الغساسنة الغساسنة هي قبيلة عربية أصولهم من قبائل الأزد اليمنية، وقد كانت مساكنهم بالقرب من سدّ مأرب، بدأوا بالهجرة من اليمن بعد أن انهار سدّ مأرب نتيجة سيل العرم في نهاية الألف الأولى قبل الميلاد، واتّجهوا شمالاً ووصلوا إلى تهامة جنوب الحجاز وأقاموا مدّة عند عين ماء تسمّى عين غسان ومنها أخذوا اسمهم، ومن ثم أكملوا هجرتهم شمالاً باتجاه بلاد الشام. كانت بلاد الشام تحت حكم الرومان وكانوا قد ولّوا على جنوب بلاد الشام آل سليح من قضاعة، وحصلت خلافات بين آل سليح والغساسنة بسبب فرض الضرائب فوقعت الحرب بين الطرفين انتصر فيها الغساسنة ممّا أدى إلى توليهم حكم جنوب بلاد الشام بمباركة الروم البيزنطيين والذين أعطوهم صلاحيات واسعة وسمحوا لهم بتشكيل دولة قوية تابعة لهم لحاجتهم لهم في حرب الفرس والمناذرة، كان أول ملوكهم جفنة ابن عمرو وقد حكم من سنة 220-265، لهذا كان الغساسنة يلقبون ببني جفنة، وقد دام حكمهم ما يقارب 400 عام حتى عام 638، وذلك بسبب الفتح الإسلامي لبلاد الشام، في بداية عهدهم كانت عاصمة ملكهم مدينة بصرى الشام وبعد فترة نقلوا عاصمتهم إلى مدينة الجابية في هضبة الجولان.
ساهم الغساسنة في صد جميع الهجمات التي وقعت على الروم من طرف الفرس وحلفائهم المناذرة وقد كان الكثير منهم يقاتل بجيش الروم مباشرة، لذلك منحهم الروم صلاحيات واسعة وسمحوا لهم بتوسعة ملكهم، حتّى أنّ أحدهم وهو النقفور أصبح إمبراطور بيزنطة في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد. ويرجح الكثير من المؤرخين ان الأمبراطور البيزنطي فيليب كان من أصول عربية غسانية وذلك لأن أصله من مدينة شهبا في سورية. لا تزال الكثير من العائلات التي تقيم في سوريا ولبنان والأردن وفلسطين تنسب نفسها وترجع بأصولها إلى الغساسنة ويفخرون بذلك.
اعتنق الغساسنة الديانة المسيحية على مذهب الأرثوذكسية الشرقية، وكان الغساسنة من أصحاب الأدب والشعر، فكان الكثير من الشعراء يفِدون على ملوكهم لمدحهم والتفاخر بانتصاراتهم على المناذرة، ومن أشهر من زارهم من الشعراء حسان بن ثابت والنابغة الذبياني ولبيد بن أبي ربيعة. ترك الغساسنة الكثير من الآثار في بلاد الشام مثل كاتدرائية الرصافة، والبناء داخل قلعة القسطل وقلعة عمان، وقصر برقع. والكثير من الكنائس مثل كنيسة الرفيد وكنيسة كفر ناسخ وكنيسة بريقة وكنيسة مأدبا وكنيسة كفر تل وغيرها الكثير مما لا مجال لذكره هنا.
انتهى حكم الغساسنة في سنة 636 وذلك بعد هزيمتهم والبيزنطيين بمعركة اليرموك من قبل الجيش الإسلامي مما دفع بالغالبية العظمى منهم إلى اعتناق الإسلام، ومن ثم المساهمة بالفتوحات الإسلامية التي حصلت لاحقاً في شمال أفريقا والأندلس مما حدا الكثير منهم إلى الاستقرار في تلك البلدان فساهموا في نهضتها وقد استعملهم الخلفاء في إدارة دواوين الدولة المختلفة وبيت المال.