قولوا لمن جَزِعوا أو لمْ يروا غَلَبَا
بشائرُ النصر لاحَتْ تُبْهجُ العَرَبَا
لا تيأسوا منْ دماءِ الطُّهْرِ إنْ كَثُرَتْ
هو الجِهادُ وأمْرُ اللهِ قد وَجَبَا
إمّا قعودٌ وذلُّ الدَّهْرِ يثقِلُنا
أوِ الفداءُ بأرواحٍ رَقَتْ حُجُبا
هوَ الجهادُ وبذلُ الروحِ تعْدِلُهَا
جِنَانُ خُلْدٍ لِمَنْ وَفّى وَمَنْ وَهَبَا
هُوَ الجهَادُ فَلا جَوْرٌ سَيُوقِفُهُ
نَمْضِي بهِ قُدُمَاً مَا شَحَّ أوْ نَضُبَا
بهِ أُمِرْنَا بهذا طُهْرُ أُمَّتِنَا
مَدَى الدُّهُورِ أيَنْأى مَنْ لَهَا انْتَسَبا؟
لولا الجهادُ تَرى أشْرَارَ عَالَمِنا
أسيادَ أرض وحقُّ الناسِ قَدْ سُلِبا
لَئِنْ تَرَكْنَاهُ خَوْفَ القَتْلِ أرْهَقَنَا
أعْدَاؤنا وَغَدَوْنَا عِنْدَهُمْ لُعَبَا
جهادنا عِزَّةٌ لِلنَّفْسِ يَرْفَعُنَا
فَلا نَرى مَقْصِداً إلا العُلا طَلَبا
لذاك رغَّبنا القَهَّارُ في طلبٍ
وَلِلشَّهيدِ جِنانُ الخُلْدِ منقَلَبا
سَنَبْذُلُ النَّفسَ لا نَخشى مَصَارِعَنَا
وهلْ لِبَاذِلِ نَفْسٍ يَتَّقِي العَطَبَا؟
وهلْ بَنَى دولَةَ الإسلام مُنْهَزِمٌ
أو راكِعٌ للعِدا منْ خَوْفِهِ اضْطَرَبَا؟
قَوْمي الغِضَابُ إذا مَا قَامَ طَاغِيَةٌ
يَدْعُو لِذُلٍّ فَمَا أعْتَاهُمُ غَضَبَا
كانوا الأُبَاةَ فما أحْنَوا ظهورَهُمُ
إلا لِرَبٍّ وكانُوا في الهُدَى شُهُبا
وَهَلْ أتَى النّصرُ دونَ البَذْلِ منْ دَمِهِمْ
سَلُوا التُّرَابَ فَكَمْ بالأحْمَرِ اخْتَضَبَا
لَئنْ تأخَّرَ نصرُ اللهِ لا تَهِنوا
زِيْدُوا الدُّعَاءَ وَقُوْمُوا لَيْلَكُمْ رَغَبا
في غَزْوَةِ الخَنْدَقِ المعْروفِ سِيْرَتُها
أتَتْ قُريشٌ بحَشْدٍ تَبْتَغِي الحَرَبَا
أغْرَتْ قبائلَ أعْرَابٍ إلى طَمَعٍ
لِغَزْوِ يَثرِبَ تَرجُو المالَ وَالسَّلَبَا
وَعَلَّقَتْ أمَلاً أنّ اليهودَ نَوَوا
غَدراً بأحْمَدَ قَوّى عندها الغَلَبا
أتوا بعشرةِ آلافٍ يقودُهُمُ
شرٌّ تَعَمّقَ في أفكارهمْ رِيَبَا
زَعَامَةٌ ألِفَتْ شَعْباً يَذِلُّ لَهَا
والدينُ في شَرْعِهِ سوّى الألى حسبا
أتَوْا بنِيرَانِ حِقْدٍ أجَّجَتْ لَهَباً
وَأخْطَرُ الحِقْدِ في قَلْبٍ زَكَا لَهَبا
سَلِ المدينةَ والقُرآنُ وَاصِفُهَا
والسَّاكِنُونَ بها قَدْ زُلْزِلُوا رَهَبا
وفي مَنَازِلِهِمْ هَاجَتْ قُلُوبُهُمُ
رامتْ حَنَاجِرَهُمْ تَبغِي لَهَا سَرَبا
والخوفُ أسْهَرَهُمْ في جَوْفِ مَأْمَنِهِمْ
فَمَا غَفَتْ أعْيُنٌ أوْ أطبَقَتْ هُدُبَا
قالوا البيوتُ لنا مَكْشُوفَةٌ لِعِدَىً
فَكَانَ مِنْ أمْرِهمْ أنْ أزمَعُوا هَرَبَا
محمدٌ بَيْنَهُمْ يُزكي بِهِمْ سِكَناً
لكنَّ قلبَهُمُ مِمَّا دَهَاهُ كَبَا
والمصطفى صامِدٌ في ثُلَّةٍ حَرَسَتْ
مَدَاخِلَ الدارِ حَقّاً مَا شَكَوا تَعَبَا
وَيَرْفَعُ الكَفَّ لِلدّيَّانِ يَسْأَلُهُ
نَصْراً لأمَّتِهِ منْ كَافِرٍ وَثَبَا
هذا امتحانٌ وَمَنْ يَثبُتْ يَفُزْ وَلَهُ
رِضوانُ ربٍّ وَأُخْرى زُيِّنتْ عَجَبَا
أُمَّ الشهيدِ فَلا تَبْكِي لِفَقْدِ فتىً
قد نالَ منزِلَةً أعلتْ لهُ الرُّتَبا
يا شامُ ذا قَدَرٌ أنْ تُقصَدي أبَداً
َعِنْدَكِ الخيرُ لو تَسْتَوضِحي السّبَبَا
يبدو بكِ الحُسنُ إغراءً لِمُنتهبٍ
فيُضمِرُ الغدرَ حتى يُدْرِكَ النَّهَبا
يا شامُ إنْ تشتكي من غاصبٍ ألماً
فغاصِبُ الشامِ حِقْداً أشعلَ الحَطَبا
لهُ بنيرونَ قُربى في الأذى ولهُ
بكلِّ جبّارِ قَوْمٍ في الأُلى نَسَبَا
كَالأُخْطُبُوطِ جَثَا في أذرُعٍ كثُرتْ
إنْ شُلَّ منها ذراعٌ هبَّ مُكتئبا
وَقَبْلَهُ مَرَّكِ الأشرارُ يَقْذِفُهُمْ
غربُ وشرقٌ رأوا في أرضكِ الذّهَبا
فجاءَ صبرُكِ إعداداً لعاصفةٍ
تمزّقُ الشّرَّ تَحْمِي الإرثَ والكُتُبا
فَدَرْبُكِ الحقُّ لا تَخْشَي سِهامَ عِدىً
وَسَهْمُكِ الحقُّ في قلبِ العِدا نَشِبا
كم منْ رؤوسٍ هَوَتْ والشّامُ شامخة
تَنْعَى جَبَابرةً دانتْ لهم حُقُبا
فما رأوا عِبْرَةً في مَنْ مَضَوا صَلَفاً
زاغت عيونُهُمُ أو أُسْكِروا طربا
صُمُودُكِ الدهرَ رغمَ البغي معجزةٌ
تاريخُنا شاهدٌ والدّهْرُ قد كَتَبَا
واليومَ يَا شَامَنَا حُمْرٌ شوارِعُنا
منْ نزْفُِ أبطالِنا ويلٌ لمن غَصَبَا
بَراعمٌ قد نمتْ أبدتْ أصَالَتَهَا
فكانَ منْ أمْرِهَا أنْ أُصْلِيَتْ لَهَبَا
يحميكِ يا شَامَنَا رَبٌّ نلوذُ بهِ
منْ غائلٍ وَقِحٍ والرأسُ قد صَلُبا
عاشَ افْتِراءً معَ الإعلام يِخْدَعُنَا
فَكُلُّ أقوالِهِ قدْ أصبحتْ كَذِبا
ياربِّ واجعلْ مُبِيْراً تحتَ أرْجُلِنَا
جزاءَ إجرامِهِ مَا اغْتَالَ أو نَهَبَا
د. محمد منير