لسلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
1-أملاك النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-:
لقد كان للنَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ–في حياته من السِّلاحِ، والأثاثِ، والخيلِ، والدَّوابِّ، والكِسْوةِ،والمنائحِ واللِّقاحِ,وغير ذلك من الأشياء التي لابُدَّ له منها،وكان له أرضٌ بِفَدَك وخَيِبَر،وقد ذَكَرَ ابنُ القَيِّمِ-رحمه الله – سلاحَهُ وأثاثَهُ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ–,فَقَالَ:
كانَ له تسعة أسياف:
مأثور: هو أول سيف ملكه، ورثه من أبيه.
والعضب،وذو الفِقَار،بكسر الفاء،وبفتح الفاء،وكانَ لا يكادُ يُفارِقُهُ،وكانت قائمتُهُ وقبيعتُهُ وحلقتُهُ وذؤابتُهُ وبكراتُهُ،ونعلُهُ من فِضَّةٍ.والقلعي والبتَّار، والحتف، والرَّسوب، والمِخْذَم، والقضيب، وكان نَعْلُ سيفِهِ فِضَّةً، وما بين ذلك حلق فضة.
وكان سيفُهُ ذو الفقار تنفَّلَهُ يوم بدر،وهو الذي أُري فيه الرُّؤيا(1)؛ودَخَلَ يوم الفتحِ مَكَّةَ,وعلى سيفِهِ ذهبٌ وفِضَّةٌ.
وكان له سبعةُ أدرعٍ:
ذاتُ الفُضُولِ:وهي التي رهنها عندَ أبي الشَّحمِ اليهوديِّ على شعيرٍ لعيالِهِ،وكان ثلاثينَ صاعاً،وكان الدَّينُ إلى سنةٍ،وكانتِ الدِّرعُ من حديدٍ وذات الوِشَاحِ، وذات الحواشي،والسَّعدية,وفضة،والبتراء,والخِرْنِق.
وكان له سِتُ قِسِيٍّ:الزَّوراء،والرَّوحاء،والصفراء،والبيضاء،وال كتوم كُسِرَتْ يوم أحد،فأخذها قتادةُ بن النُّعمانِ،والسداد.
وكانت له جُعبةٌ تُدعى: الكافور،ومنطقة من أديم منشور فيها ثلاث حلق من فضة،والأبزيم من فِضَّة، والطرف من فضة،وكذا قالَ بعضُهم,وقال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّة:لم يبلغْنا أنَّ النَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ– شدَّ عَلَى وَسَطِهِ منطقةً.
وكان له تُرسٌ يُقال له:الزَّلوق،وترس يُقَال له: الفُتَق,قيل: وتُرسٌ أُهديَ إليه،فيه صورةُ تمثالٍ،فوضع يدَهُ عليه, فأذهب اللهُ ذلك التَّمثالَ.
وكانتْ له خمسةُ أرماحٍ،يُقَالُ لأحدِهِم:المُثوي،والآخر: المُثْني.
وحَرْبةٌ يُقالُ لها: النبعة،وأخرى كبيرة تُدعى: البيضاء،وأُخرى صغيرة، شبه العُكَّاز يُقالُ لها:العنزة يُمشى بها بين يديه في الأعياد،تُركز أمامه،فيتخذها سترة يُصلِّي إليها،وكان يمشي بها أحياناً.
وكان له مِغْفرٌ من حديدٍ يُقَالُ له:الموشَّحُ،وُشِّحَ بشبهٍ(النحاس الأصفر),ومِغْفَر آخر يُقال له:السَّبوغ،أو: ذو السبوغ.
وكان له ثلاث جباب يلبسُها في الحربِ:قيل فيها:جُبَّةُ سندسٍ أخضر،والمعروفُ أنَّ عُروةَ بنَ الزُّبيرِ كَانَ لَهُ يلمق(هو القباء, فارسي مُعرَّب)من ديباج،بطانته سندس أخضر،يلبسه في الحرب،والإمام أحمدُ في إحدى روايتيِهِ يُجوِّزُ لُبسَ الحريرِ في الحربِ.
وكانت له رايةٌ سوداء يُقَالُ لها: العُقَاب.وفي"سُنن أبي داودَ"عن رَجُلٍ من الصَّحَابةِ,قَالَ:رأيتُ رايةَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-صفراء،وكانت له ألويةٌ بيضاءُ،وربما جعل فيها الأسود.
وكان له فِسَطاطٌ يُسمَّى:الكن،ومحجن قدر ذراع أو أطول,يمشي به ويركب به ويعلقه بين يديه على بعيره، ومِخصَرة تُسمَّى:العُرْجُون،وقضيب من الشَّوحطِ يُسمَّى:الممشوق.قيل: وهو الذي كان يتداوله الخلفاء.
وكان له قدح يُسمَّى: الرَّيَّان،ويسمى مغنياً وقدح آخر مضبب بسلسة من فضة.
وكان له قدح من قوارير، وقدح من عيدان يوضع تحت سريره يبول فيه بالليل، وركوة تُسمَّى: الصادر، قيل وتور من حجارة يتوضأ منه، ومخضب من شبهٍ. وقعب يُسمَّى: السعة، ومغتسل من صُفْر ومدهن، وربعة يجعل فيها المرآة والمشط. قيل: وكان المشط من عاج، وهو الذَّبْلُ، ومكحلة يكتحل منها عند النوم ثلاثاً في كل عين بالإثمد، وكان في الربعة المقراضان والسواك.
وكانت قصعة تسمى: الغراء، لها أربع حلق، يحملها أربعة رجال بينهم، وصاع، ومد، وقطيفة، وسرير قوائمه من ساج، أهداه له سعد بن زُرارة، وفراش من أدم حشوه ليف.
وهذه الجملة قد رُويت متفرقة في أحاديث.
وقد روى الطبراني في (معجمه) حديثاً جامعاً في الآنية من حديث ابن عباس قال: (كان لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – سيف قائمته من فضة، وقبيعته من فضة، وكان يُسمَّى ذا الفقار، وكانت له قوس تسمى: السداد، وكانت له كنانة تسمى الجمع، وكانت له درع موشَّحة بالنحاس تُسمَّى: ذات الفضول، وكانت له حربة تسمى: النبعاء، وكان له محجن يسمى: الدقن، وكان له ترس أبيض يسمى الموجز، وكان له فرس أدهم يسمى السَّكْب، وكان له سرج يسمى: الداج، وكانت له بغلة شهباء تسمى دُلدُل، وكانت له ناقة تسمى: القصواء، وكان له حمار يسمى: يعفور، وكان له بساط يسمى: الكن، وكانت له عنزة تسمى: القمرة، وكانت له ركوة تسمى: الصادرة، وكانت له مقراض اسمه: الجامع، ومرآة، وقضيب شوحط يسمى: الموت).
أما دوابه-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ–:
فمن الخيل: السَّكْب. والمُرْتجز، واللحيف، واللزاز، والظَّرب، وسَبْحَة، والوَرْدُ، فهذه سبعة متفق عليها، جمعها الإمام أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن جماعة الشافعي في بيت فقال:
والخيلُ سَكْبٌ لُحَيْفٌ سَبْحةٌ ظَرِبٌ لِزَازُ مرتجزٌ وَرْدٌ لَها اسْرَارُ
وكان له من البغال دُلدُل، وكانت شهباء، أهداها له المقوقِس. وبغلة أخرى يقال لها: (فضة) أهداها له فروة الجذامي، وبغلة شهباء أهداها له صاحب أيلة وأخرى أهداها له صاحب دومة الجندل، وقد قيل: إن النجاشي أهدى له بغلة فكان يركبها.
ومن الحمير: عُفَير، وكان أشهب، أهداه له المقوقِس ملك القبط، وحمار آخر أهداه له فروة الجذامي، وذُكر أن سعد بن عُبادة أعطى النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – حماراً فركبه.
ومن الإبل القصواء، قيل: وهي التي هاجر عليها والعضباء، والجدعاء، ولم يكن بها عضب ولا جدع.
وغنم-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – يوم بدر جملاً مهرياً لأبي جهل في أنفه بُرةٌ من فضة، فأهداه – ذبحه هدياً- يوم الحديبية ليغيظ به المشركين.
وكانت له خمس وأربعون لقحة، وكانت لهُ مَهْرِيَّةٌ أرسل بها إليه سعد بن عبادة من نعم بني عقيل.
وكانت له مائة شاة وكان لا يريد أن تزيد، كلما ولَّد له الراعي بهمة ذبح مكانها شاة، وكانت له سبع أعنز منائح ترعاهن أم أيمن. باختصار من "زاد المعاد" (1/130-135).
ولما فتح خيبر وقسم أرضها، وكانت ثلاثة آلاف وستمائة سهم، فكان لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – والمسلمين النصف من ذلك، وهو ألف وثمانمائة سهم لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – سهم كسهم أحد المسلمين، وعزل النصف الآخر، وهو ألف وثمانمائة سهم لنوائبه وما ينزل به من أمور المسلمين.
وأما فدك فقد كانت لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – خالصة؛ لأنه لم يُوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب.
وقال حماد بن إسحاق بن إسماعيل بعد ذكر تركته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: "ووقفت هذه الأشياء التي ذكرناها من الأموال التي أفاءها الله عليه، والكسوة والخيل والبغلة والحربة، وما ذكرنا مع ذلك بعد وفاته على أن ذلك كله صدقة بقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -. (ما تركنا فهو صدقة).
وكانت غلات الضياع تقسم في سبل الخير على ما كان يقسمها - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – في حياته.
وأما ما سوى ذلك مثل البغلة، والحربة، والكسوة، والسلاح، والسرير – والخاتم- فوقف أيضاً يتجمل به الأئمة المسلمون بعده، ويتبركون به كما كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – يتجمل به، وكان ذلك في أيدي الأئمة واحداً بعد واحد. (تركة النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- :113)
2- ما تركه النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ –بعد موته من التركة:
عن عمرو بن الحارث- رَضِيَ اللهُ عنهُ –قال ما ترك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – ديناراً ولا درهماً ولا عبداً ولا أمة، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها وسلاحه وأرضاً جعلها لابن السبيل صدقة). البخاري ,كتاب المغازي ,باب مرض النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -، ووفاته (7/755) رقم (4461).
وعنه قال: ما ترك رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ–عند موته درهماً ولا ديناراً، ولا عبداً ولا أمة، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء، وسلاحه وأرضاً جعلها صدقة). البخاري مع الفتح كتاب الوصايا باب الوصايا (5/419)- رقم (2739).
قال ابن حجر: قوله: ولا عبداً، ولا أمةً، أي في الرق، وفيه دلالة على أن من ذكر من رقيق النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – في جميع الأخبار كان إما مات و إما أُعتق، واستُدل به على عتق أم الولد بناءً على أن مارية والدة إبراهيم ابن النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ –عاشت بعد النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-،وأما على قول من قال: إنها ماتت في حياته-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ–فلا حجة فيه.
وقوله: (ولا شيئاً),وفي رواية الكشميهني (ولا شاة), والأول أصح وهي رواية الإسماعيلي أيضاً من طريق زهير، نعم روى مسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم من طريق مسروق عن عائشة قالت: (ما ترك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – درهماً ولا ديناراً، ولا شاةً ولا بعيراً، ولا أوصى بشيء). فتح الباري (5/424).
وقال عروة عن عائشة قالت: توفي رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ–وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد رطب إلا شطر شعير في رف لي، فأكلت منه حتى طال علي، فكلته ففني. البخاري كتاب فرض الخمس باب نفقة نساء النَّبيّ بعد وفاته (6/241) رقم (3097)، ومسلم كتاب الزهد والرقائق (4/2282) رقم (2973).
وقالت: تُوفي رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ –ودرعه مرهونة بثلاثين صاعاً من شعير. أخرجه البخاري كتاب الجهاد والسير باب ما قيل في درع النَّبيّ والقميص في الحرب (6/116) رقم (2916).
قال ابن كثير: (باب بيان أن النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ–لم يترك ديناراً ولا درهماً ولا عبداً ولا أمة ولا شاة ولا بعيراً ولا شيئاً يُورث عنه: بل أرضاً جعلها كلها صدقة لله - عزَّ وجلَّ -). البداية والنهاية (3/247).
وقال : (تنبيه: قد وردت أحاديث كثيرة في ذكر أشياء كان يختص بها صلوات الله وسلامه عليه في حياته من دور ومساكن نسائه، وإماء وعبيد وخيول، وإبل وغنم وسلاح، وبغلة وحمار، وثياب، وأثاث، وخاتم وغير ذلك.. فلعله عليه السلام تصدق بكثير منها في حياته منجزاً، وأعتق من أعتق من إمائه وعبيده وأرصد ما أرصد من أمتعته مع ما خصه الله به من الأرضين، من بني النضير وخيبر وفدك في مصالح المسلمين).
البداية والنهاية (3/248-249). بتصرف يسير.
----------------------------------------------------
1 - الرؤيا التي رآها هي:عن ابن عباس قال: (تنفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، فقال: (رأيت في سيفي ذي الفقار فَلَّاً فأولته فلا يكون فيكم، ورأيت أني مردف كبشاً، فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينةٍ، فأولتها المدينة،ورأيت بقراً تذبح، فبقرُ والله خير، فبقر والله خير)،فكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم).رواه أحمد
منقول