يا حُبَّ إِنَّ دَواءَ الحُبِّ مَفقودُ** إِلّا لَدَيكِ فَهَل ما رُمتُ مَوجودُ
قالَت عَلَيكَ بِمَن تَهوى فَقُلتُ لَها** يا حُبَّ فوكِ الهَوى وَالعَينُ وَالجيدُ
لا تَلعَبي بِحَياتي وَاِقطَعي أَمَلي** صَبراً عَلى المَوتِ إِنَّ المَوتَ مَورودُ
رُؤياكِ تَدعو المَنايا قَبلَ مَوقِتِها ** وَإِن تُنيلي فَنَيلٌ مِنكِ مَخلودُ
أَنتِ الأَميرَةُ في روحي وَفي جَسَدي** فَاِبري وَريشي بِكَفَّيكِ الأَقاليدُ
لا تَسبِقي بي حِمامَ المَوتِ وَاِنتَظِري **يَوماً كَأَن قَد طَوَتني البيضُ وَالسودُ
قَد لامَني فيكِ أَقوامٌ فَقُلتُ لَهُم ** ما ذَنبُ مَن قَلبُهُ حَرّانُ مَجهودُ
ما كُنتُ أَوَّلَ مَجنونٍ بِجارِيَةٍ** تَسَفَّهَت لُبَّهُ وَالمَرءُ صِنديدُ
أَغرى بِهِ اللَومَ أُذنٌ غَيرُ سامِعَةٍ ** وَأَحوَرُ العَينِ في سِمطَينِ رِعديدُ
أَحبَبتُ حُبّى وَما حُبّى بِمُطَّلَبي ** مَن لَيسَ لي عِندَهُ إِلّا الجَلاميدُ
بِئسَ العَطِيَّةُ مِن حُبّى لَنا حَجَرٌ ** بَل لَيسَ لي حَجَرٌ مِنها وَلا عودُ
تَغدو ثَقالاً وَتُمسي في مَجاسِدِها ** كَأَنَّها صَنَمٌ في الحَيِّ مَعبودُ
نامَت وَلَم أَلقَ نَوماً بَعدَ رُؤيَتِها ** وَهَل يَنامُ سَخينُ العَينِ مَعمودُ
يا حُسنَ حُبّى إِذا قامَت لِجارَتِها** وَفي الرَواحِ هَضيمُ الكَشحِ أُملودُ
كَأَنَّها لَذَّةُ الفِتيانِ موفِيَةً ** وَسَكرَةُ المَوتِ إِن لَم يوفَ مَوعودُ
تُؤتيكَ ما شِئتَ مِن عَهدٍ وَمِن عِدَةٍ** فَالوَعدُ دانٍ وَبابُ النَيلِ مَسدودُ
قَد صَرَّدَت هامَتي حُبّى بِبَخلَتِها ** ما خَيرُ عَيشِ الفَتى وَالكَأسُ تَصريدُ
إِنّي لَأَحسُدُ مَولوداً مَشى قَدَماً ** وَبي مِنَ الداءِ ما لَم يَلقَ مَولودُ
أَرى الإِزارَ عَلى حُبّى فَأَحسُدُهُ ** إِنَّ الإِزارَ عَلى ما ضَمَّ مَحسودُ
يا دامَ كُنتِ لِحاجاتي وَصاحِبَتي** حَتّى اِشتَكَيتُ وَغالَ النَومَ تَسهيدُ
قولي لِحُبّى فَقَد أَحبَبتُ رُؤيَتَها ** لَو كانَ لي مِنكِ تَقريبٌ وَتَبعيدُ
قَرَّت بِكِ العَينُ أَو بِتنا عَلى طَمَعٍ ** مِنَ النَوالِ وَطابَ اللَهوُ وَالغيدُ
لا خَيرَ في عِدَةٍ لَيسَت بِمُنجَزَةٍ ** فَأَنجِزي الوَعدَ إِنَّ الجودَ مَحمودُ
لَيسَ المُحِبُّ كَكَمّونٍ بِمَزرَعَةٍ ** إِن فاتَهُ الماءُ أَغنَتهُ المَواعيدُ
إِن لَم تَجودي بِمَوعودٍ فَلا تَعِدي ** ما أَقبَحَ الوَعدَ حَتّى زانَهُ الجودُ
سَأَلتُ حُبّى فَما عادَت عَلى رَجُلٍ ** لِسانُهُ عَن سُؤالِ الناسِ مَعقودُ
كَأَنَّهُ يَتَّقي الحَيّاتِ فاغِرَةً **لا بَل كَأَنّي عَنِ المَعروفِ مَجدودُ
وَالحُرُّ يُعطيكَ عَفواً مِن فَواضِلِهِ ** قَبلَ السُؤالِ وَسَيبُ العَبدِ مَنكودُ