الفتوحات الإسلاميّة
أدهشت الفتوحات الإسلاميّة على مدى أعوامٍ طويلةٍ كلّ من قرأ أو كتب عنها، فقد قطع المسلمون خلالها المسافات الطويلة، وتكبدوا مشقّة العيش في الصحاري، والجبال، والأودية، ووصلوا إلى أفريقيا وأطراف أوروبا (الأندلس) أو إسبانيا، وزحفت جيوشهم إلى آسيا الوسطى؛ من أجل تعظيم شأن دولتهم وإعلاء كلمتها وحكمها على وجه المعمورة، وتمت معظمها بعد وفاة الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم بطريقة سلميّة، أو عن طريق الصلحُ، وبعضها صار بعد حروب طويلة، وفي هذا المقال سوف نتحدّث عن الفتح الإسلاميّ للصين، وعن القائد المسلم الذي فتحها.
قتيبة بن مسلم فاتح الصين
ولد قتيبة بن مسلم سنة ثمانيةٍ وأربعين هجرية في العراق، وكان أبوه يُدعى مُسلم بن عمرو، ونشأ على حبّ الجهاد لما كانت منطقة العراق هي القاعدة التي تنطلق منها جيوش الفتح على الجبهة الشرقية لدولة المسلمين، فشارك في هذه الحملات العديد من المرات مُبدياً صلابته، واشتداد عوده، ومهارته الفذة في القيادة، مما دفع القائد العظيم المهلب بن أبي حفرة الذي كان يُلقب بقاهر الخوارج وفاتح خراسان إلى التوصية لوالي العراق الحجاج بن يوسف الثقفي حول تجربته في قيادة الفتوحات في منطقة آسيا الوسطى.
وعد الحجاج من يفتح الصين بتوليته عليها، وكان بذلك من أكثر المشجعين على الفتوحات لا سيّما في بلاد ما وراء النهر، وولاه الحجاج القائد البارع على خراسان عام ستةٍ وثمانين هجرية، وطلب منه فتح بلاد الترك، وتحقيق فتح بلاد خراسان وما وراءها، وقد استطاع القيام بذلك خلال ثلاثة عشر عاماً متواصلاً، فتمكن فيها من فتح المدن الحصينة كبخارى، وشومان، وخوارزم، وكاشان، وفرغانة، وكاشغر، وأصبحت معظمها مراكز للحضارة الإسلاميّة كمدينة سمرقند.
الفتح الإسلاميّ للصين
كانت الدولة الإسلاميّة في فترة القرن الثاني هجري الدولة العظمى في العالم، ولم يكن يضاهيها قوةً سوى الإمبراطورية الصينيّة بقيادة الأسرة الحاكمة (تانج)، وبعد أن تمكنت الجيوش الإسلاميّة من إخضاع دول ايران وأفغانستان التي كانت تُعرف قديماً بخارسان، توجهت أنظارهم لفتح الصين، وكانت الإمبراطورية الصينية تتعدى الصين، لتشمل بعض الدول المجاورة كأوزبكستان وطاجكستان وغيرها، وبعدما اتّجه بن مسلم إلى الصين، فتح المدن الواقعة على أطرافها، وفرض عليها الجزية، فأخضع بذلك كل بلاد ما وراء النهر، حتى وصلت فتوحاته إلى حدود سور الصين، إلى أن مات الخليفة الوليد بن عبد الملك، وخلفه أخوه سليمان الذي نشب بينه وبين قتيبة خلاف شديد، دفع على إثره القائد قتيبة حياته عندما قتله أحد الجنود في بلد تُدعى فرغانة عام ستةٍ وتسعين هجرية.
منقول