( علم المواريث)
الفرائض
تعريفها:
الفرائض جمع فريضة ، والفريضة مأخوذة من الفرض بمعنى التقدير ؛ يقول الله سبحانه : (فنصفُ ما فرضتم) أي قدرتم .
والفرض في الشرع هو النصيب المقدّر للوارث ويسمى العلم بها علم الميراث وعلم الفرائض.
مشروعيتها :
كان العرب في الجاهلية قبل الإسلام يورثون الرجال دون النساء . والكبار دون الصغار وكان هناك توارث بالحلف . فأبطل الله ذلك كله وأنزل :
(يوصيكم اللهُ في أولادكمْ للذّكرِ مثلُ حظَّ الأنثّييْنِ فإنْ كُنَّ نساءً فوق اثنتّين فلهُنَّ ثُلثُا ما تركَ وإنْ كانتْ واحدةً فلها النَّصفُ ولأبويهِ لكلَّ واحد منهما السُدسُ مما تركَ إنْ كان له ولدٌ فإنْ لم يكنْ له ولدٌ وورثهُ أبواهُ فلأمهِ الثُّلثُ فإن كانَ لهُ إخوةٌ فلأمهِ السُّدُسُ مِن بعدِ وصيّةٍ يوصي بها أو دَيْنٍ آباؤكمُ وأبناؤكمْ لا تدرون أيُّهُمْ أقربُ لكم نفعاً فريضةً مِنَ اللهِ إنَّ اللهَ كان عليماً حكيماً) (سورة النساء 11) .
سبب نزول الآية :
وسبب نزل هذه الآية ما جاء عن جابر قال : جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنتيها من سعد فقالت : يا رسول الله ، هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أُحد شهيداً . وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالاً ، ولا ينكحان إلا بمال . فقال: يقضي الله في ذلك . فنزلت آية المواريث . فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال: [اعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك] [روا
التركة
تعريفها:
التركة هي ما يتركه الميت من الأموال مطلقاً . ويقرر هذا ابن حزم فيقول: "إن الله أوجب الميراث فيما يخلفه الإنسان بعد موته من مال لا فيما ليس بمال، وأما الحقوق فلا يورث منها إلا ما كان تابعاً للمال أو في معنى المال، مثل حقوق الارتفاق والتعلي وحق البقاء في الارض المحتكرة للبناء والغرس وهي عند المالكية والشافعية والحنابلة تشمل جميع ما يتركه الميت من أموال وحقوق سواء أكانت الحقوق مالية أم غير مالية .
الحقوق المتعلقة بالتركة:
الحقوق المتعلقة بالتركة أربعة: وهي كلها ليست بمنزلة واحدة بل بعضها أقوى من بعض فيقدم على غيره في الإخراج من التركة على الترتيب الآتي:
1- الحق الأول: يبدأ من تركة الميت بتكفينه وتجهيزه على النحو الذي سبق ذكره في باب الجنائز .
2- الحق الثاني: قضاء ديونه . فابن حزم والشافعي يقدمون ديون الله كالزكاة والكفارات على ديون العباد .
والحنفية يسقطون ديون الله بالموت فلا يلزم الورثة اداؤها إلا إذا تبرعوا بها أو أوصى الميت بأدائها . وفي حالة الإيصاء بها تصير كالوصية لأجنبي يخرجها الوارث أو الوصي من ثلث الفاضل بعد التجهيز وبعد دين العباد. هذا إذا كان له وارث، فإذا لم يكن له وارث فتخرج من الكل . والحنابلة يسوون بينها ، كما نجد أنهم جميعاً اتفقوا على أن ديون العباد العينية مقدمة على ديونهم المطلقة .
3- الحق الثالث: تنفيذ وصيته من ثلث الباقي بعد قضاء الدين .
4- الحق الرابع: تقسيم ما بقي من ماله بين الورثة .
أركان الميراث:
الميراث يقتضي وجود ثلاثة أشياء:
1- الوارث: وهو الذي ينتمي إلى الميت بسبب من أسباب الميراث .
2- المورث: وهو الميت حقيقة أو حكماً مثل المفقود الذي حكم بموته .
3- الموروث: ويسمى تركة وميراثاً. وهو المال أو الحق المنقول من المورث إلى الوارث .
أسباب الإرث:
يستحق الإرث بأسباب ثلاثة:
1- النسب الحقيقي: لقول الله سبحانه: (وأُولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله) ، (سورة الأنفال) .
2- النسب الحكمي: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [الولاء لحمة كلحمة النسب] ، [رواه ابن حبان والحاكم وصححه] .
3- الزواج الصحيح: لقول الله سبحانه: (ولكم نصفُ ما ترك أزواجكم) . (النساء)
شروط الميراث:
يشترط للإرث شروط ثلاثة:
1- موت المورث حقيقة أو موته حكماً كأن يحكم القاضي بموت المفقود فهذا الحكم يجعله كمن مات حقيقة ، أو موته تقديراً ، كأن يعتدي شخص على امرأة حامل بالضرب فتسقط جنيناً ميتاً فتقدر حياة هذا السقط وإن لم تتحقق بعد .
2- حياة الوارث بعد موت المورث ولو حكماً ، كالحمل ، فإنه حي في الحكم ليس إلا لجواز أن يكون الروح لم ينفخ فيه بعد ، فإذا لم تعلم حياة الوارث بعد موت المورث كالغرقى والحرقى والهدمى فإنه لا توارث بينهم إذا كانوا ممن يرث بعضهم بعضاً ويقسم مال كل منهم على ورثته الأحياء .
3- ألاّ يوجد مانع من موانع الإرث الآتية:
موانع الإرث:
الممنوع من الإرث هو الشخص الذي توفر له سبب الإرث ولكنه اتصف بصفة سلبت عنه أهلية الإرث . ويسمى هذا الشخص محروماً . والموانع أربعة:
1- الرق: سواء أكان تاماً أم ناقصاً .
2- القتل العمد المحرم: فإذا قتل الوارث مورثه ظلماً فإنه لا يرثه اتفاقاً لما رواه النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ليس للقاتل شيء] .
وما عدا القتل العمد العدوان فقد اختلف العلماء فيه ، فقال الشافعي: كل قتل يمنع من الميراث ولو من صغير أو مجنون ولو كان بحق كحد أو قصاص . وقالت المالكية: إن القتل المانع من الميراث هو القتل العمد العدوان سواء أكان مباشرة أم سبباً وأخذ القانون المصري بهذا المذهب في المادة الخامسة منه ونصها: "من موانع الإرث قتل المورث عمداً سواءً أكان القاتل فاعلاً أصلياً أم شريكاً أم كان شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بالقتل وتنفيذه إذا كان القتل بلا حق ولا عذر ، وكان القاتل عاقلاً بالغاً من العمر خمس عشرة سنة ويعد من الأعذار تجاوز حق الدفاع الشرعي .
2- اختلاف الدين: فلا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم لما رواه الأربعة عن أُسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم] .
وحكي عن معاذ ومعاوية وابن المسيب ومسروق والنخعي: أن المسلم يرث الكافر ولا عكس ، كما يتزوج المسلم الكافرة ولا يتزوج الكافر المسلمة .
أما غير المسلمين فإن بعضهم يرث بعضاً . لأنهم يعتبرون أهل ملة واحدة .
4- اختلاف الدارين (أي الوطن): المراد باختلاف الدارين اختلاف ال***ية واختلاف الدارين لا يكون مانعاً من التوارث بين المسلمين فالمسلم يرث المسلم مهما نأت الديار وتعددت الأقطار ، وأما اختلاف الدارين بين غير المسلمين فقد اختُلف فيه: هل هو مانع من التوارث بينهم أم لا؟ فالجمهور من العلماء على أنه لا يمنع من التوارث بين غير المسلمين، كما لا يمنع التوارث بين المسلمين . قال في المغني: وقياس المذهب عندي أن الملة الواحدة يتوارثون وإن اختلفت ديارهم ، لأن العمومات من النصوص تقتضي توريثهم ولم يرد بتخصيصهم نص ولا إجماع ، ولا يصح قياس فيجب العمل بعمومها .
وقد أخذ القانون المصري بهذا إلا في صورة واحدة أخذ فيها برأي أبي حنيفة وهي ما إذا كانت شريعة الدولة الأجنبية تمنع توريث غير رعاياها فمنع القانون توريث رعايا هذه الدولة الأجنبية المانعة ، فعامله بالمثل في التوريث، ففي المادة السادسة من القانون النص الآتي: "واختلاف الدارين لا يمنع من الإرث بين المسلمين ولا يمنع بين غير المسلمين إلا إذا كانت شريعة الدار الأجنبية تمنع من توريث الأجنبي عنها" .
المستحقون للتركة
المستحقون للتركة يرتبون على النحو التالي في المذهب الحنفي:
1- أصحاب الفروض . 6- المقر له بالنسب على الغير
2- العصبة النسبية . 7- الموصى له بأكثر من الثلث .
3- العصبة السببية . 8- بيت المال
4- الرد على ذوي الفروض . 9- مولى الموالاة .
5- ذوو الأرحام .