وراء كل امرأة نكدية رجل!!
"زوجتي نكدية" مصطلح تجده في معظم شكاوي الرجال، ومبرر لمعظمهم عندما يفكر في الزواج
مرة أخرى، فصار الرجل يخاف الزواج حتى لا "يجلب" من تعكر صفو حياته، وتحرق أعصابه
بسبب وبدون سبب، وقد يعتقد البعض فعلاً أن المرأة النكدية يهرب منها زوجها للبحث عن الحب
والسعادة بعيداً عنها، فهل تساءل هؤلاء لماذا تكون المرأة نكدية؟؟
الرجل يرى أن النكد ليس فقط المشاكل والخلافات والصوت العالي من قبل زوجته، إنما يرى أنه
من ضمن أساليب النكد عند المرأة الصمت المصاحب لنظرة سخرية، أو نظرة غير نظرة الاحترام
التي تنظر له بها دائماً أثناء الكلام الطيب الجميل في الحديث بينهما، يراها متمردة، وتعامله معاملة
الند بالند، لكنه قد لا يستطيع الاستغناء عنها، فهذا الصحابي الذي أساءت له زوجته سنوات،
وشجعه جيرانه على طلاقها، فرفض فقالوا له لما؟؟ قال أخشى أن يبتلى بها غيري!!
وقد ثبت علمياً أن كل الصفات السلوكية تتأثر بالبيئة والظروف حتى ولو كانت وراثية وليست
مكتسبة، كذلك النكد أو الطبع الصعب قد يكون وراثياً عند البعض، وقد يكون مكتسبا، لكن في
الحالتين نقول أن البيئة والعوامل والظروف المحيطة بالشخص تؤثر في درجة ميله للنكد، أو درجه
تعامله بطبع صعب، فالزوج أو الزوجة قد يكون قد نشأ في أسره تتعامل بتصرفات صعبة، ومثيرة
للمشكلات والخلافات، فأصبح معتادا على ذلك.
والزوج أيضاً نكدي
وللأسف لا يدرك الرجل أنه قد يكون هو من يثير نوبات النكد عند زوجته، بالضغط عليها في
المسؤوليات التي يلقيها عليها، مسؤوليات البيت وتربية الأبناء والخروج للعمل أحياناً، فيكون
الإجهاد والتعب النفسي والجسدي في صورة النكد، فمشاركة الرجل زوجته في كل همومها يذهب
خوفها وقلقها، فالله عز وجل يقول: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي
بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
وكما أن هناك زوجة نكدية فهناك زوج نكدي كذلك، وهم أشخاص دائمين البحث عن المتاعب ولا
يستطيع أن يعيش في هدوء، وعلمياً يسمون "ذوي الطباع الصعب"، وسيء الحظ من يملك
أصدقاء، أو أحدا قريبا منه ذو طبع صعب، لكن هناك أمل وطرق علمية كثيرة للتعامل معهم، وقد
يكون وجود زوجين نكديين هو شكل من أشكال التوافق وقد يستطيعون التعامل والتفاهم على هذا
الأساس، وهناك خطوات للتعامل مع الزوج أو الزوجة النكدية أولها التعرف على أسباب مشاكل
الطرف الآخر التي تجعله نكدي، فهناك أشخاص نكديون بسبب الغيرة، أو سرعة العصبية، أو عدم
الرغبة في النقاش بوقت معين، أو كره بعض التصرفات، والزوج الذكي هو الذي يتعرف على
مشكلات زوجته، والأشياء التي تغضبها ويتجنبها، ويجب أن يدرك الزوجين أنه لا يوجد أحد
متكامل أو مثالي، فكل زوج له عيوب، ويجب على الطرفين تقبل هذه العيوب كما وصف الله تعالى
العلاقة الزوجية بالمودة والرحمة، ونلاحظ أن هذا يشمل تقبل الطرف الآخر كما هو دون رغبة في
تغييره، والعطف وعدم سيطرة طرف على الآخر، وحتى عدم استغلال حب طرف للأخر، فالرحمة
ليست فقط عند الغضب، لكن أيضاً عند الحب، ولا يجب غلق أي نقاش بين الزوجين إلا عند
الوصول لأرض صلبة بحل هذه المشكلات، فنحن للأسف نعتمد على أن الوقت ينهى المشكلات، لكن
هذا ليس صحيح، فتأجيل حل الخلافات أو النقاش فيها تجعلها تتراكم ويصعب حلها، لكن يجب
اختيار الوقت المناسب لتصفيه هذه المشكلات والمصالحة.
كيف نواجه أسباب النكد؟؟
ويجب أن يدرك الزوجين أن كل طرف يتحمل من مسؤوليات وأعباء الزواج تماماً كما يتحمل
الطرف الأخر ويقدر ذلك، ومن الاختلافات السلوكية بين الرجل والمرأة والتي يجب على كل طرف
تفهمها جيداً، وهي أن الرجل لا يحب التحدث في المشكلة في وقتها ويؤخر ذلك حين الهدوء
والتفكير، في حين أن الزوجة تسعى للتحدث في المشكلة فور حدوثها، وتغضب عندما يطلب الرجل
التأجيل فيراها نكدية تسعى لمزيد من الخلافات والمشاكل، وعدم تفهم ذلك قد يؤدى لظن الزوجة أن
الزوج يؤخر الحديث كنوع من عدم الاهتمام بها.
كذلك من المهم اختيار الحالة النفسية، فلا يسعى الزوجين للحديث في وقت الإجهاد والتعب، أو في
وجود مشكلات أخرى أكبر، وعلمياً لا يجب أن يضغط أحد الأطراف نفسه كثيراً حتى لا ينفجر في
وقت لا يستحق الانفجار، ويجب أن يأخذ الزوجان فترات راحة وترفيه سواء بمقابلة كل زوج
لأصدقائه منفرداً، أو الخروج للتنزه وحيداً، وهكذا حتى يكون كل طرف قادرا على تحمل الضغوط
والمشكلات والمتاعب الطبيعية في الحياة الزوجية، وتؤكد الكثير من الإحصائيات أن أغلب
المشكلات بين الزوجين تكون بسبب شؤون البيت، سواء المصروف، أو نظافة وترتيب المنزل
وأعماله المختلفة، واتهام كل طرف الآخر بالتقصير رغم بساطة الموضوع، وتحل مثل هذه
المشكلات بقدر بسيط من النظام والاتفاق والنظر للموضوع بنظره سليمة، وتقديره بصورة
صحيحة، والتفكير هل يستحق مثل هذا الموضوع الحجم الكبير من المشكلات هذه؟؟
وللمستوى الثقافي دور كبير في إدارة المشكلات بين الزوجين وكلما زاد المستوى الثقافي لدى
الزوج أو الزوجة، كلما زاد إدراك ثقافة الاعتذار وتقبل الآراء الأخرى والتسامح، كما أنه لا يجب
أن يضغط كل طرف على الأخر بالتعامل ببرود شديد أو عدم الاكتراث لنكد الطرف الآخر، فيجب أن
يكون تعامله على مستوى الحدث حتى لا يستفزه.
حكيمة تدير دفة المشكلة بلا نكد!
ونرى حكاية رائعة عن امرأة عجوز زوجها ظل يكلمها بالكلام الجميل، والحب والرومانسية حتى
بعد أن كبر سنها، وكلما تكبر يكبر حبه لها، ويكتب لها الأشعار الجميلة، وتقول المرأة العجوز حين
كنت أغضب من زوجي أدخل عليه لا تتحول نظراتي إلى نظرات سخرية منه، ولا أستطيع في هذا
الوقت أن أغير من ابتسامتي، ولكن الابتسامة تخف على حسب درجة حدة الزوج في حديثه، لأنه
قد يفهم ابتسامتي سخرية، وعدم مراعاة حالة الغضب التي هو فيها، وبهذا لا يبدأ الشجار الذي
نراه في بيوت الكثيرين، فتقول المرأة إن زوجي حين يغضب لا أتقرب له في جمال صنع الطعام، أو
الشراب، أو الشكل والهيئة فقط، إنما حتى في الحوار، فإذا غضب أسكت حتى ينتهي من غضبه
حتى لا يدخل الشيطان بيننا.
ولا تتركي الغرفة خلال الحوار، فقد يظن أنك تهربين منه، ولا تريدين سماعه، فعليكِ بالصمت،
وموافقته على ما يقول حتى ينتهي ويهدأ، وأسلوب المقاطعة خطأ كبير فهو سلاح ذو حدين، فعندما
تقاطعين زوجك فترة قد يكون ذلك صعب عليه في البداية ويسعى لأن يكلمك، لكن بعد ذلك سيعتاد،
وإن قاطعتيه أسبوع سيقاطعك أسبوعين، فعليك أن تعوديه أنك الهواء الذي يستنشقه، والماء الذي
يشربه، ولا يستغنى عنك أبداً، كوني كالنسيم العليل وإياكِ والريح الشديدة.
وعندما تتعاملين بلطف وكأن شيئاً لم يكن، سيشعر بالإحراج ويسألك هل أنت غاضبة؟ ويبدأ
بالاعتذار عندما تقولين "لا لست غاضبة"، ولأن الاعتذار المباشر أمر صعب عند كثير من الرجال،
فقد يكون بالفعل والكلام الجميل.
النصف الفارغ من الكوب!
وقد تظل زوجة في نكد مستمر بسبب تركيزها على مشكلات زوجها وصفاته السيئة فقط، وهذا خطأ
كبير، فيجب أن تتذكر دائماً الصفات الحميدة، وتذكر ما يفعله بعض الأزواج من صفات أقبح
ومعاصي وكبائر وفواحش ومنكرات، وتحمد الله تعالى على أن رزقها زوج أفضل دينياً وأخلاقياً من
غيره، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يفرق مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقاً رضي منها
أخر).
وهناك بعض النصائح للزوجة التي تشعر بالضغوط المتواصلة، فالرياضة المنزلية الخفيفة للمرأة
تذهب عنها الكثير من الأحزان والأوهام والوساوس، وتجدد نشاطها وحيوتها، وتفتح آفاقها،
وتحافظ على قوامها ورشاقتها وجمالها، مما يبعث فيها روح التغيير والتجديد والالتجاء إلى
تصريف النقط السوداء من حياتها، وتغيير روتين الحياة يساهم في تقليل حدة الضغوط، ودعي
زوجك يشاركك ذلك فإنه يسعده أن يراكِ امرأة جديدة، وامنحيه الفرصة الحقيقية كي يشعر بأنكِ
تطلبين التغيير من أجله ومن أجلكما معاً، واقتنعي دائماً بأنك امرأة جميلة فاتنة، وأن جمالكِ وفتنتكِ
هذه خاصة بزوجكِ وأنك يجب أن تجعليها سلاحاً لجذبه وحبه فحافظي عليهما دون غرور.
وتعودي تفريغ ما تتعرضين له من كبت وغضب كما أمر الإسلام بأن تتوضئي وتصلي ركعتين أو
أن تغيري من وضعكِ، فإن كنت واقفة فاجلسي وأن كنت جالسة فاضطجعي، بعدها يمكن أن تكوني
طبيعية هادئة تقبلين المواقف من حولك بإيجابية وبدون غضب، فالنكد قبر الدنيا، وصاحبه ميت
هزيل الجسم ضعيف الصحة قبيح الوجه في نظر من حوله، يراه الناس كأنه شيطان!
وأخيراً فتذكري أنه ما من رجل يصبر على العيش مع امرأة نكدية فهو يقول: مالي وامرأة كهذه؟
النساء كثير، إنني لم أخلق لأدفن نفسي في قبر امرأة حمقاء، فإلى الجحيم هذه السوداوية، لأبحث
عن من تخرجني للنور والسعادة بدل الشقاء الذي أعيشه مع هذه النكدية، فحافظي على بيتكِ
وزوجكِ، كذلك البيت الخالي من الضحك والسرور يغيب عنه التفاؤل مثلما تغيب الشمس عن الكون
فتلتهمه الأمراض، وهذا يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية
الحلوة ويزيد من الرصيد السلبي المر، ويعتاد الزوجان على حياة خالية من التفاهم وخالية من
السرور ويصبح البيت قطعة من جحيم فتنطوي الزوجة على نفسها ويهرب الزوج من البيت،
وتتسع الهوة كان من الممكن ألا توجد لو كان هناك أسلوب إيجابي للتفاهم بدلاً من النكد.
echoroukonline