في نوفمبر 1955 بقيادة عميروش الذي واجه ما يقارب 400 مقاتل من المصاليين في جبال بني يعلى ولاحقهم إلى دوار الربش وأما انتصارات الولاية الثالثة والرابعة اجبر بلونيس على الانسحاب أكثر إلى الجنوب ليستقر فيما بعد بالولاية السادسة، وبالضبط في المنطقة الممتدة بين بوسعادة والجلفة والاغواط إلى جبال الناظور بالقرب من السوقر (جنوب تيارت).

2 التواطؤ الفرنسي مع الحركة :
لم يبخل الفرنسيين في دعم هذه الحركة الناصرية ومدوها بكل ما تحتاجه من سلاح وعتاد وتأطير وحماية واختبار مواقع التمركز مقابل محاربة جبهة التحرير1، وبعد لقاء بني سليمان في 31مارس1957 ببن بلونيس وضابط المخابرات الفرنسية قادما من الجزائر الذي توج الاتصالات السابقة، وبه دخلت الحركة التطبيق الفعلي، ووضعت تحت تصرفه رجل المخابرات "ريكول" وفرقة من الكومندوس إلى جانب عدد كبير من الجزائريين المدربين على التعامل مع المخابرات أمثال الوهراني، رابح القبايلي، رابح البرادي وتجنيد العناصر المصالية من مختلف أنحاء الوطن.
في 14أوت تم لقاء بين بلونيس بدار الشيوخ، وتبدوا ايجابية هذا اللقاء بالنسبة للطرف الفرنسي من خلال العرض الأول الذي أرسله فيرنيير إلى الجنرال صالان يوم 24اوت1957 جاء فيه "...إنه طموح للغاية...يبدوا انه الطرف المناسب ...ربما كان حل المسألة الجزائرية جد قريب ".
ومما نص عليه الاتفاق ما يلي:
- محاربة الجبهويين والشيوعيين.
- تلقي مساعدة مالية ومادية وأسلحة ومعدات.
- العمل على حل المشكل الجزائري وإقرار السلم.
لكن فرنسا بعد شهر من هذا الاتفاق أي في 25 سبتمبر فرضت على بلونيس شروط جديدة تمثلت خاصة في تحديد ميدان نشاطه وعدم تحرك وحداته إلا بموافقة فرنسية وبموجب هذه الاتفاقية الثانية حصل بلونيس في يوم 30سبتمبر1957 على ألف بذله عسكرية كاملة وست بنادق رشاشة وأصبح يعمل بالتنسيق مع القوات الفرنسية على سد الطريق إمام قوات جيش التحرير، حيث حرصت فرنسا على جعل بلونيس حزاما امنيا لحماية مصالحها في الصحراء خاصة بعد اكتشاف البترول علما أن نقله كان يتم بواسطة الطرق البرية عبر الناقلات الضخمة، وهكذا وضعت فرنسا (كل ثقلها على بلونيس) ثقلا كبيرا على بلونيس إذ تم تدعيم قواته من طرفها بـ4035 بندقية كما كانت تمنحه 70مليون فرنك فرنسي 2 شهرياً وتدفع مرتبا جنود "كتيبة الجنوب الجزائري" التابعة لجيش بلونيس.ولتأطير الحركة عمدت إلى اختبار ضباط معروفين بتجربتهم في حرب العصابات حيث وضعت الضابط "ايمز" مستشارا له و "القبطان ريكول"
والكولونيل "كاننس" مسؤول فرقة الاغواط ويعمل الجميع تحت إشراف الجنرال "صالان" و"لاكوست" وفي بلدة "حوش النعاس" أصبح بلونيس جنرالا سلم له الجنرال "صالان" العلم الجزائري يقود جيشا وان الجزائر على استقلالها الداخلي وما بقى إلا بعض الضالين من جبهة التحرير المرتبطة "بالشيوعية" يجب التصدي لهم ومحاربتهم.
3 إستراتجية قادة المناطق لمواجه هذه الحركة:
قبل الحديث عن الإستراتيجية التي عمد إليها قادة المنظمة لمواجهة هذه المؤامرة الخيانية يجب التذكير إلى إن المنطقة في هذه الفترة كانت تعيش ظروفا صعبة للغاية، ابتداء من استشهاد القائد ربان عاشور في 07 نوفمبر1956 وغياب كل من عمر إدريس والطيب فرحات للاتصال بلجنة التنسيق والتنفيذ للتعرف على نتائج مؤتمر الصومام واخذ مقرراته إلى الهزة العنيفة التي تمثلت في تمرد بعض القادة أمثال عبد القادر جعلاف وبومفتاح عبد الله السلمي، وعبد القادر الأطرش الذين كانوا يتمتعون بسلطة بين أعراشهم إضافة إلى الإشاعة الكاذبة التي روجها "العربي مزيان القبايلي" بان عمر إدريس أعدمته الجبهة كما تم إلقاء القبض على خليفة عمر إدريس الضابط الشهيد "عبد الرحمن الحاشي" الذي تعرض إلى شتى أنواع التعذيب للانضمام إلى خيانتهم .
وعموما لقد كادت هذه الوقائع أن تعصف بنظام المنطقة وتعد سنة 1957 سنة سوداء في عمر الثورة بالولاية السادسة.
ورغم ذلك فقد وضع قادة الولاية خطة ذات شقين احدهما سياسي والآخر عسكري لمحاربة مؤامرة بلونيس فالشق الأول كان كما يلي :
- تكثيف العمل السياسي برفع معنويات الشعب والإكثار من حملات توعية الأعراش وإشاعة روح التنافس بين القبائل للتصدي لهذه الحركة .
- تحديد خلايا الاتصال وإنشاء عناصر مناضلة جديدة عير معروفة لدى الحركة.
- اختراق صفوف الحركة عن طريق الاتصال ومراسلة رؤساء الأعراش ومن لهم نفوذ في أهاليهم لاستمالتهم للعودة لجادة الصواب.
- الإكثار من الحملات الإعلامية المكتوبة لفضح المؤامرة ومدبريها.
- استغلال الانتصارات التي حققها الجيش التحرير الوطني على الخونة وإذاعتها في إذاعة الجزائر الحرة وكان لمعركة الزرقاء يوم 25 جانفي 1958 التي انتصر فيها جيش التحرير على الخونة اثر بالغا في نفوس المواطنين، حيث تم إذاعة مقتل الضابط "ريكول" كما قدمت الإذاعة نوع الأسلحة التي تم الحصول عليها من قوات بلونيس في معارك سابقة.
أما فيما يخص الشق العسكري فقد باشر عمر إدريس -بعد عودته من المغرب أواخر 1957 مزودا بكتيبتين من الولاية الخامسة- اتصالاته مع القائد سي الحواس للنظر في أمر الحركة، فاعتمد تشغيل محورين عسكريين الأول بقيادته حيث ضم أكثر من 300 مجاهد على طول سلسلة جبال أولاد نايل، أما المحور الثاني فبقيادة سي الحواس في منطقة جبال بوكحيل وجبال مسعد، وبذلك أصبحت قوات بلونيس بين شقي ، حيث حوصرت من الغرب من طرف عمر إدريس ومن الجنوب الشرقي من طرف سي الحواس، وأعطت هذه الخطة ثمارها حيث شهدت المنطقة عدة معارك ضاربة مع بلونيس كتلك التي جرت مابين 25 نوفمبر1957 إلى 27 مارس 1958 وهي ست معارك كبرى، كما شهدت جبال مساعد أشهر هذه المعارك1 .
وبذلك توالت هزائم بلونيس ففر عدد من قواته والتحقوا بجيش التحرير ونتيجة لذلك تصدت الحركة ودب الخلاف بين قادتها إلى درجة أن بلونيس أقدم على قتل احد المقربين منه وهو "عبد القادر الأطرش"، فكان هذا الحادث إيوانا بانفجار الحركة من الداخل، وهذا ما دفع قادة الولاية إلى استغلال هذا التململ في صفوف الحركة حيث ضاعفوا من الضغط العسكري عليها2.
كما انتهى الفرنسيون من جهتهم إلى الاقتناع بفشل الحركة وأصبح هدفهم هو الحيلولة دون وصول جيش التحرير إلى الأسلحة التي بحوزة بلونيس، ولقد اعترف "لاكوست" نفسه فشل العملية وقال "أن ما حدث بعد ديان بيان فو سياسية ووجه حملة عسكرية في بداية جويلية 1958 نحو الجبال والسهول المحيطة "بحوش النعاس" مقر قيادة بلونيس.
أما بلونيس فقد التجأ إلى رأس الضبع شمال بوسعادة "عرش أولاد عامر" وأثناء قيامه بتصفية 300 من رجاله الذين عزموا على الالتحاق بجيش التحرير تم اغتياله من طرف أحد جنوده وكان ذلك في جويلية 1958.
II ــ مؤامرة فصل الصحراء1957-1962:
بالتوازي مع إنشاء وتدعيم الحركة الخيانية البلونيسية عمدت السلطات الاستعمارية إلى التفكير في مخطط آخر ووضعه تدريجيا موضع التنفيذ ويتمثل في اعتماد سلسلة من التدابير تهدف من خلالها إنقاذ ما يمكن إنقاذه بتفكيك أواصر الوطن الجزائري واقتطاع ما يمكن اقتطاعه، والذي يهمنا في هذا المجال هو فصل الصحراء عن الجزائر ما دمنا في معرض الحديث عن الولاية السادسة.
1- فصول هذه المؤامرة:
ويرجع اهتمام فرنسا بالصحراء نظرا لما فيها ممن إمكانيات طاقوية بإمكانها تامين احتياجات فرنسا.
ويمكن تلخيص الإجراءات والتدابير العملية التي اتخذتها الإدارة الفرنسية على النحو التالي:
1- إنشاء شبكة الفرق الإدارية المتخصصة
2- إنشاء شبكة واسعة من الطرف المعبدة والمسالك لتسهيل نقل وحدات الجيش وللاستغلالات الباطنية.
3- تدعيم وتعزيز التواجد العسكري بالصحراء.
4- إنشاء وزارة خاصة بالصحراء أسندت إلى القائد العسكري "ماكس لوجون".
5- إنشاء المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية والتي تضم بالإضافة إلى عمالتي الواحات والساورة أقاليم كل من النيجر وتشاد وموريتانيا ومالي.
ولإضافة طابع الشرعية على كل تلك الإجراءات صدر عن البرلمان الفرنسي قانون بفصل الصحراء بتاريخ 10جانفي1957 يقضي بإنشاء منطقة مشتركة للمنطق الصحراوية كما صدر مرسوم تحت رقم 57/903 بتاريخ 07 أوت 1957 يحدد التنظيم الإداري للمناطق المنصوص في القانون المذكور.
وفيما يلي بعض النصوص القانونية في هذا الشأن1 :
المادة1: تنشأ منطقة مشتركة للمناطق الصحراوية تهدف إلى العمل على التطوير الاقتصادي والرقي الاجتماعي للمناطق الصحراوية التابعة للجمهورية الفرنسية والتي تسهم في تسيرها "الجزائر" "موريتانيا" "السودان" "النيجر" "التشاد" .
ويتبع هذا القانون بمرسوم رقم 57/903 الصادر في 07أوت1957 ينص على:
المادة(1): أن منطقة أراضي الجنوب التابعة للمنطقة المشتركة لمناطق الصحراء تقسم إلى عمالتين "الواحات"و"الساورة".
المادة(2): يمكن في هاتين العمالتين أن تحول وظيفة رئيس العمالة وبصفة استثنائية إلى ضابط برتبة "لواء".
أما على الصعيد العسكري فقد رئيت السلطات الفرنسية إلى إعادة هيكلة جيوشها بالصحراء وتعديل سياستها الأمنية الشاملة هناك حيث عهدت مهمة ذلك منذ سبتمبر1959-هو نفس التاريخ الذي أعلن فيه ديغول مبدءا تقرير المصير مستثنيا عمالتي الواحات والساورة-إلى قائد مكلف بالتنسيق بين الجيوش في الصحراء ثم أسندت هذه المهمة ابتداء من ديسمبر 1961 إلى القائد إلا على في الصحراء الذي بتعامل مباشر مع وزير الحربية في باريس.
كما قامت السلطات الفرنسية برفع عدد قواتها المتواجدة بالصحراء حيث كان عدد جنودها في بداية1958 كان 19الف رجل ليرتفع إلى 25الف في مطلع 1959 ليصل إلى 30الف في مستهل 1962.
وفي الجانب الدبلوماسي فقد سعت الآلة الدبلوماسية الفرنسية إلى تزويد عواصم العالم بالعديد من المذكرات المرفقة بالخرائط تلح فيها على اعتبار الصحراء منفصلة عن الجزائر كما كان هذا السعي الحقيق مقرونا بدعاية واسعة وبعروض سخية لاستقطاب رؤوس أموال الشركات الأجنبية للاستثمار في الصحراء وفي هذا السياق أنشأت الحكومة الفرنسية المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية، ولقد كانت هذه المنظمة تهدف بدورها إلى اشتراك الأقطار الإفريقية المجاورة للجزائر في الخطة الاستعمارية تحت غطاء تنظيم استغلال الثروات الطبيعية للصحراء، غير أن أمواج حركة التحرر الإفريقية حالت دون ذلك .
بمجيء الجنرال ديغول على رأس الجمهوريتين الخامسة ازداد تمسك فرنسا بالصحراء ويظهر ذلك من خلال الزيارات الميدانية التي قام بها عدد من المسؤولين الحكوميين كان على رأسهم رئيس الحكومة الفرنسية آنذاك "ميشال ديري" الذي قام بزيارة إلى هذه المنطقة ما بين 23/25فيفري1961رفقة وزير الصحراء "روبرت لوكور"ومندوب المنظمة المشركة لمناطق الصحراوية "اوليفي قيشار" زاروا خلالها كل من مدينة ورقلة وغرداية وايجلي وتمنراست ثم بشار ثم خلالها إلقاء سلسلة من الخطب أمام السكان ففي غرداية مثلا صرح ميشال دبري بما يلي "إن مستقبل الصحراء لهو مستقبل عظيم وفرنسا الحاضرة هنا لعازمة على البقاء أما في بشار فقد ركز على ما يلي "اعلموا أن فرنسا حاضرة هنا وستبقى .
أما تصريحات الجنرال ديغول فهي تصب في هذا السياق وتلح على أهمية الصحراء بالنسبة لفرنسا حيث يقول : "أن حفاظ فرنسا على آبارها البترولية في الصحراء وعلى مراكز تجاربها واجب وطني".
وفي هذا الصدد أوعز إلى نائب الواحات حمزة بوبكر يتقدم مشروعه الرامي لإقامة جمهورية صحراوية تضم ولاية الواحات والساورة وتمكن حمزة بوبكر بدعم من السلطات الفرنسية بعقد ثلاثة اجتماعات لهذا الغرض الأول في الاغواط والثاني في الجزائر والثالث في ورقلة وفشلت المحاولات الثلاثة لتفطن الحاضرين لهذه المؤامرة، حيث لعب الشيخ بيوض دور كبير في إجهاض هذه العملية من خلال اتصاله بالحكومة المؤقتة وإبلاغها بتفاصيل هذا المشروع.
ومن بين المحاولات اليائسة أيضا لفصل الصحراء اتصال السلطات الفرنسية بأعيان الطوارق حيث اجتمع "ميشال دوبري" في تمنراست سنة 1960 ودام اللقاء أسبوعا كاملا وعرض على الباي الحاج أخموك تنصيبه سلطانا على كل الطوارق فرفض ولم يقتنع الجنرال"ديغول"بفشل مبعوثه للطوارق فاغتنم فرصة الاحتفال ب 14جويلية وأرسل طائرة خاصة لاستقدام الباي الحاج أخموك لزيارة فرنسا وقابل ديغول وكرر له "دوبري" الطلب فكان رده « ربما قد لا اطلب استقلال الجزائر ولكن الذي اطلبه هو عدم الاستقلال عن الجزائر».
2- التصدي لهذه المؤامرة:
قبل التطرق إلى هذا العنصر يجب التنويه إلى انه لا يمكن إبراز دور الولاية السادسة بمعزل عن إستراتيجية جبهة التحرير ككل في مواجهة هذا المخطط الفرنسي وذلك نظرا لحجم المؤامرة، حيث أضحت قضية فصل الصحراء من اعقد القضايا التي واجهتها الحكومة المؤقتة فيما بعد فقد تسببت إيقاف المفاوضات بين الحكومة المؤقتة والحكومة الفرنسية، لذلك فقد كانت مواجهة الثورة لهذه المؤامرة على عدة جبهات أو أصعدة1.
أولا-على الصعيد العسكري:
فابتداء من سنة 1957 بدا جيش التحرير الوطني يقوم بعمليات عسكرية في الصحراء ضد المصالح البترولية الفرنسية بها، وفي هذا السياق نذكر جهود مسؤولي الولاية السادسة حيث عززوا قواعدهم الدفاعية والهجومية، ومن العمليات العسكرية التي قامت بها الولاية تفجيرها خط السكة الحديدية الرابط بين توقرت وسكيكدة وتفجير محطة توليد الكهرباء بالاغواط يوم 13جويلية1957المعارك الطاحنة في كل من بوكحيل بوديربن إضافة إلى معركة الكرمة و"اجريبيع" والتي دامت يومين كاملين وبقراءة متأتية لجدول إحصاء العمليات العسكرية التي قامت بها الولاية السادسة ندرك أن كثافة النشاط العسكري الموجه ضد المنشآت البترولية2.
واستكمالا للنشاط العسكري لجيش التحرير الوطني نجد ضرب قواعد التنصيب عن النفط ففي 17اوت 1957 نفذ جيش التحرير عملية في منطقة تنقيب عن البترول "تين السما" قرب أيجلي بأقصى الجنوب الشرقي كما تم في 21 سبتمبر 1957 الهجوم على ناقلات النفط بالقرب من الحدود الليبية الجزائرية وأسفرت عن تحطيم ناقلتي للبترول على بعد 5 كيلومتر من "بريان" قرب الاغواط بمنطقة حاسي الرمل فخرب عدد من الأجهزة الفنية قدرتها المصادر العسكرية الفرنسية ب15مليون فرنك .
وأمام ضربات جيش التحرير فكرت فرنسا في نقل البترول عن طريق تونس لذا أبرمت مع الحكومة التونسية في جوان 1958 اتفاقية مع شركة (TRAPSA) الفرنسية تقضي بمد أنبوب من أيجلي عبر التراب التونسي وتصديره من ميناء سخيرة "خليج قابس" وهذا ما أدى بتأزم العلاقات بين الحكومة المؤقتة والحكومة التونسية، كما وقعت الشركة الفرنسية للبترول الجزائري مع شركة "ريبال" تخطيطا لمد أنبوب غاز يمتد من حاسي مسعود إلى بجاية لكن نشاط الثورة حال دون ذلك وأرغم الشركات البترولية إلى توقيف حاسي مسعود سنة 1959.
ثانيا-على الصعيد السياسي :
إما على الصعيد السياسي فننوه بدور الحكومة المؤقتة حيث سعت مند تأسيسها للتحرك دبلوماسيا للوقوف في وجه هذه المؤامرة. و في هذا الصدد كانت تصريحات فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة كما يلي " أن الحكومة المؤقتة تؤكد من جديد الحقوق المشروعة للشعب الجزائري في الصحراء التي هي امتداد طبيعي و جزء لا يتجزأ من الجزائر".
ولنسف هذه المؤامرة ما فتئت الحكومة المؤقتة على لسان مسئوليها التأكيد عدم اعترافها بالعقود المبرمة ولا بالاستثمارات البترولية في الصحراء حيث اعتبرتها فعل عدوان ضد الشعب الجزائري لأنها تزيد في بؤسه من خلال إطالة أمد الحرب وفي هذا السياق نشير إلى انه عقب إعلان شركة ( ستاندار اويل اونيوجيرزي ) الأمريكية العملاقة عزمها الاستثمار النفطي في 21جانفي1959 جاء رد الحكومة المؤقتة على لسان وزير خارجيتها السيد أمحمد يزيد " أن الحكومة المؤقتة تؤكد على رؤوس الملأ حقوق الشعب الجزائري الثابتة في الصحراء التي هي جزء من الجزائر ... وهو يعتبر الاتفاقيات المتعلقة باستثمار موارد الصحراء لاغية : إن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية تحذر الشركات المهتمة بالتفتيش عن النفط من أن تبرم اتفاقيات مع السلطات الفرنسية .
وفي هذا الإطار أيضا نشير إلى أن الحكومة المؤقتة لم تفوت أي مناسبة أو فرصة كالمؤامرة الدولية والجهوية لمختلف المناسبات إلا واتخذتها منبرا لإيصال صوتها.
ومن ذلك المؤتمر العربي للبترول الذي تم تنظيمه بالقاهرة بتاريخ 23افريل1959 حيث حذرت الشركات الأجنبية من مغبة الاستثمار في الصحراء الجزائرية.
وبمناسبة المؤتمر الدولي الخامس للبترول المنعقد في نيويورك في جوان 1959 حذر ممثل الجزائر المؤتمرين من النشاط الشرعي لجيش التحرير الوطني وتم توزيع مذكرة عليهم تضمنت عزم الثورة على التصدي وبكل الوسائل لعمليات استغلال البترول الجزائري، وعدم اعترافها بالعقود المبرمة مع الحكومة الفرنسية على قاعدة المصالح المتبادلة واحترام السيادة .
وتكملة لسياستها للتصدي لمحاولة فصل الصحراء فقد ارتأت جبهة التحرير الوطني أن يكون 05جويلية 1961 يوما وطنيا ضد سياسة التقسيم التي تسعى إليها فرنسا، فقد دعت الحكومة المؤقتة إلى تنظيم إضراب شامل في كافة القطر الجزائري تحت شعار "الصحراء جزائرية" وبالفعل ورغم الحشد العسكري الذي قامت به السلطات الفرنسية لإفشال هذا الإضراب، حيث حشدت 35 ألف من الشرطة و30 ألف جندي إلا أن الشعب الجزائري استجاب للنداء وخرج ليعلن للعالم عن وحدة بلاده رافعين الإعلام الوطنية ويهتفون بحياة الحكومة المؤقتة وجهة التحرير وينادون بمقومة تقسيم البلاد فكان إضرابا عاما وناجحا 100% وهذا باعتراف الصحافة الفرنسية والدولية .
أما على صعيد المفاوضات الفرنسية الجزائرية فان من بين النقاط الأكثر تعقيدا فيها هي مشكلة فصل الصحراء حيث تم إيقاف المفاوضات بين الحكومة المؤقتة والحكومة الفرنسية عدة مرات وذلك لتشبث فرنسا بالصحراء، ولقد كان موقف الحكومة المؤقتة واضحا في هذا الشأن لا لإيقاف القتال ولا لاستقلال دون اعتراف فرنسا بالوحدة الوطنية، ولا بأس بالتعريج على بعض المفاوضات بهذا الخصوص حين تم لقاء بين الطرفين الجزائري والفرنسي في مدينة أيفيان يوم السبت 20 ماي 1961 وكانت مواقف الطرفين متعارضة فالطرف الفرنسي بقي مصمما منذ البداية على أن لا تكون الصحراء موضوعا للتفاوض ومع ذلك نجح الوفد الجزائري في إثارة المشكلة ووجد الفرنسيون أنفسهم مجبرين على الخوض فيه لكن هذه المفاوضات توقفت في 12 جوان من نفس السنة وبالرغم من ذلك فان فرنسا قد ألحقت على موقفها من الصحراء عند استئناف المفاوضات بلقران في 20جويلية1961 حيث ربط الوفد الفرنسي مصير المفاوضات بالصحراء وعمد إلى اعتبار الصحراء مشكلة مستقلة وهذا ما حدى بالحكومة المؤقتة إصدار بيان في 15نوفمبر1961 حملت فيه فرنسا فشل المفاوضات وبقي الوضع كذلك إلى أن تم وقف إطلاق النار في يوم الاثنين 19مارس 1962 ومما جاء في احد بنود اتفاقيات أيفيان وحدة التراب الوطني التي نصت على الاعتراف بها في حدودها الحالية شمالها وصحرائها . أما ثروات هذا الأخيرة فقد جاء عنها "للدولة الجزائرية الحق في منح رخص التنقيب وهي التي تحدد التشريع المنجمي في نطاق السيادة الكاملة ويعد التوقيع على اتفاقيات افيان انتصارا حاسما للدبلوماسية الجزائرية حيث استطاعت أن تنهي حلم فرنسا في فصل الصحراء ، وبذلك حصلت على الاستقلال التام غير المنقوص للجزائر.
منقول


hakimdima غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
للمشاريع, الاستدمارية, التصدي, السادسة, الولادة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: دور الولاية السادسة في التصدي للمشاريع الاستدمارية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
05 عون إدارة ( في مقر الولاية ) مديرية الإدارة المحلية. سطيف سليمان سونيك قسم أخبار التوظيف 0 2016-08-16 12:24 PM
FreeMind لتخطيط للمشاريع matic dz قسم أنظمة التشغيل والصيانة 0 2016-06-20 02:04 PM
هل أنت أمٌّ لأول مرّة؟ تجنبي هذه الأخطاء الجسيمة في التعامل مع حديثي الولادة سيف الدين قسم عالم الطفل 0 2016-03-11 11:19 PM
ما سرّ حبنا لرائحة الأطفال حديثي الولادة؟ سيف الدين قسم ثقف نفسك 0 2016-02-16 07:10 PM
درس كيفية التصدي للكمة مباشرة سيف الدين قسم الرياضة العالمية 0 2013-03-16 08:43 PM


الساعة الآن 04:33 AM


Designed & Developed by : kakashi_senpai
Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML