سئمت تكاليف الحياة ومن يعـــــــــــش
زهير بن أبي سُلمى
سئمت تكاليف الحياة ومن يعـــــــــــش
ثمانين حولاً، لا أبالك، يســــــــــــــأم !
واعلم ما في اليوم، والأمس قبلـــــــــه
ولكنني عن علم ما في غد عمــــــــي !
رأيت المنايا خبط عشواء من تصـــــب
تمته، ومن تخطئ يعمِّر فيهــــــــــــرم !
ومن لا يصانع في أمور كثيــــــــــــــرة
يضرِّس بأنياب، ويوطأ بمنســــــــــــــم
ومن يجعل المعروف من دون عرضــــه
يفره، ومن لا يتق الشتم يشتــــــــــــــم
ومن يك ذا فضل، فيبخل بفضلــــــــــــه
على قومه، يستغن عنه ويذمــــــــــــــم
ومن يوف لا يذمم، ومن يهد قلبـــــــــه
إلى مطمئن البر لا يتجمجـــــــــــــــــــم
ومن ساب أسباب المنايا ينلنـــــــــــــه
وإن يرق أسباب السماء بسلــــــــــــــم
ومن يجعل المعروف في غير أهلــــــــه
يكن حمده ذماً عليه، وينــــــــــــــــــدم
ومن يعص أطراف الزجاج، فإنـــــــــــه
يطيع العوالي ركبت كل لهـــــــــــــــــدم
ومن لا يذد عن حوضه بســــلاحـــــــه
يهدم، ومن لا يظلم الناس يظلـــــــــــــم
ومن يغترب يحسب عدواً صديقــــــــــه
ومن لا يكرم نفسه لا يكـــــــــــــــــــرّم
ومهما تكن عند امرئ من خليقـــــــــــة
وإن خالها تخفي على الناس تعلــــــــــم
وكائن ترى من صامت لك معجـــــــــب
زيادته أو نقصه في التكلــــــــــــــــــــ م
لسان الفتى نصف ونصف فــــــــــؤاده
فلم يبقى إلا صورة اللحم والــــــــــــدم
زهير بن أبي سلمى
هو زهير بن أبي سلمى ـ واسم أبي سلمى : ربيعة بن رباح المزني من مزينة ابن أد بن طايخة .
كانت محلّتهم في بلاد غطفان ، فظنّ الناس أنّه من غطفان ، وهو ما ذهب إليه ابن قتيبة أيضاً .
وهو أحد الشعراء الثلاثة الفحول المقدّمين على سائر الشعراء بالاتّفاق ، وإنّما الخلاف في تقديم أحدهم على الآخر ، وهم : امرؤ القيس وزهير والنابغة . ويقال : إنّه لم يتصل الشعر في ولد أحد من الفحول في الجاهلية ما اتصل في ولد زهير ، وكان والد زهير شاعراً ، واُخته سلمى شاعرة ، واُخته الخنساء شاعرة ، وابناه كعب ومجبر شاعرين ، وكان خال زهير أسعد بن الغدير شاعراً ، والغدير اُمّه وبها عرف ، وكان أخوه بشامة بن الغدير شاعراً كثير الشعر .