قال الشاعر أحمد شوقي واصفًا حبّ الوطن:
شعر عن الوطن الجزائر قصير جدا
وَطَنٌ يَرُفُّ هَوىً إِلى شُبّانِهِ
كَالرَوضِ رِفَّتُهُ عَلى رَيحانِهِ
هُم نَظمُ حِليَتِهِ وَجَوهَرُ عِقدِهِ
وَالعِقدُ قيمَتُهُ يَتيمُ جُمانِهِ
يَرجو الرَبيعَ بِهِم وَيَأمَلُ دَولَةً
مِن حُسنِهِ وَمِنِ اِعتِدالِ زَمانِهِ
حبّ الوطن هو حبّ تاريخ الأجداد والآباء، رمز الانتماء والهويّة، فالوطنُ هو ما تتناقله الأجيال عبر التاريخ في مكان واحد، لذا يغلب عليه طابع معيّن حضاري يميّزه عن غيره من الأوطان، فيعكس ثقافته الخاصة، كما أنّه الحضن الدافئ لساكنيه؛ فهو المكان الذي نولد فيه ونجتمع فيه مع العائلة مترابطين يملأ الحبّ قلوبنا، وهو الذي إن غبنا عنه ما غاب عنّا ولو للحظة!.
لولا الوطن لما شعرنا يومًا بمعنى الاستقرار والأمان، لولا الوطن لكانت حياتنا بلا لون ولا طعم، فالوطن هو قطعة منّا، إذا ما انفكّت عنّا لا نستطيع الاستمرار في العيش، نتباهى بانتمائنا إليه منذ الصغر، وهو الملجأ من كلّ ما يضرّنا، والذي يتعدى كلّ الحدود الجغرافيّة بحبّنا له، وهو المكان الذي لو عملنا ليلًا نهارًا من أجله لما استطعنا إيفاءه حقه، فوطننا هو السند الذي لا يتخلّى عنّا أو نتخلّى عنه إلى الأبد.
علّمنا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات وأتمّ التسليم كيف يكون حبّ الوطن، وكيف لا؟ وهو الذي قال عن مكة المكرّمة: (ما أَطْيَبَكِ من بلدٍ! وأَحَبَّكِ إليَّ! ولولا أن قومي أَخْرَجُونِي منكِ ما سَكَنْتُ غيرَكِ) (حديث صحيح)، فهذا الحديث الشريف الذي يدلّ على تعلّق النبي عليه الصلاة والسلام بوطنه، وحبّه العميق تجاهه، وحنينه الدائم له، فهو الذي وُلد فيه عليه السلام وشبّ فيه، فما حبّ الوطن إلا أن يكون أمرًا فطريًّا في نفس كلّ إنسان؟