قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} (آل عمران: 200).
حديث عن الصبر مفتاح الفرج
قال سيد الأنام صلى الله عليه وسلم: «الصوم نصف الصبر، والصبر نصف الايمان، والايمان جوهر الاسلام، والاسلام أكمل الاديان»، حديث شريف.
قال سيدنا عيسى عليه السلام: «إنكم لا تدركون ما تحبّون إلا بصبركم على ما تكرهون».
الصبر خصلة من الخصال النبيلة التي اتصف بها الانبياء الاخيار والرسل الابرار والصحابة الاجلاّء الذين اصطفاهم عز وجل لنصرة الاسلام والدعوة الى الحق اليقين، والعلماء الفطاحل الذين أفادوا الانسانية جمعاء بعلومهم واختراعاتهم وتجاربهم وخبراتهم... وغيرهم من المؤمنين الصادقين.
عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لاحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء شكر فكان خيرا له» رواه مسلم.
فمن لم يكن من المؤمنين شاكرا على نعمته، صابرا على بليته فقد تخلق بأخلاق غير المؤمنين بل نقول ان وصف الايمان ينزوي حينئذ على قلبه، ويكون على رأسه كالظلة حتى يراجع نفسه ويأوي الى حظيرة ربه.
روى أبو نعيم في الحلية: «الصبر نصف الايمان».
وحصيف قول أحد الشعراء:
إذا عثرت فقُم غير يائس
واذا صار بك الدهر فتجمّل غير عابس
قال أحد الشعراء:
يا نفس صبرا على البلايا
فكل شيء الى زوال
قال المولى عز وجل: {الذين صبروا وعلى ربّهم يتوكلون} (العنكبوت 59).
روى الطبراني في حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما: «لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الانصار فقال: أمؤمنون أنتم؟ فسكتوا. فقال عمر: نعم يا رسول الله قال: وما علامة إيمانكم؟ قالوا: نشكر الله على الرخاء ونصبر على البلاء، ونرضى بالقضاء. فقال عليه الصلاة والسلام: مؤمنون وربّ الكعبة»!
هناك مؤمنون صادقون صبروا على أذى الكفّار فتمكنوا بفضل تبصّرهم وجلدهم من الانتصار على أعداء الاسلام انتصارا باهرا ونصرا عزيزا.
هذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحمل ماله الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يخرج الى غزوة تبوك فيقول له الرسول الاكرم: ما أبقيت لعيالك؟ فيجيبه: أبقيت لهم الله ورسوله.
وهذا بلال رضي الله عنه يعذّب بالنار ويوضع على الرمضاء في الظهيرة عاريا من اللباس وكان لسانه لا يفتر عن ذكر الله قائلا: أحد، أحد، أحد.
وهذا خُبيب أسّره مشركو مكة في غزوة أحد وقيّدوه بالسلاسل والاغلال وأذاقوه من العذاب ألوانا وأرادوا أن يختبروا إيمانه قبل القتل فقالوا له: نتركك تذهب الى أهلك ونقتل محمدا بدلا من. فضحك منهم ساخرا وقال لهم: ما أجهلكم والله ما يسرّني أن محمدا أن تصيبه شوكة في رجله وأنا بين أولادي وأهلي.
ذكر الامام الغزالي رحمه الله في كتابه «الإحياء» قال: قال سيدنا داود عليه السلام: يا رب ما جزاء الذي يصبر على المصائب ابتغاء مرضاتك؟ قال: جزاؤه أن ألبسه لباس الايمان فلا أنزعه عنه أبدا.
قال سيدنا داود لابنه سليمان عليهما السلام يستدله على تقوى المؤمن بثلاث:
1 حسنُ التوكّل في ما لم ينلْ.
2 حسنُ الرضا في ما قد نال.
3 حسنُ الصبر على ما قد فات.
سيدنا ابراهيم خليل الله عليه السلام يمتحنه عز وجل بعدم الانجاب فيصبر على هذا الامتحان حتى يبلغ من العمر ستا وثمانين سنة، وحينئذ تكون المكافأة من الله فيرزقه بغلامين:
1 غلام حليم.
2 غلام عليم
قال سيدنا موسى عليه السلام: «استعينوا بالله واصبروا فإن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين».
قال أحد الشعراء:
بالصبر تبلغ ما ترجوه من أمل
فاصبر فلا ضيق إلا بعده فرج
وقلّ من جدّ في أمر يحاوله
واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
قال الملك القدوس: {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين}. (الانفال: 46).
وقال العلي القدير: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}. (السجدة: 24).