بقلم: رشيد ولد بوسيافة
الفضيحة التي كشف عنها النائب البرلماني سمير شعابنة، ليست هي الأولى ولن
تكون الأخيرة بعد أن ألفنا مثل هذه الفضائح في أغلب الإدارات العمومية، حيث قام
مسؤولو المؤسسة الوطنية للتصدير والمعارض، بتأجير جناح كامل بمبلغ يفوق مليار
سنتيم بمعرض مرسيليا لكن الزائرين لهذا الجناح وجدوه خاليا تماما من العارضين
الجزائريين.
وقبله كشف السيناتور عبد القادر زروقي، جملة من الفضائح والتجاوزات في تسيير
الصفقات العمومية في ولاية غليزان، كلفت الولاية خسائر كبيرة، وليت الأمر توقف
عند ذلك الحد بل إنه تحول إلى سلوكات مافياوية كاقتحام سكن السناتور وكتابة
عبارات نابية تتهمه بالسرقة والفساد، ثم اختفاء السيناتور ذاته ربما خوفا من
الانتقام.
وقبل ذلك كشف المسيرون الجدد للجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية بقطاع التربية.
عن اختفاء نصف الأموال التي جمعت من اشتراكات الموظفين، لتسقط كل تلك الوعود
المعسولة التي أطلقوها قبيل عملية الانتخاب التي جرت في القطاع في الماء،
خصوصا فئة المتقاعدين الذي وعدوا بمبلغ 50 مليونا كمنحة "كفن" كما يسمونها،
لكن حتى منحة الكفن تبخرت بعد أن امتدت الأيادي للمبالغ المجمّدة.
تضاف هذه القضايا إلى قائمة طويلة من الفضائح التي هزّت الرأي العام الوطني،
وتركت آثارا كارثية على الاقتصاد الوطني، كقضية الخليفة، وفضيحة سوناطراك،
وفضيحة الطريق السّيّار، وقضية عاشور عبد الرحمان، وغيرها من نماذج النهب
المبرمج للمال العام الذي أدى إلى تفقير شعب كامل في بلد يكنز من الأموال ما لا
تكنزه الاقتصاديات الكبرى.
لقد كشفت محاكمة الخليفة، قبل سنوات الطريقة الغريبة التي تعامل بها المسؤولون
في الوزارات والبنوك والمؤسسات الوطنية مع بنك الخليفة، وكيف سلموه أموال
الشعب ليتصرف فيها بطريقة بدائية تسمح بتداول الملايير بقصاصات من الورق، كما
كشفت محاكمة عاشور عبد الرحمان، عن الطرق المبتكرة في نهب المال العام عن
طريق الشركات الوهمية، لكن لا محاكمة المتورطين في "الخليفة" ولا محاكمة
شركاء عاشور عبد الرحمان ردعت المفسدين.
المشكلة في الجزائر أن قضايا الفساد التي تعالجها المحاكم يوميا، لم تساهم في
التخفيف من الظاهرة التي تشير بشأنها التقارير أنها معششة بشكل جذري في
الإدارات والمؤسسات العمومية، وهو واقع تترجمه كل التصنيفات التي تصدرها
المراكز العالمية المتخصصة في شفافية الاقتصاد ومحيط الاستثمار ومستوى المعيشة،
وغيرها من التصنيفات التي تضع الجزائر في مرتبة مشابهة لمراتب جمهوريات
الموز.